الخطاب السياسي في خطب الجمعة لشهيد المحراب (قدس سره)

motmar1

بحث شارك في المؤتمر الأول لإحياء التراث الفكري والعملي للشهيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم

الباحث: أ ـ م ـ د ـ علاوي سادر جازع

الخطاب السياسي في خطب الجمعة لشهيد المحراب (قدس سره)

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

اللهم إني أفتتح الثناء بحمد، وأنت مسدّد للصواب بمّنك، وأيقنت أنك أنت أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة، وأشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة.

والصلاة والسلام على محمد خير الأنام، وعلى آله الطيبين الكرام، وصحبه المنتجبين سبل السلام.

راودت نفسي منذ زمن أن أكتب شيئا عن شهيد المحراب سماحة آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)، فرحت أطالع مؤلفاته الكثيرة، وحاولت أن أجد نقطة إرتكاز حتى أبدا منها، لكنني كدت أتشتت في خضم بحره الزاخر، وفكره النير، وعقله الأخّاذ، ودقته في التعبير، وتزاحم علمه الجم، ووصوله إلى الحقيقة في أقصر طريق، حتى حسبته بحرا هائجا، وموجا متلاطما، وشهابا لا معا، ونورا متلألأ، وهو كذلك، ولكن بعد صبر وعناء، قررت أن أتحدث عن خطابه السياسي في خطب صلاة الجمعة ـ التي أقامها في صحن جده أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا أعلم أن أحدا أقامها قبله في هذا المكان المقدس على حد علمي المتواضع ـ إنطلاقا من أمرين رئيسين:

1 ـ إن سماحته أعطى جُلّ تجاربه التي خاضها في العلوم الدينية والسياسية على مدى أكثر من نصف قرن في هذه الجمع الأربع عشرة المباركة، فهي متزاحمة الأفكار، متدفقة في شتى علوم المعرفة الدينية والسياسية.

2 ـ إن هذه الجمع الأربع عشرة ـ وقد حضرتُ عددا منها ـ تعجَّ بالمعارف السياسية ما يصلح أن يكون مشعلا مضيئا للأجيال الحالية والقادمة؛ لتنير دربهم، وتبصرهم في أمورهم، وترسم لهم الخطى؛ لتخطي الصعاب وتذليلها وعبور المتناقضات وهناتها، حتى تصل بهم إلى شواطئ الأمان بإذن الله تعالى، وسأتبع في دراساتي هذه للخطاب السياسي عند سماحة السيد شهيد المحراب (قدس سره) على كل ما جاء به من أمور سياسية في هذه الخطب منفردة حتى تعم الفائدة، وأن لا يحصل تداخل فيما بينها، ومن خلال ذلك سأوضح الأمور التي توقف عندها كثيراً.

وأخيرا أود أن أبيّن أن هذه الخطب فيها معارف مختلفة تناولت في هذا البحث جانبا واحدا، هو الخطاب السياسي، ويمكن للآخرين أن يتناولوا الجوانب الأخرى لأهميتها، والحمد لله رب العالمين.

تمهيد

كان سماحة الإمام آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)[1] شهيد المحراب علما مبرزا من أعلام العراق الحديث، ووضوح الهدف والبصيرة الثاقبة، وحّد الأمة بخطابه الناضج، وسياسيا مفلقا، ولوذعياً جهبذا حتى شهد الأعداء له بذلك (والفضل ما شهدت به الأعداء) تصدّى سماحة السيد الحكيم إلى القيادة الدينية والسياسية على نحو واضح بعد إستشهاد أستاذه الإمام المرجع آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر، فهو اقرب تلاميذه إليه، وعضده الفدى[2]، وأخوه في المهمات الصعبة، وكان يعي المسؤلية الملقاة على عاتقه، بعد الفراغ الكبير الذي حصل في إستشهاد الإمام الصدر، فهاجر إلى الجمهورية الإسلامية في إيران، وتصدى إلى العمل السياسي العبادي والجهادي، وكلّفه ذلك الكثير، إذ أقدم النظام البائد على إرتكاب مجزرة بشعة بحق عائلة آل الحكيم الكرام، فقد قتل الكثير من عمالقتها، ومارس بحقهم الإبادة الجماعية، وبلغ مجموعة ما قتل من هذه العائلة الكريمة أكثر من ثلاثة وستين رجلا بين مجتهد، وطالب علم، ومثقف، ويافع، وطفل، وقد روى لي أحد نزلاء (أبي غريب الرهيب): إن في هذا السجن سيء الصيت جناحا كاملا لآل الحكيم لا يدخله غيرهم، كل هذه الأمور لم تفت في عضد سماحة السيد الإمام شهيد المحراب محمد باقر الحكيم (قدس سره)، بل زاد من إصراره على مواصلة الدرب، حتى تحقيق النصر، وقد تعرض سماحته إلى مصاعب كبيرة وجمة من أجل النصر، إذ تخلّى عنه عدد من رفاق الدرب؛ بسبب اليأس الذي أصابهم بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة، وبقي صابرا صامدا محتسبا حتى قوّض الله أركان الظلم والطاغوت بسقوط الدكتاتورية الصدامية المّقيتة، وعاد إلى العراق الحبيب، وطالما حلم بعودته إلى بلده، وكان حلماً غالياً، وقد حققه الله بصبر المجاهدين، وصلابتهم، وبدماء الشهداء وأرواحهم، وبدموع الثكالى وآهاتهم، ودعاء الغيارى وإبتهالاتهم.

دخل البصرة بتاريخ 11/ 5/ 2003م واستقبلته القلوب قبل الأبدان، وهتفت الجماهير على نحو عفوي (أهلا بالسيد جايب ريحة جده وياه). ولم تشهد البصرة يوما كيوم استقباله، إذ غصّت الساحات والشوارع والأزقة، ولكل مكان مرَّ بهِ موكبه المقدس. وحصل مثل هذا وربما يزيد في طريق عودته المباركة إلى النجف الأشرف من خلال مروره في محافظات السماوة، والناصرية، والديوانية، وبعد ذلك في كربلاء المقدسة. هذا التدفق المليوني الذي حظي به جنابه المقدس أغاض الأعداء، وزاد من وساوسهم اتجاهه؛ لأنهم ذهلوا بهذا الاستقبال غير المسبوق، فضلا عن إقامته لصلاة الجمة في صحن جده أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي ألّف قناة إتصال ثابتة بينه وبين جماهيره المتعطشة والمتلهفة لطلعته البهية، ولآرائه السديدة، وتوجيهاته الحكيمة، وحكمته الناجعة، وقدرته التحليلية الدقيقة، وأسلوبه الفاتن الساحر، وكيف لا؟ وقد دخل مخزون فكره، وجل علمه وخبرته، وتراكم آهاته، وكثرة معاناته، وقد جسّد كل هذا في عودته المباركة، كل هذه مجتمعة وغيرها ألبّت قوى الشر والظلام، قوى الحقد والكراهية، قوى الجهل والتخلف، وكل ما يرتبط بها من قريب أو بعيد للنيل من مذهب آل البيت (عليهم السلام) بتغييب عَلَمٍ من أعلامهم، وجهبذ من جهابذتهم، وراية من راياتهم، وقائد مبرز من قادتهم، فحدثت الفاجعة الكبرى في الأول من رجب المرجب الموافق 29/ 8/ 2003م في مجزرة كربلاء النجف الأشرف في عاشورا الصحن الحيدري المعظّم، ولم يُمهل أكثر من ثلاثة أشهر وتسعة عشر يوما، إذ غُيّب سماحة الإمام الحكيم (قدس سره) ومجموعة مؤمنة طاهرة محتسبة كانت تؤدي شعيرة من شعائر الله.

وبتغيبه هوى نجم لامع، ومالت راية خفاقة، وتدكدك جبل على سهل، وساخ السهل في البحر، وثلم في الإسلام ثلمة لايسدها شيء… فسلام عليك يا أبا صادق ما بقيت وبقي الليل والنهار، وسلام عليك يا أبا صادق ما بقيت الجبال الشامخات، وسلام عليك يا أبا صادق ما رست الراسيات، وسلام عليك يا أبا صادق ما تجددت الآهات، وعظمت الرزيات، وسلام عليك يا أبا صادق في ولادتك الطاهرة، ويوم هجرتك المباركة، ويوم عودتك الميمونة، ويوم عروج روحك وجسدك إلى السماء من باب جدك المرتضى.

قالوا: الحكيم بباب المرتضى صُرعا           فقلت: لا، بل إلى ربّ السما رُفعا

سأتناول في هذا البحث الخطاب السياسي للإمام الحكيم (قدس سره) في جمع الأربع عشرة.

أدلى سماحته (قدس سره) بآرائه القيمة والمتميزة بخصوص الأوضاع في العراق، والمنطقة العربية والإسلامية، إذ وضعت هذه الآراء خطة عمل مستقبلية للساسة العراقيين جميعا، فهي آراء للعراقيين كافة، فخطابه كان خطابا موحدا، وعندما يتحدث عن ألم العراقيين كأنه يتحدث عن آلام العراقيين جميعا، فهو يتكلم بأسمهم كافة؛ لأنه منهم وإليهم.

الجمعة الأولى 30 /5/ 2003م

تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن القضايا التي تَهمُّ المواطنين وتشغلهم، وهي:

1. قضية الأمن

تعدّ هذه القضية من أهم القضايا التي يعيشها الناس في وقتنا الحاضر؛ لأنه أدرك أن الأمن إذا فقد لا يمكن للإنسان أن يمارس مهمته في الحياة مهما كانت هذه المهمة، سواء كانت علمية أم ثقافية أم اجتماعية أم اقتصادية.[3]

2. قضية الاحتلال العسكري للعراق، والموقف منه

شغل هذا الأمر سماحته كثيراً، وأرقته، ودعا إلى دراسته قانونياً من قبل رجال القانون،والمتخصصين فيه، ويبحث سياسيا من قبل القوى السياسية؛ لتحديد الموقف من قوى الاحتلال، والآثار القانونية المترتبة عليها في المجتمع الدولي والقانون الدولي[4] لتعريف الأمة والشعب على مدلول سلطة الاحتلال، وما معنى سلطة الاحتلال.

3. فقدان النظام، وعدم وجود دولة تدير شؤون الناس

عدّ سماحة السيد هذه المسألة من أكبر المشكلات التي يعانيها المجتمع على نحو عام، ويعانيها المظلومون والمستضعفون المقهورون والمحرومون في هذا المجتمع على نحو خاص، وكان سماحته يحمل هموم هؤلاء في حلّه وترحاله، وفي يقظته وأحلامه، وصحته وسقمه، وليله ونهاره متسائلا السؤال الكبير بخصوصهم: (إذا كان هناك من يتمكن أن يتحمل هذه المشكلة، بما قدر الله ـ سبحانه وتعالى ـ له من إمكانيات وقدرات وأموال ورجال، فما شأن المحرومين والمستضعفين من أبناء أمتنا، هؤلاء الذين لا يتمكنون أن يتحملوا عبء هذه الفوضى والأضرار البالغة لهم التي تمسّ قضاياهم، وأهم أمور حياتهم، ومن هنا نجد هذا الاضطراب الواسع الذي يشكل معضلة في الحياة المعيشية للناس، إذ ليس هناك استقرار في حياتهم المعيشية)[5].

ورأى سماحته أن الموقف هو أن يتصدى العلماء والمراجع والشخصيات التي لها وجود في المجتمع، والقوى السياسية، والأمة، ورأى أن الأمة هي المرجع الرئيس في مثل هذه القضايا؛ لأنها الطاقة الكبيرة المؤثرة التي يرجع إليها في الاختبار لهذه الحركة، وهذا الوجود[6].

4. إحترام الأديان والأقليات

دعا سماحته إلى احترام الأقليات الدينية، كالمسيحيين وغيرهم، ورأى أن التعرض لهم، أو الاعتداء عليهم يعدّ عدوانا لا يتسامح معه، وأن المراجع العظام لم يأذنوا بمثل هذه الأعمال[7].

الجمعة الثانية 6/ 6/ 2003م

أشار سماحته في مستهل الخطبة الثانية إلى مسائل مهمة، منها: الأمن وفقدان النظام، وتلكؤ المؤسسات العامة التي يحتاجها الناس في حياتهم الشخصية، والاجتماعية، والاقتصادية، والحقوق المهضومة المنتهكة لكثير من الناس في العراق الجريح الذي تعرضت أرواحهم للقتل، وممتلكاتهم للتدمير، ورأى سماحته أنه لابد من السعي لإرجاع هذه الحقوق، وتعويض هذه الممتلكات لهؤلاء المحرومين[8].

وقد ركّز في هذه الخطبة على مسائل مهمة، ومصيرية تخص أبناء الشعب العراقي، منها:

1 ـ النظام السياسي المقترح

وما يتعلق به من نقاط مهمة، لتكون واضحة جلية عند أبناء الشعب العراقي؛ ليعرفوا التصّور المطلوب للنظام المستقبلي، والآلية التي توصل إلى هذا النظام وتشخيصها، ومن دون ذلك يصبح العراق وشعبه معرضاً لخطر كبير[9].

وبنا سماحته تصوره لهذا النظام المستقبلي على أربعة أركان، هي:

أ ـ إرادة الشعب العراقي

أن يكون النظام المستقبلي منبثقا من إرادة الشعب العراقي من خلال انتخابات حرة ونزيهة في انتخاب أيّ حاكم أو حكم[10].

ب ـ هوية الشعب العراقي

أن يكون الإسلام ركنا أساسيا من أركان النظام المستقبلي، ولا يمكن التنازل عنه؛ كونه يرتبط بهوية الشعب، مع الضمان الكامل لحقوق الأقليات الدينية الموجودة على الأرض العراقية؛ لأن هذه الأقليات ترى أن الإسلام هو الظل الظليل الذي يحمي وجودهم من الاضطهاد والمطاردة[11].

ت ـ خصائص الشعب العراقي

إحترام ثقافة جميع مكونات الشعب العراقي وحقوقهم، فالكردي ينبغي أن تحترم حقوقه وثقافته، كما تحترم حقوق العربي وثقافته، والسني ينبغي أن تحترم حقوقه وثقافته، كما تحترم حقوق الشيعي وثقافته، وكذلك الأمر فيما يتعلق بجميع مكونات الشعب العراقي، ولا مجال لإلغاء الناس وتهميشهم وفرض صيغة واحدة عليهم[12].

ث ـ وحدة تراب العراق وشعبه

أكد وحدة العراق وترابه، ورفض التجزئة، أو التفكيك، ورأى أن الحل الصحيح هو (الفيدرالية) بطريقة تعبر عن مضامين وخصوصيات أبناء الشعب العراقي[13].

ورأى أن الطريق الذي يوصلنا إلى ذلك، هو الرجوع إلى العراقيين في تشخيص مجلس ما، وانتخابه من ذوي الخبرة ليحفظ وحدة العراق وترابه، ولا يمكن أن تقبل الطروحات الأجنبية في تأسيس أيّ مجلس وطرحه دستورا خارج إرادة الشعب العراقي؛ لأنه مرفوض ومطعون فيه من الناحية الشرعية والقانونية والوطنية[14].

2 ـ الجيش العراقي جيش الوطن

رأى سماحته أن قرار حلَّ الجيش قضية صحيحة إذا أخذت من بعديها وجانبيها، أي: أن يحل هذا الجيش ويؤسس جيش جديد من العراقيين المخلصين على أسس جديدة للدفاع عن الشعب العراقي والوطن، ولا يكون عصا غليظة يضرب بها العراقيون.

وأكد سماحته على مسألة مهمة، وهي أن يحل الجيش ويترك أبناؤه، فهذا يمثل مشكلة حقيقية، وستكون نتائجه وخيمة جدا، ورأى أن الجيش الجديد ينبغي أن يبنى على الأسس الآتية:

أ ـ أن يمثل الشعب العراقي كله، أيّ: جميع قطاعات الشعب.

ب ـ أن يكون مدافعا عن الشعب.

ت ـ أن يكون مدافعا عن الوطن، ولا يكون جيشا عدوانيا أو قمعيا[15].

3 ـ نزع سلاح العناصر الإرهابية المجرمة

دعا سماحته إلى نزع سلاح القوى المضادة المجرمة، ونزع سلاح عصابات السلب والنهب التي تعيث في الأرض فساداً، ونزع سلاح القوى المريبة (قوى العنف والتطرف) وعندما يصبح الشعب العراقي آمنا يمكن أن ينزع من بقية أبناء الشعب العراقي، ورفض سماحته أن يبدأ بنزع سلاح المواطنين، ويترك المجرمون على هواهم، ورأى أن العملية ينبغي أن تتم على نحو صحيح وسليم ومناسب من أجل الحفاظ على أمن العراقيين[16].

الجمعة الثالثة 12/ 6/ 2003م

أكد سماحته في هذه الجمعة المباركة على أمرين مهمين هما:

1. تكريم الخالدين

دعا سماحته إلى تكريم الشهداء الذين قارعوا النظام البائد؛ لأنّ لهم حقوقاً على جميع أبناء الشعب العراقي.

ورأى سماحته أن من معالم هذا التكريم، تسمية الأماكن العامة بأسمائهم، ورعاية أسرهم بالكلمة الطيبة أو بالمواساة، والاهتمام بأوضاعهم الحياتية، والمعاشية، والتربوية، وغيرها.

والمطالبة بحقوقهم المصادرة، وعلى الدول والمسؤليين فيها أن يراعوا حقوق هؤلاء الشهداء، ويعوضوا أسرهم وذويهم بما ينبغي لهم من التعويض المادي، ورأى أيضا ان هذا الأمر ينبغي أن يشمل السجناء السياسيين الذين تعرضوا للأذى والملاحقة، والمشردين الذي هُجّروا من ديارهم، وأُخرجوا منها بغير حق[17].

2. الدولة العراقية المرتقبة

سبق لسماحته أن تحدث عن هذا الأمر في الخطبة الثانية، وكرّره هنا لأهميته، وهو تشكيل دولة عراقية يشكلها العراقيون، فقد رفض سماحته أن تشكل السلطات المحتلة مجلسا سياسيا يقوم بإدارة البلاد؛ لأنه يكون مشكّلاً من خلال سلطة الاحتلال، ومن ثمّ يقوم هذا المجلس بتكون مجلس دستوري يقوم بمهمة تدوين الدستور، وطرحه للاستفتاء العام، وهذا غير ممكن شرعا، ومخالف لقرار مجلس الأمن 1483 الذي نص على أن الإدارة تكون عراقية[18].

ورأى سماحته أن المبررات التي طرحتها السلطات المحتلة لهذا الأمر غير حقيقية، هي:

1. إن تعيين المجلس السياسي، والمجلس الدستوري يكون بالتشاور مع القوى السياسية، والمحافل الشعبية، رأى سماحته أن مجرد المشاورات لا يكفي، والتعيين لابد أن يكون من قبل الشعب العراقي والقوى النافذة[19].

2. إن الانتخابات أمر غير ممكن في الوقت الحاضر؛ لأن الشعب العراقي غير مهيأ لإجرائها، رأى سماحته أن الانتخابات أمر ممكن إن تحققت النية الصادقة لها[20].

الجمعة الرابعة 20/ 6/ 2003م

تحدث سماحته في هذه الخطبة عن أمور سياسية مهمة تشغل الناس، من أهمها:

موضوع الانتخابات، التي عرج عليها في الخطبة السابقة، أي أنّ الإنتخابات ممكن إجراؤها، وطرح منهجين من منظور إسلامي لتحقيقها هما:

1) منهج أهل الحل والعقد

أي: أهل الخبرة والمواقع الاجتماعية في المجتمع ليقوموا بإنتخاب مجلس يأخذ على عاتقه إنتخاب حكومة تدير شؤون البلد، ورأى أن تحديد، أو أختيار (أهل الحل والعقد) يكون مع نوعين من الناس:

أ ـ القوى السياسية المتصدية في ساحتنا العراقية.

ب ـ الوجهاء والشخصيات المعروفة في الأوساط الاجتماعية، سواء من رجال العشائر أم شخصيات علمية، أم دينية أم جامعية أم غيرها[21].

2) الإنتخاب المباشر

وهو منهج معروف عالميا، ورأى سماحته أنه منهج إسلامي، وأعطى مثالا تاريخيا على ما يراه، وهو أن خلافة الإمام علي (عليه السلام) تنصب من قبل الله بنص إلهي عن طريق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لكنه من الناحية الخارجية والتأريخية كانت بالإنتخاب المباشر؛ لأن الناس أنتخبوا علي (عليه السلام) لهذه الخلافة على نحو مباشر، وهو منهج إسلامي صحيح[22].

وقد أقرّ الإمام علي (عليه السلام) بهذا المنهج في نهجه[23].

ورأى سماحته أنه على هذا المنهج يمكن للشعب العراقي إنتخاب مجلس يقوم بمهمتين رئيستين، هما:

1 ـ تدوين الدستور من أجل طرحه على الشعب للتصويت عليه، وينبغي أن يضم هذا المجلس خبراء من العلماء والفقهاء والقانونيين الذين يتمكنون من تدوين الدستور[24].

2 ـ القيام بمهمة إنتخاب الإدارة المؤقتة التي تدير شؤون البلاد إلى حين التهيؤ للإنتخابات العامة المستقبلية[25]. وطَرَحََ آلية للإنتخابات يمكن أن تُجرى في كل محافظات العراق لإنتخاب ممثلين عن كلّ محافظة، بحسب عدد أصواتها، فإذا كانت المحافظة تضم خمسمائة ألف شخص، فيمكن أن يكون هناك خمسة ممثلين بحساب أن لكل مائة ألف شخص ممثلا واحدا، أو غير ذلك من التقديرات، وهؤلاء الممثلون يجتمعون ليقوموا بالمهمتين السابقتين[26].

وهناك مسألة مهمة تعرّض لها في هذه الخطبة، هي: مسألة المقاومة المسلحة[27]، وطرح أمامها ثلاثة أمور:

1. ما هويتها، وما خلفيتها؟

2. الموقف الشرعي منها.

3. موقف سماحته منها، وسيفصل في كل هذه الأمور في الخطبة الخامسة.

الجمعة الخامسة 27/ 6/ 2003م

واصل سماحته في هذه الجمعة الحديث عن العمليات العسكرية ضد القوات التي أحتلت العراق، ورأى أنها تتلخص في ثلاثة أبعاد:

1 ـ تفسير العمليات العسكرية، وتحليلها، والأسباب التي تكمن وراءها، ورفض حصر هذه العمليات بأزلام النظام السابق وبقاياه[28].

ورأى أن المتأمل في خلفيتها وأسبابها يحصرها في خمسة عوامل:

أ) عدم الرضا والغضب في أوساط أبناء الشعب العراقي، ففي البداية كانت العلميات العسكرية من أجل إسقاط النظام البائد، وتحرير الشعب العراقي من الظلم والطغيان، ثم تحولت إلى إحتلال العراق، فبدأ أبناء الشعب العراقي يشعرون بالضيق، ثم تحوّل إلى عدم رضا، ثم إلى غضب؛ لأن المواطن يشعر بالعزة الوطنية الإسلامية؛ لأن الإنسان عندما ينتمي إلى وطنه يريد أن يكون هذا الوطن حرا ومستقلاً[29].

ب) ردود الفعل العفوية غير المنظمة لدى أوساط شعبية تعرضت إلى أعمال عنف من قبل قوات الإحتلال عندما تتصرف تصرفا يتسم بالعنف واللامبالاة بالتقاليد والسلوك الاجتماعي للمجتمع، فبطبيعة الحال تكون هناك ردود فعل طبيعية لدى الناس على نحو عفوي[30].

ت) نظريات سياسية ذات جذر فقهي يؤمن بها قسم من الأوساط الإسلامية، تتسم بالعنف، إذ إنها تقوم على أساس أن الأحتلال لا علاج له إلا بإستعمال العنف، وهذه النظريات ليست خاصة بجماعة دون أخرى[31].

ث) أزلام النظام البائد وبقاياه، وهم يستهدفون ـ على نحو أساس ـ المؤسسات المدنية التي تربك الحياة العامة للناس ليبقى الوضع غير آمن ومستقر، ويهدفون إلى أمرين:

1. أن يخرجوا من العراق، وهو خراب مطلق.

2. أن يقول الناس: إن الأوضاع في عهد صدام كانت أفضل من هذه الأوضاع، أي: عندما ذهب صدام تعطلت الخدمات العامة، وكثرت البطالة، وتدهور الوضع العام[32].

ج) وسائل الإعلام العربية، تقوم بعامل مساعد لإشاعة الفوضى في العراق، فهم يمارسون عملا مهما لحساب الشعب العراقي ودفعه بإتجاه القوات المحتلة للدخول في معارك ضارية لا أول لها ولا آخر، مستعينين بما لديهم من إمكانيات إعلامية، وأساليب متعددة، وتجارب متراكمة[33].

2 ـ الموقف الشرعي العام، رأى سماحته أن النظرية العامة للإسلام تتبنى خطين رئيسين أساسيين، هما:

أ) رفض العدوان والهيمنة الأجنبية، قال تعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)[34].

وقال تباركت أسماؤه: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)[35].

ب) القدرة، لا يوجد واجب شرعي كُلفَّ به الإنسان خارج قدرته؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى لا يكلف الناس أكثر مما يتحملون[36].

ورأى سماحته أن هناك مسألة مرتبطة بهذا الأمر، هي: المصلحة، فالحكم الشرعي في النظرية الإسلامية لأهل البيت (عليهم السلام) ينص عليها، وهذا فرق رئيس وأساسي بين فهمهم وفهم قسم من المذاهب الأخرى، ونص سماحته على أن الذي يحدد المصلحة هو المجتهد العارف بالشرع وبالظروف والأحوال التي يعيشها المجتمع حتى يتمكن من الجمع بين النصوص الشرعية التي تتحدث عن الحكم الشرعي، وبين المصالح التي تكون رواء هذا الحكم، ومعرفته بقدرة المسلمين على ممارسته لواجباتهم ومسؤليتهم[37].

3 ـ تطبيق الموقف الشرعي العام على الحالة القائمة في العراق، رأى سماحته أنّ الموقف الشرعي الذي يمكن أن يشخص الموقف السياسي الذي يتسم بالشرعية في الوقت الحاضر يتمثل في عدة أمور:

أ) بذل كل الجهود المشروعة ذات الطابع السلمي لإنهاء الإحتلال؛ لأن الشرع المقدس ينص على أن لا يعمد الإنسان إلى إستعمال العنف والسلاح والقوة إلا بعد أن تبذل الجهود في الدعوة إلى الله والحكمة والموعظة الحسنة، والعمل السياسي، حتى يصل إلى إستعمال القوة، فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقي ثلاثة عشر عاما يدعو إلى الله، ولم يستعمل القوة حتى أقام الحجة الكاملة على الناس، وعندئذ عمد إلى إستعمال القوة والسلاح[38].

وأعتقد سماحته أنه لم تستنفد جميع الوسائل السلمية، ولابد من إستنفادها على نحو كامل، وأن تبذل الجهود من أجل إنهاء الإحتلال[39].

ب) ضبط النفس في هذه المرحلة؛ لأن هناك محاولة لجر العراق إلى حرب ضروس، لا أول لها ولا آخر[40].

ت) ممارسة كل وسائل الإحتجاج، والتعبير عن إستنكار التصرفات الخاطئة التي تتسم بالعنف واللامبالاة واللامسؤلية التي ترتكبها قوات الإحتلال ضد الناس الأبرياء[41].

ولا أحسب أن أحدا من القادة الدينيين والسياسيين تعرض لهذه المسألة بهذا التشخيص الدقيق ـ على حد علمي المتواضع ـ فقد أشبع سماحته الموضوع بحثا وتفصيلا، ودقة وتنقيرا، فلله دره من فقيه بارع، وسياسي متمرس.

ورأى سماحته أنه يمكن إنهاء الإحتلال بإجراء حوار جاد مع هذه السلطات، مستلهمين فقرات قرار مجلس الأمن 1483 كونه يصلح أن يكون أساسا لهذا الحوار لتضمنه عدة مبادئ أوضحها سماحته على النحو الآتي[42]:

1. يؤكد السيادة العراقية، إذ لابد من وجود عمل جاد ليكون العراق حراً، ومستقلاً.

2. السرعة في إنهاء الإحتلال.

3. مساعدة العراقيين على تشكيل الإدارة العراقية. فالعراقيون هم الذين يشكلون الإدارة العراقية المؤقتة، وعلى قوات التحالف أن تساعدهم في ذلك.

4. إتخاذ الإجراءات العملية السريعة لإجراء إنتخابات عامة، ينتخب فيها مجلس دستوري، يدّون الدستور، ثم تجرى إنتخابات عامة؛ لتصبح لدينا حكومة عراقية ذات سيادة كاملة، وهكذا يمكن أن ننهي الإحتلال.

الجمعة السادسة 4/ 7/ 2003م

تحدث سماحته عن موضوعات مهمة في هذه الجمعة المباركة تواجهها الساحة العراقية، والساحة العربية والإسلامية، ففي ما يتعلق بالقضية العراقية أشار إلى موضوعين رئيسين، هما:

1) الدستور العراقي

يعدّ موضوع الدستور من الموضوعات المهمة التي تواجه الساحة العراقية والمطروحة للبحث على مستوى الحوار السياسي مع سلطات الإحتلال، وكان مطروحا في أوساط القوى السياسية والدينية قبل الحرب، وفي أثنائها وبعدها[43].

وأكد سماحته في قضية الدستور على المحاور الآتية:[44]

أ) إدراك أهمية الدستور لتكون هناك تعبئة عامة في أوساط الناس للإهتمام بهذا الموضوع، والمشاركة الفعالة، والمراقبة الدقيقة، والمتابعة المستفيضة.

ب) بحث مبادئ الدستور الرئيسة التي تتطلع أمتنا الإسلامية والعربية على نحو عام لها، وتتطلع أمتنا العراقية، وشعبنا العراقي بكل مكوناته إلى هذه المبادئ، وينبغي أن يكون البحث عن المبادئ الرئيسة التي عليها الدستور.

ت) بحث الآليات، والطرائق، والمناهج التي يمكن من خلالها التوصل إلى كتابة دستور يؤمنّ المبادئ في مثل هذه الظروف، ويكون موضع الرضا من الله سبحانه وتعالى، والشعب العراقي.

2) الأمم المتحدة والعراق

جرى حوار بين سلطات الإحتلال من جهة، والقوى الدينية والقوى السياسية من جهة أخرى، ويبدو أن الحوار بين طرفين أثنين، مع أن هناك طرفا ثالثا في هذا الحوار، هو الأمم المتحدة، وأكد سماحته أن قوى مخلصة طالبت بدخول الأمم المتحدة طرفا ثالثا في الحوار قبل الحرب، وفي أثنائها، وبعدها حتى تطور هذا الحوار إلى قرار مجلس الأمن 1483[45]، الذي سبق لسماحته أن لخص أهم نقاطه.

ورأى سماحته أن دخول الأمم المتحدة، ومجلس الأمن طرفا ثالثا في الحوار حول مستقبل العراق ومصيره، وإنهاء الإحتلال وإقامة الإدارة العراقية، وتشكيل الحكومة المعترف بها دوليا في المستقبل، يمثل أمرا مهما جدا وإيجابيا، قد أكده قرار مجلس الأمن المشار إليه أنفا[46].

أما فيما يتعلق بالقضية العربية والإسلامية فقد أشار إلى الموقف من القضية الفلسطينية، على الرغم من إنشغالاته الكثيرة جدا، وإزدحام الساحة العراقية بموضوعات لا حصر ولا عد لها، وأشار سماحته إلى عدة نقاط رئيسة وأساسية تتعلق بهذه القضية:

1. المحافظة على وحدة الموقف الفلسطيني، والشعب الفلسطيني، فالمحافظة على وحدة هذه القوى يعد من أهم الواجبات الشرعية والأخلاقية والسياسية التي تواجهها هذه المرحلة، وإن الفلسطينيين والدول ذات الإهتمام بالقضية الفلسطينية يكونون معنيين بهذه الوحدة أكثر من غيرهم[47].

2. مصالح الشعب الفلسطيني، وإنهاء الإحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، ويعد هذا الأمر المحور الأول في مصلحة الشعب الفلسطيني، ومن القضايا الرئيسة التي لا يجوز بأيّ وجه من الوجوه التهاون بها، أو التساهل فيها[48].

3. قضية القدس الشريف، والأماكن المقدسة في فلسطين، فهذه الأماكن لابد من أن تكون موضع الاهتمام من جميع المسلمين فضلا عن اهتمام العرب بها، وجميع المسلمين والمسيحيين، ولابد أن تكون هناك مراعاة في مشروع (خارطة الطريق) لحفظ الحق الإسلامي في المقدسات الإسلامية في فلسطين[49].

الجمعة السابعة 11/ 7/ 2003م

تحدث في هذه الجمعة المباركة عن أمور كثيرة، منها:

1 ـ الإهتمام بالفقراء والضعفاء من الناس، فالظروف القاسية التي مرت عليهم، والسياسات التي كان ينفذها النظام البائد، والآثار التي تركتها الحروب، والفراغ الواسع في الجانب السياسي والإداري والأمني، تركت آثارا قاسية وواسعة عليهم، إذ أصبح المستضعف والفقير يعيشان الآلام والمحن؛ لذلك لابد أن يتعاون الجميع على رعاية هؤلاء[50].

2 ـ الفراغ السياسي والإداري والأمني، الذي يعاني منه العراق بعد سقوط النظام البائد، على الرغم من الجهود السياسية الكثيرة التي بذلتها القوى السياسية قبل الحرب، وفي أثنائها وبعدها، ودعا سماحته هذه القوى إلى ملء هذا الفراغ[51].

3 ـ مجلس الحكم، رأى سماحته أن مجلس الحكم المؤقت، يمكن أن يملأ الفراغ السياسي، وينبغي أن تتوفر فيه مواصفات محددة حتى يكون قادرا على القيام بالمهام الموكلة إليه، وهي[52]:

أ) ملء الفراغ السياسي.

ب) إنهاء الإحتلال.

ت) تدوين الدستور العراقي الدائم، على أن يكون مؤيدا من قبل الشعب العراقي.

ث) أن يقوم المجلس في المدة الإنتقالية بتطوير الأوضاع الإجتماعية، والمدنية والسياسية في العراق؛ ليكون قادرا على الإنتقال إلى الوضع المستقر الدائم الذي ننتظره بعد المدة الإنتقالية.

ورأى سماحته أن مجلس الحكم ينبغي أن يتصف بالمواصفات الآتية:[53]

1 ـ العراقيون هم الذين يشكلون هذا المجلس، إذ لابد أن يكون عراقيا يمثل الهوية العراقية، والواقع العراقي، وإنما يكون كذلك إذا كونه العراقيون.

2 ـ تمتع المجلس بصلاحيات تمكنه من التحرك، والقيام بواجباته وتحمل مسؤلياته أمام الأمة والشعب العراقي، ومن دون هذه الصلاحيات لا يمكن لهذا المجلس من أداء مهامه.

3 ـ أن يكون الأعضاء المنخرطون فيه على درجة مناسبة من الأنسجام فيما بينهم حتى يتمكنوا من الحركة، ويكونوا قادرين على إتخاذ القرارات المناسبة.

4 ـ أن يكون لهؤلاء الأعضاء وجود وحضور شعبي حقيقي في المجتمع العراقي، حتى يمكنّهم من الحصول على الإسناد من قبل قطاعات الأمة.

5 ـ أن يكون ممثلا للتكوين والتركيبة العراقية الطبيعية، فيه عرب، وكرد، وتركمان، وأقليات أخرى، وفيه مسيحيون وأديان أخرى، وفيه شيعة وسنة، ولهذه العناوين أحجام متعددة، فلابد له أن يأتي متطابقا مع هذه التركيبة وهذه المكونات؛ ليكون قادرا على تمثيل العراق وشعبه، وهذا الموقف الذي طرحه سماحته فيما يتعلق بمجلس الحكم لم أعرف أحدا تناوله بهذا المضمون والشمول والدقة ـ على حد علمي المتواضع ـ.

 الجمعة الثامنة 18/ 7/ 2003م

تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن موضوعات مهمة، خاصة مجلس الحكم، بعد إعلانه في 13 /7/ 2003، وهو إستمرار لحديثه عنه في الجمعة السابقة، ورأى أن الحديث عنه يشمل أمرين رئيسيين، هما:

1) تقويم المجلس

2) بيان التحديات التي تواجهه، والقضايا التي يهتم بها. وأكد أن التقويم قد يحتاج وقتا حتى يكون دقيقا وكاملا، وهناك مجموعة من الملاحظات التي لابد أن يؤخذ بنظر الإعتبار عند التقويم[54].

1 ـ إن المجلس يضم شخصيات معروفة إلى حد كبير في مجتمعنا العراقي على المستوى السياسي، وهم يحظون بإحترام واسع في الأوساط الشعبية، وفيه أشخاص قد يكونون على درجة جيدة من الواقع السياسي، لكنهم لايعرفون على نحو واسع في أوساط المجتمع العراقي، لذا ينبغي التعريف بهم، ليتبين أثرهم وموقعهم في تحمل المسؤلية الكبيرة في إدارة شؤون البلاد.

2 ـ هناك فئات مهمة من الشعب غير ممثلين فيه، ومن هؤلاء الأكراد الفيليين الذي تعرضوا للظلم والحرمان، وهكذا التركمان الذين تعرضوا إلى ظلامة واسعة وكبيرة على الرغم من وجود عنصر تركماني واحد لا يعرف مدى تمثيله لهم على نحو عام، فإذا كان هناك حرص على تمثيل كل العراقيين في هذا المجلس فينبغي تمثيل هؤلاء، ولمعالجة هذه الأمور رأى سماحته أنه يمكن إدخال هذه الفئات في إدارة الدولة من وزارات أو مؤسسات أو غيرها.

التحديات التي تواجه المجلس

رأى سماحته أن التحديات التي يواجهها المجلس تتمثل بالاتي[55]:

1) الاستقلال

هناك مؤشرات في بداية تشكيل هذا المجلس تشير إلى إستقلالية، وأن ثمة تحدِ كبير يواجهه أمام العراقيين على نحو خاص، وهو أن يكون معبرا عن إرادتهم لا إرادة المحتلين، وأعتقد سماحته أن الاستقلالية تكون بعد عدة أمور أساسية، لابد أن تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل المشاركين في إدارته، هي:

أ ـ اهتمامه بأخذ مصالح العراق وشعبه قبل أي مصلحة، للتعبير عن إرادته المستقلة، والاهتمام بقضية الإسلام؛ لان الشعب العراقي شعب مسلم، والإسلام هويته.

ب ـ إن قرارات المجلس، إنما تكون قرارات عراقية، وتكون له القدرة على الحركة والوصول إلى أهدافه، إذ كانت تلك القرارات قابلة للإجراء والتنفيذ أما أن تكون مجرد قرارات مكتوبة دون تنفيذ وإجراء، فعندئذ لا قيمة لها، وحق النقض من جانب المحتلين يقف حاجزا أمامها، ولذا ان حق النقض لا أساس له من الناحية القانونية؛ لان قرار مجلس الأمن 1483 نص على ان سلطة الاحتلال، هي سلطة محتلة، وليست شرعية حتى يكون لها حق النقض.

2) الإعلام العربي وبذور الطائفية

الفضائيات والإذاعات في المنطقة العربية، والسياسات التي وراءها تحاول أن تقول: إن الشيعة كونهم الأكثرية، يحاولون اضطهاد السنة ومعاداتهم، وتقليص الفرص أمامهم، ورأى سماحته أن هذا من الأمور الحساسة والمهمة التي ينبغي أن توضح، لان الشيعة لا يريدون دولة طائفية، بل يريدون للجميع أن يعاملوا معاملة واحدة وعادلة، فقد دافع الشيعة عن حقوق السنة في بدايات هذا القرن، وهذا واضح من خلال موقف المرجعية الدينية في قضية الأكراد وغيره.

وهناك عمل سياسي واسع في الداخل من قبل النواصب ـ الذين ينصبون العداء لأهل البيت وشيعتهم ـ يضاهي عمل الفضائيات والإذاعات، وهو عمل دائب لزرع الخلاف والنزاع والصدام بين الشيعة والسنة، بحيث تحول المعركة إلى معركة أخرى، وللتصدي لمثل هذه الأمور يحتاج إلى وحدة الكلمة والجميع ينبغي ان يعرفوا مواقعهم وحقوقهم وحدودهم، ويحترم بعضهم بعضا، فالوحدة بالاحترام المتبادل، وتكافؤ الفرص، وقيام الدولة، والمجتمع على أساس المواطنة والكفاءة والمشتركات[56].

الجمعة التاسعة 25/ 7/ 2003

استمر سماحته في هذه الجمعة المباركة في الحديث عن التحديات التي تواجه مجلس الحكم، متناولا الوحدة بين أبناء الشعب العراقي بالتفصيل، وعدّها من أهم التحديات التي تواجهه[57].

ورأى ان هذه الوحدة تقوم على أساسين رئيسيين قد أكدهما القرآن الكريم[58]:

1 ـ أخوة المسلم للمسلم، والمؤمن للمؤمن (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[59].

2 ـ الولاء الذي يعبر عن الحب والنصرة، والعهد والالتزام تجاه الأخر (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[60].

آليات الوحدة

رأى سماحته أن هناك عدة عناصر يمكن من خلالها تحقيق الوحدة[61].

1 ـ الاعتصام بحبل الله (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ)[62]. وهو يمثل الطريق الذي ينتهي إلى وحدة الصف والكلمة، وعلى جميع المسلمين الاعتصام بحبل الله.

2 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)[63].

3 ـ إقامة شعائر الله (وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ)[64].

طاعة الله ورسوله (وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ)[65].

محاولات اغتيال الوحدة

هذه الوحدة مستهدفة من قبل أعداء العراق الذين يحاولون إضعاف الأمة، ووحدة الشعب، فيطرحون الصراع بين السنة والشيعة، أو بين الشيعة أنفسهم[66].

وهؤلاء الأعداء يمكن إجمالهم في الأتي[67]:

1 ـ صدام وأزلامه وجلاوزته، الذين يحاولون الاندساس في صفوف أهل البيت (عليهم السلام) لإيجاد الاختلافات، والنزاعات، والصراعات، فشق الصف الواحد من أهداف العفالقة المجرمين المستبدين الطغاة، الذين تلطخت أيديهم بالدماء الزكية لأبناء شعبنا العراقي.

2 ـ النواصب: هم الذين ينصبون العداء للمسلمين جميعا، ولأهل البيت (عليهم السلام) خاصة، ويكفرون المسلمين، ويثيرون الفرقة، ويعملون على تمزيق الصف الإسلامي في كل مكان، وليس في العراق فقط، فمنهجهم وطريقتهم تمزيق الأمة.

3 ـ المحتلون، الذين يحاولون إضعاف الأمة، فهم يقومون في كل يوم بالعدوان على المسلمين جميعا، بأساليب مختلفة، كالعدوان المقرون بالسرقة، والاستهانة بالحرمات، والأعراض، وليس هناك أي تبرير لمثل هذه الاعتداءات، وهذه الأعمال تؤدي إلى إضعاف الأمة وتفتيتها، وتمزيق المؤمنين، وإيجاد الخلافات والصراعات بينهم بوسائل مختلفة.

4 ـ سياسات قسم من دول الخليج، فهؤلاء استقبلوا عائلة صدام وأزلامه بالأحضان، وكان الشعب العراقي يذبح في كل يوم، ولم يتكلم أحد منهم بكلمة واحدة، فهم يكيدون للشعب العراقي، ويريدون تمزيق وحدته وسرقة ثرواته النفطية عن طريق عمليات التهريب.

مسؤلية الشعب العراقي

دعا سماحته الشعب العراقي كافة شيعة وسنة، وعربا وكردا، ومسيحيين وصابئة الى الوحدة عن طريق التمسك بالآتي:[68]

1 ـ رفع شعار الوحدة الوطنية الإسلامية.

2 ـ الوقوف أمام محاولات التفرقة بحكمة وموعظة حسنة وإرادة قوية، والوقوف أمام الجهال المضللين.

3 ـ أن يؤشروا على نحو واضح على المندسين والمتسللين إلى صفوف الوطنيين.

الجمعة العاشرة 1 /8/ 2003

تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن ذكرى تسلط البعثيين العفالقة على رقاب العراقيين في 30/ 7/ 1968، وذكرى غزو الكويت في 2/ 8/ 1990.

ورأى سماحته أن ثمة عوامل أساسية في وصول العراق إلى هذا المستوى من التدني هي:

1 ـ الأساس الفاسد للحكم

عندما يكون الحكم فاسدا، يقوم على أساس التمييز والاضطهاد للأمة والشعب، وعندما يكون على هذا النحو، لابد ان ينتهي الى هذا المصير، من دون فرق بين أن يكون هذا الحكم ملتزما بهذا المنهج او ذاك، وعندما يكون الحكم فاسدا تكون النهايات للمجتمع الدمار والأذى، وهذا قانون وسنّة تأريخية يتحدث عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)[69].

وقوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[70][71].

2 ـ الطغيان

وهي ظاهرة خطرة تعرض لها القرآن الكريم في مواضع ومناسبات عديدة.[72]

لابد من الوقوف اتجاهها، مهما كان نوعه، حتى لو كان من النفس، والشخص الواحد.[73]

3 ـ التبعية

الحكومات التي حكمت العراق من الحرب العالمية الأولى، وحتى سقوط النظام البائد، كانت تعمل بأوامر الآخرين، ويخططون لها، وتهيمن عليها قوى خارجية، هذه التبعية لابد أن يفكر المسلمون في التخلص منها؛ لأنها قضية مهمة جدا، وعامل أساسي فيما لحقنا من دمار[74].

4 ـ عزلة الأمة عن الوضع السياسي

الأمة في العراق كانت أمة معزولة عن الوضع السياسي، وموقفها موقف المتفرج الذي قد يصفق أحيانا، وأخرى يصفّر، لم يكن لها أثر في رسم مصائر الأمور، ورأى سماحته أن الأمة في العراق ينبغي أن تدخل في ميدان العمل، وتعمل من اجل تحقيق أهدافها، وتغيير الوضع السياسي على نحو حقيقي في العراق، وإلا سوف تخضع هذه الأمة للسنن التأريخية، فينزل البلاء، ثم يستمر النزول، ما لم يكن هناك حضور وتواجد من قبل الأمة العراقية في ساحتها.[75]

شرائح الأمة

رأى سماحته أن الأمة تتكون من ثلاثة أجزاء:

1 ـ قادة الأمة: هم المراجع، ولابد أن ينزلوا إلى الساحة، وأن يعملوا، ويباشروا مهمتهم الرئيسية في توجيه الأمة، وفي إعطاء المواقف وتحديدها وإخراجها من حيرتها.[76]

2 ـ النخبة: هم الصفوة، ولابد أن يكون لهم أثر مهم، ويتحملوا مسؤليات كبيرة، ويكون لهم رأي، وينزلوا إلى الساحة بكل إمكانياتهم، ولا يكونوا متفرجين، أو من يفتش عن المكاسب الخاصة أو الجزئية، وينبغي أن يتصدوا للأمور[77].

3 ـ عامة الناس: هم طاقة كبيرة ومهمة لابد من تنظيمها وتوعيتها بكل ظروفها، وينبغي لها أن تتحرك حتى تصل إلى أهدافها[78].

أهداف الأمة

رأى سماحته أن للأمة أهدافا، هي:

1 ـ الحرية

هي الحرية الحقيقية التي يتحرر فيها الإنسان من العبوديات، عبودية الطغاة، والشهوات، وعبودية الخوف، والخرافات، وعبودية الآلهة الوضعيين، وينبغي على الإنسان أن يكون حرا، في أرادته بكل معناها[79].

2 ـ الاستقلال

ينبغي أن نكون مستقلين في إرادتنا، ولا نقبل التبعية، ولا نخضع لإرادة الآخرين، بل نقرر أمورنا بأنفسنا[80].

3 ـ العدالة بين الناس

ينبغي أن لا يكون هناك اضطهاد لطائفة، أو عنصر، أو جماعة، أو عرق، أو قومية، أو أقلية، فالاضطهاد مهما كان نوعه، ومهما كان توجهه مرفوض[81].

الجمعة الحادية عشرة 8/ 8/ 2003

تحدث سماحته في هذه الخطبة المباركة عن موقف دول العالم، وخاصة دول الجوار من مجلس الحكم، ورأى أن هناك نوعا من التردد، والتوجس اتجاهه، واتجاه القوى السياسية المشكلة له، في حين أنهم كانوا يعدون النظام البائد الذي جاء في ليلة ظلماء، واستعمل كل أساليب القسوة، والقهر، والاستبداد، والقتل، والتشريد، نظاما شرعيا، علما انه لم يكن يحضى بتأييد من الشعب العراقي، ورفض هذا الموقف المتردد، وطالب بموقف ايجابي[82].

ورأى سماحته أن على مجلس الحكم أن لا ينشغل بالقضايا الجانبية، والشكلية، والصورية، وإنما يصب اهتمامه على القضايا الرئيسة التي لابد ان يتحمل مسؤليتها في هذه المرحلة، وهي[83]:

1 ـ ملء الفراغ السياسي والإداري، وطالبه بالإسراع في تشكيل الوزارة التي تدير شؤون العراق والعراقيين، وهذه مهمة أساسية من مهامه، وقد نبّه سماحته إلى مثل هذه الأمور في خطبة سابقة.

2 ـ أن تكون الوزارة معبرة عن العراقيين من ناحية، وعن ظروف الشعب العراقي من ناحية أخرى، ولابد أن يتصف هؤلاء الوزراء بالمواصفات الآتية:

أ ـ أن يكونوا على درجة عالية من الكفاءة حتى يمكنهم تحمل المسؤليات الصعبة التي يواجهونها في عراقنا الجريح، ولابد ان اختيارهم يكون على أساس الكفاءة والقدرة، لا على أساس الانتماء السياسي، وأن يتصف هؤلاء الوزراء بالصلاح والإخلاص والنزاهة في عملهم، حتى ينجحوا فيه.

ب ـ لابد لهؤلاء الوزراء أن يضعوا نصب أعينهم المصلحة العامة للشعب العراقي، لا مصلحة الفئة، أو الجماعة، أو الحزب، أو الطائفة، أو القوم، فالعراقيون أمام مشكلات مشتركة من دون إستثناء، فلابد أن تكون المشكلات هذه الأساسية لهم.

3 ـ أن تهتم الوزارة بإعادة الحياة الطبيعية للناس بعد اختلالها، وارتكابها طوال هذه المدة.

ودعا سماحته جميع القوى السياسية، وأبناء الشعب العراقي والعلماء، والخطباء والشعراء، والصحفيين، والعشائر، وجميع القوى الموجودة في الساحة العراقية، إلى ممارسة رقابة حقيقية على الأعمال التي يقوم بها مجلس الحكم الانتقالي، ولا ينبغي أن تبقى أعماله من دون رقابة، فالشعب العراقي، لابد أن يكون له اثر حقيقي يعبّر عن الموقف، والرأي تجاه الأعمال والتصرفات التي تصدر عنه.[84]

وأشار سماحته في نهاية هذا الموضوع إلى مسألة مهمة ينبغي أن تعالج في الوزارة؛ لأنها لم تعالج في مجلس الحكم، فهناك مجموعات وقوى سياسية وشعبية لم تمثل، كالأكراد الفيلية فينبغي معالجة عدم التمثيل هذا في الوزارة التي سيشكلها المجلس لسدِّ النقص، وملء الفجوة التي حصلت بينه وبين هذه القوى[85].

الجمعة الثانية عشرة 15 /8/ 2003

تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن مجلس الحكم لأهميته، ولكن من جانب آخر، هو الاعتراف به، وذكر أن أول دولة اعترفت به، هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ثم دولة الكويت، وبعدها تركيا، وان هناك شيئاً من التردد في موقف الجامعة العربية بما فيها الدول المجاورة[86].

ورأى سماحته أن هناك هواجسا دعت إلى هذا التردد منها مبرر، وآخر غير مبرر، أجملها على النحو الآتي:

1. الخوف على هوية الشعب العراقي ومستقبلها

فهل سيحافظ الشعب العراقي في حركته السياسية الجديدة على هويته الإسلامية وانتمائه للأمة الإسلامية، والعربية، أو أنه سوف يفقد هذه الهوية؟ ورأى سماحته ان هذا الهاجس مبرر[87].

2. وحدة العراق

تهم هذه الوحدة العراقيين، ودول المنطقة، فلو حدث خلافها فسيحدث اضطراب واسع جدا في المنطقة[88].

3. الاستقلال

هل أن هذا المجلس مستقل في قراراته، وإرادته في التعبير عن رأي الشعب العراقي، وحركته ومصالحه واستقلاله؟

هذه المسالة من المسائل المهمة التي تثير الهواجس داخل العراق وخارجه، وهو هاجس مبرر، فلابد للمجلس أن يواجه التحدي في قضية الاستقلال، ولا يخضع لحق النقض، ولا للهيمنة الأجنبية[89].

4. الحرية والعدالة الاجتماعية والسياسية

هل تكون نتائج الأوضاع السياسية تصب في صالح حرية الشعب العراقي، بحيث يتمكن أن ينتخب ما يريد، وان يعبر عن إرادته، أو يفرض عليه هذا المحافظ، وذاك الحاكم، أو ذاك الوزير، وتلك الشخصية؟ وهذه المسألة من المسائل المهمة، والرئيسة التي تثير الهواجس في المنطقة؛ لأنه إذا كانت الحرية مسلوبة من الشعب العراقي، فستسلب بطبيعة الحال من مجلس الحكم، وستكون الهيمنة الخارجية القرار الأول في حركة العراق وشعبه، وهذا الهاجس مبرر[90].

5. تمثيل الشعب العراقي

يطرح هذا الهاجس في الخارج، وهو ليس مشروعا، والمرحلة الانتقالية والتمثيل للشعب في هذا المجلس أفضل تمثيل، وان لم يكن تمثيلا كاملا، لابد من معالجته في الوزارة، واستغرب سماحته من هذا الأمر قائلا: «لا نجد الكثير من الحكومات في دول العالم المعترف بها دوليا تمثل شعوبها كما يمثل مجلس الحكم الانتقالي شعبه في قواه السياسية وشخصياته، فلماذا يكون هذا الهاجس وكأنه قضية؟ إلا أن يراد به التغطية على أمور أخرى لا نعرفها»[91].

6. المصالح

النظام البائد كان يبيع مصالح العراق كلها، ويعطي أمواله وقدراته من اجل الحفاظ على كرسيه، وألان اختلفت الموازين.

فالعراقيون يريدون الاحتفاظ بمصالحهم وثرواتهم، فإذا كان المراد من هذا الهاجس استمرار نهج الابتزاز، وسياسة الاستئثار بنهب ثروات العراق من قبل أمريكا، والاتحاد الأوربي، والدول المجاورة، فهو مرفوض مطلقا، ولا يمكن أن يقبل الشعب العراقي بأن تكون ثرواته نهبا وسلبا من قبل الآخرين[92].

القضية المهمة الأخرى التي تناولها سماحته، هي:

قضية الدستور، لما لها من أهمية كبرى في حياة العراقيين الحاضرة، وأجيالهم القادمة، وقد تناول هذا الموضوع في الخطبة السادسة، وكرره هنا لأهميته البالغة.

ورأى سماحته أن هذه القضية من أهم القضايا التي تواجه العراقيين في هذه المرحلة، ولابد أن نقوم بحملة توعية واسعة من أجل بيان أهمية هذه القضية، فالعلماء، والشعراء، والخطباء، والكتاب، والمثقفون، مسؤلون عن القيام بحملات التوعية في بيان أهمية الدستور، وأهمية المراقبة الدقيقة من قبل الشعب العراقي؛ لأن قضية الدستور، لو تمَّ إقرارها على نحو صحيح، فسوف نتمكن من بناء مجتمع عراقي صالح[93].

ورأى سماحته أن هناك قضايا مركزية ومهمة في الدستور لابد من الاهتمام بها هي[94]:

1 ـ قضية الهوية الإسلامية.

2 ـ الإنتماء إلى الأمة الإسلامية والعربية.

3 ـ الحرية لابد أن تدون في الدستور.

4 ـ العدالة، لابد أن يصاغ الدستور بصياغة تحقق العدالة، ولا معنى أن يكون هناك حكم مركزي، بحيث يكون شخص في بغداد يتحكم بكل شؤون العراق، ولا رأي للعراقيين في بلادهم، ليكن هناك رأي لهم في هذه المحافظة، أو تلك، يختارون محافظتهم، وتكون هناك مركزية في القضايا الرئيسة الأساسية، كالدفاع، والخارجية، والنفط، والثروات وشبه ذلك من أمور سياسية[95].

ورأى سماحته أن آلية كتابة الدستور ينبغي أن تكون آلية صحيحة، وهي إنتخاب المجلس الدستوري الذي يكتب الدستور، فلا يجوز أن يعين هذا المجلس. وإذا تم هذا التعيين فسوف يتم الطعن به شرعيا ودينيا، ومن ثمَّ الطعن بالدستور من قبل المراجع، والعلماء، والأوساط الدينية، والمتدينة، ويتم الطعن به قانونيا؛ لأنه لا يوجد مبدأ قانوني في المجتمع الدولي، ومجتمعنا الإسلامي يقرَّ طريقة التعيين، وعندئذ يفتح الباب أمام المصائب التي عرفها تاريخنا السابق، بحيث تأتي مجموعة من الضباط، ويقومون بانقلاب عسكري على الحكم، ويقولون: انه معين من قبل الأمريكان، أو التحالف، أو جهات أجنبية، ويتمّ الطعن بمثل هذا الدستور[96].

الجمعة الثالثة عشرة 22 /8/ 2003

تحدث سماحته في هذه الخطبة المباركة عن قضيتين مهمتين:

1 ـ عملية التفجير التي وقعت في مقر الأمم المتحدة في بغداد في 19/ 8/ 2003، واستنكر سماحته هذه العملية الإجرامية الإرهابية بشدة، التي راح ضحيتها رئيس بعثة الأمم المتحدة (سيرجيو فييرادي ميلو)، وعدد كبير من موظفي الأمم المتحدة، وعدّهم من أصدقاء الشعب العراقي الذي قدموا الخدمات له، وحَمّل قوى التحالف المسؤلية في الإخفاقات الأمنية التي أدت إلى مثل هذه الأعمال، وحمل كذلك الأمم المتحدة؛ لأنها لم تبذل الجهود من اجل تغيير السياسة العامة المتبعة فيما يتعلق بقضية الأمن في العراق[97].

ووقف سماحته عند هذه الجريمة النكراء بعدة أمور:

أ) ما مداليل هذا التفجير من الناحية السياسية والأمنية؟

رأى سماحته أن المدلول السياسي من وراء هذا التفجير قوة بلغت حدَّ القنوط واليأس من تحقيق أهدافها؛ لذلك قامت بهذه الأمور الجنونية التي لا يمكن ان يكون لها أي فائدة إلا التخريب، والإضرار العام، وهذه السياسة وراءها خط سياسي يمكن وصفه بالإرهاب، والتطرف في العمل السياسي[98].

أما مدلولها الأمني فرأى سماحته أن قوات التحالف غير قادرة على تحقيق الأمن للشعب العراقي، واكتفت بحماية نفسها، والاهتمام بقواها من دون أن تعير أهمية للشعب العراقي في هذا المجال[99].

ب) مَنْ وراء هذا العمل؟

رأى سماحته أن وراء هذا العمل أزلام النظام البائد وقواه والمتحالفين معه من الذين غلو في الجريمة، وتمرسوا على العدوان والقتل والإذلال، وهذا واضح من خلال المتابعة والتحليل للأوضاع السياسية في العراق[100].

ت) على من تقع مسؤلية الأمن؟

رأى سماحته أن قوات التحالف هي المسؤل الأول عن الأمن؛ كونها تحملت مسؤليته، وفرضت هذه المسؤلية على الشعب العراقي بعد أن أراد هذا الشعب تولي المسؤلية بنفسه، ولكنها رفضت ذلك، واستعملت القوة، والعنف من اجل فرض هذا الأمر على الشعب العراقي[101].

ومن هذا المنطلق اعتقد سماحته أن قوات التحالف[102]:

1 ـ تتهاون مع أزلام النظام السابق.

2 ـ لا تهتم بالدفاع عن المصالح الشعب العراقي، وتهتم بمصالحها فقط.

3 ـ والشعب العراقي غير مستعد للتعاون مع قوات التحالف بعنوان أنها قوات احتلال.

وطالب سماحته مرارا بأن تكون هناك سياسة أمنية في العراق تعتمد على عدة ركائز أساسية هي[103]:

الركيزة الأولى: أن يعطى الدور الرئيس في الأمن للشعب العراقي، وللقوى العراقية.

الركيزة الثانية: أن يعطى دور للقوى الوطنية، والشعبية ذات النفوذ الواسع في أوساط الشعب العراقي.

الركيزة الثالثة: أن تكون القوى التي يهمها التغيير الجديد، وإيجاد البديل الصالح في العراق، هي مسؤلية عن قضية الأمن، ولا تعطى لأشخاص لا يشعرون بالمسؤلية، أو لديهم نوايا سيئة تجاه الشعب العراقي او تجاه التحولات الجديدة في العراق.

2 ـ القبض على أزلام النظام البائد. رأى سماحته أن الله سبحانه وتعالى قد أذل هؤلاء الطغاة المستبدين، وأن هذا الأمر سنة إلهية؛ لتكون عبرة لكل الطغاة والمستبدين، وطالب سماحته بعدم التكتم على اعتقال هؤلاء، وأن يتم الكشف عن كل تفاصيل اعتقالهم، وينبغي أن يقدموا للتحقيق على نحو علني ليكتشف العالم أجمع، والعراقيون حقيقة الجرائم والآثام التي ارتكبوها بحق الشعب العراقي،وينبغي إتخاذ الإجراءات الحازمة تجاه هؤلاء المجرمين ليكونوا عبرة لنظرائهم الآخرين[104].

وفي ختام هذه الخطبة المباركة استنكر الأعمال الوحشية التي تقوم بها إسرائيل بحق الفلسطينيين، ورأى أن هناك صمتا حيال هذه العمليات في حين إذ قام الفلسطينيون بالدفاع عن أنفسهم، وأعراضهم، وأرضهم وعدّ ذلك عملا إرهابيا، ورأى أنه لا يجوز الكيل بمكيالين في هذا الأمر، وطالب سماحته بالعدالة للجميع[105].

الجمعة الرابعة عشرة (الجمعة الدامية 29/ 8/ 2003)

تناول سماحته في هذه الجمعة الدامية موضوعين مهمين هما:

1 ـ العدوان على المرجعية الدينية في النجف الأشرف في تاريخ 24 /8/ 2003 حيث تعرض سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم إلى محاولة اغتيال فاشلة، واستنكر سماحته هذا العمل الغادر الجبان بشدة، وحَمّل أزلام النظام البائد مسؤلية ذلك، وأشار إلى نقاط رئيسة من أجل إيضاح الموقف تجاه هذا العدوان:

أ ـ إن هذا العدوان يمثل ظاهرة من أخطر الظواهر، التي يواجهها الشعب العراقي في هذه المرحلة من الناحية السياسية والاجتماعية، واستهدف أهم مركز مقدس في المجتمع العراقي، فالمرجعية الدينية ليس شأنها شأن القوى السياسة والأحزاب مهما كان الاحترام لها، وهي صاحبة تأريخ عريق يعود إلى أكثر من أثني عشر قرنا[106].

ب ـ إن السياسات السابقة التي اتبعها النظام البائد تركزت على نحو رئيس استهداف المرجعية الدينية المتمثلة بالإمام الحكيم (قدس سره)، ثم تطور إلى قتل المراجع واحدا بعد الأخر، وهذا الأمر ليس جديدا، وقد مارسه ما يسمى بالحكم الوطني في زمن الانتداب الانجليزي[107].

ت ـ مسؤلية قوات الاحتلال عن هذه الاعتداءات، إذْ إنها لم تقم بواجباتها القانونية، والواقعية تجاه حماية المرجعية والأماكن المقدسة، ودان سماحته هذا الموقف من قوات الاحتلال، إذ أن هذه القوات لم تقم بواجباتها تجاه حماية المؤسسات الدولية، كمقر الأمم المتحدة، والمؤسسات الدبلوماسية في بغداد، وعليه فان هذه القوات تتحمل مسؤلية كبيرة لابد من متابعتها[108].

ث ـ قضية الأمن في العراق

رأى سماحته إنعدام الأمن في العراق يعود إلى السياسات الفاشلة لقوات الاحتلال، ولا يوجد طريق لمعالجة هذا الموضوع إلاّ من خلال الأمرين الآتيين[109]:

الأمر الأول: إعطاء السيادة الكاملة للعراقيين في تشكيل حكومة ذات سيادة كاملة.

الأمر الثاني: أن تحول القضية الأمنية إلى العراقيين أنفسهم؛ لأنهم أعرف بما يجري في بلدهم، وان الشعب العراقي الذي لابد له من التعاون مع الأجهزة الأمنية، لا يتعاون مع الأجهزة الأمنية الأجنبية.

2 ـ الوزارة التي يراد تشكيلها

هذه الوزارة لا ينبغي أن تكون مجرد غنيمة، أو إرث، وحصص توزع على هذا الجانب، أو ذاك، ورأى سماحته انه ينبغي أن تقوم على الأسس الآتية[110]:

أ ـ أن يكون الوزراء أكفاء قادرين على القيام بمسؤلياتهم الوزارية.

ب ـ أن يكون هؤلاء الوزراء من المخلصين للعراق وللشعب العراقي ومصالحه.

ج ـ أن تكون هذه الوزارة معبرة عن أبناء الشعب العراقي بأطيافهم المختلفة، ومذاهبهم وقومياتهم وانتنساباتهم الدينية والعرقية حتى تكون المشاركة مشاركة حقيقية لأبناء الشعب العراقي. وسبق أن تحدث سماحته عن هذا الموضوع، وكررّه هنا لأهميته.

وفي نهاية الخطبة المباركة أشار سماحته إلى قضية أخرى، وهي ما يثار في عدد من وسائل الإعلام العربية في المنطقة حول إشكالية الوضع الطائفي في العراق، إذ يراد اتهام شيعة أهل البيت (عليهم السلام) بأنهم بدأوا يتعاملون على نحو طائفي، وهذا أمر غير صحيح، وقد أكد سماحته على أمرين، هما المنار الذي يسير عليه إتباع أهل البيت (عليهم السلام) هما[111]:

1 ـ الدعوة إلى الوحدة الإسلامية.

2 ـ الدعوة إلى وحدة العراق حكومة، وشعبا، وأرضا.

الخاتمة

تناولت في هذا البحث الخطاب السياسي لشهيد المحراب (قدس سره) في خطب صلاة الجمعة المباركة التي أقامها في الصحن الحيدري الشريف، منفردة، وعرضت لأهمية هذا الخطاب من خلال تسليط الضوء على الجوانب المهمة التي مرّ، ويمرّ بها قطرنا العراقي الحبيب.

وقد بيّنت الحلول الناجعة التي طرحها للوضع العراقي من خلال تبينها وتوضيحها.

وأتضح من خلال هذا العرض أن الحلول والأفكار، والآراء التي عرضها في هذه الجُمَع، تتم عن تجربة رائدة، وفكر ثاقب وتشخيص دقيق، ورؤية دقيقة للوضع في العراق، وكيف لا؟ وهو ابن جلدتها، وقطب رحاها، وسائسها، من خلال التضحية الكبيرة، والمعاناة الطويلة، والخبرة الجمة، والنضال المرير.

وفي الختام أدعو جميع المتدينين والسياسيين ان ينظروا ويتبحروا في هذا الخطاب السياسي؛ لأن فيه ما يُسَد به رمقهم المتعطش للأفكار النيرة، والحلول الدقيقة لقضيتهم العراقية، وقضايا العالم الإسلامي والعربي، والله ولي التوفيق.

مصادر البحث

1 ـ الأربع عشرة مناهج ورؤى، خطب الجمعة للمرجع الديني شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم، طبعة بهمن/ انتشارات الإمام الحسين 1425ﻫ ـ 2004م.

2 ـ اقتصادنا، لأبي جعفر الإمام الشهيد السعيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر، طبعة بقية الله لنشر العلوم الإسلامية، النجف الاشرف 1423ﻫ ـ 2003م.

3 ـ آية الله المجاهد السيد محمد باقر الحكيم إطلالة على السيرة الذاتية، للأستاذ محمد هادي، طبعة شركة الحسام للطباعة، بغداد 1420ﻫ ـ 1999م.

4 ـ شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المعتزلي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، نشر دار أحياء الكتب العربية/ بيروت.

[1] هو نجل آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى، زعيم الطائفة، وفقيه العصر، المجاهد، سماحة السيد محسن الحكيم الطباطبائي، ولد في الخامس والعشرين من جمادي الأولى عام 1358 ﻫ، الموافق سنة 1939 م، في مدينة النجف الأشرف، وأستشهد في الأول من رجب عام 1424ﻫ الموافق 29/ 8/ 2003م. وللمزيد من التفصيل عن حياته، ونشأته، وتعلمه، وعلمه ومؤلفاته وسيرته الذاتية والعلمية والجهادية. ينظر الأربع عشرة مناهج ورؤى 9ـ 42، وآية الله المجاهد السيد محمد باقر الحكيم إطلالة على السيرة الذاتية.

[2] اقتصادنا 1/44.

[3] ينظر الأربع عشرة مناهج ورؤى ص56.

[4] ينظر المصدر نفسه ص 57.

[5] الأربع عشر مناهج ورؤى ص 57.

[6] ينظر المصدر نفسه.

[7] ينظر المصدر نفسه.

[8] ينظر الأربع عشرة ص 82.

[9] ينظر المصدر نفسه 83.

[10] ينظر المصدر نفسه 83.

[11] ينظر الأربع عشرة 84.

[12] ينظر المصدر نفسه 87.

[13] ينظر المصدر نفسه 87.

[14] ينظر المصدر نفسه.

[15] ينظر الأربع عشرة ص 90.

[16] ينظر المصدر نفسه ص 91.

[17] ينظر الأربع عشرة 104، 105.

[18] ينظر المصدر نفسه 106، 108.

[19] ينظر الأربع عشرة 108.

[20] ينظر المصدر نفسه

[21] ينظر الأربع عشرة 127، 128.

[22] ينظر المصدر نفسه 128.

[23] نهج البلاغة 1/ 103، 2 / 222.

[24] ينظر الأربع عشرة 129.

[25] ينظر المصدر نفسه 129.

[26] ينظر المصدر نفسه 129.

[27] ينظر المصدر نفسه 130.

[28] ينظر الأربع عشرة 147.

[29] ينظر المصدر نفسه 147، 148.

[30] ينظر المصدر نفسه 148.

[31] ينظر المصدر نفسه 148، 149.

[32] ينظر الأربع عشرة 150.

[33] ينظر المصدر نفسه 150، 151

[34] النساء 141.

[35] البقرة 194.

[36] ينظر المصدر نفسه 151.

[37] ينظر الأربع عشرة 152.

[38] ينظر المصدر نفسه 152، 153.

[39] ينظر المصدر نفسه 153.

[40] ينظر الأربع عشرة 153.

[41] ينظر المصدر نفسه 153.

[42] ينظر المصدر نفسه 154.

[43] ينظر الأربع عشرة 168.

[44] ينظر المصدر نفسه 168.

[45] ينظر الأربع عشرة 171، 172.

[46] ينظر المصدر نفسه 177، 178.

[47] ينظر المصدر نفسه 170.

[48] ينظر الأربع عشرة 170، 171.

[49] ينظر المصدر نفسه 171.

[50] ينظر الأربع عشرة 198، 199.

[51] ينظر المصدر نفسه 200، 203.

[52] ينظر المصدر نفسه 201.

[53] ينظر الأربع عشرة 201.

[54] ينظر الأربع عشرة 225.

[55] ينظر الأربع عشرة 226 ـ 229.

[56] ينظر الأربع عشرة 231 ـ 232.

[57] ينظر الأربع عشرة 246.

[58] المصدر نفسه 247.

[59] الحجرات 10.

[60] التوبة 71.

[61] ينظر الأربع عشرة 248 ـ 249.

[62] آل عمران 103.

[63] آل عمران 104.

[64] التوبة 71.

[65] نفس المصدر.

[66] ينظر الأربع عشرة 249.

[67] ينظر المصدر نفسه 250/251.

[68] ينظر الأربع عشرة 253.

[69] الأعراف 96.

[70] الروم 41.

[71] ينظر إلى الأربع عشرة 278.

[72] في حديث القرآن الكريم عن فرعون: البقرة 49، الأعراف 123، هود 97 وحديثه عن إبراهيم (عليه السلام): البقرة 258، مريم 46، وفي حديثه عن نوح (عليه السلام): هود 32، الحج 42، وفي حديثه عن موسى وعيسى (عليهما السلام) الزخرف 63 ـ 65، وفي حديثه عن نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الطور 29.

[73] ينظر الأربع عشرة 279.

[74] ينظر المصدر السابق 280.

[75] ينظر المصدر السابق 281.

[76] ينظر المصدر السابق 282.

[77] ينظر المصدر السابق 282.

[78] ينظر الأربع عشرة 282 ـ 283.

[79] ينظر الأربعة عشرة 283.

[80] المصدر السابق.

[81] المصدر السابق.

[82] ينظر الأربع عشرة 300، 301.

[83] ينظر المصدر نفسه 302، 303.

[84] ينظر الأربع عشرة 303، 304.

[85] ينظر المصدر نفسه 304.

[86] ينظر الأربع عشرة 320.

[87] المصدر السابق 321.

[88] المصدر السابق 322.

[89] المصدر السابق.

[90] ينظر الأربع عشرة 322.

[91] الأربع عشرة 323.

[92] ينظر المصدر السابق 324.

[93] ينظر الأربع عشرة 324.

[94] المصدر السابق 325.

[95] المصدر السابق.

[96] ينظر الأربع عشرة 326.

[97] ينظر الأربع عشرة 340، 341.

[98] ينظر المصدر نفسه 341.

[99] ينظر المصدر نفسه 341، 342.

[100] ينظر المصدر نفسه 342.

[101] ينظر الأربع عشر 343.

[102] المصدر السابق.

[103] ينظر المصدر نفسه 344.

[104] ينظر الأربع عشرة 345، 346.

[105] ينظر المصدر نفسه 346، 347.

[106] ينظر الأربع عشرة 368، 369.

[107] ينظر المصدر نفسه 369، 370.

[108] ينظر المصدر نفسه 371.

[109] ينظر الأربع عشرة 372.

[110] ينظر الأربع عشرة 373.

[111] ينظر المصدر نفسه 374.

اكتب تعليق

كافة الحقوق محفوظة لمؤسسة تراث الشهيد الحكيم، ولا يجوز الاستفادة من المحتويات دون إذن خطي.

الصعود لأعلى