مفهوم الامة في السياق القرآني

tt

بحث شارك في المؤتمر الثاني لإحياء التراث الفكري والعملي للشهيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم 

الباحث: الاستاذ المساعد د. محمد جعفر العارضي

                  كلية الآداب ـ جامعة القادسية

إذا أردنا أن نُقيم شبكة المعنى القرآني أو منظومته المعارفية كما ينبغي للقرآن الكريم علينا أن نلحظ في تعاطينا دلالة الخطاب القرآني مجموعة متظاهرة و متماسكة من المطالب و الابعاد في الطريق الى كمال المعنى لهذا الخطاب المتفرد، و ينبغي من جهة اخرى عدم اختزال دلالة الخاصة القرآنية في بعد نعرفه أو ندَّعي أنَّنا نعرفه …

ومجموعة المطالب المتظاهرة التي يفيض بها الخطاب القرآني تتوزع بين المطالب النفسية، و المجتمعية، والاخلاقية، والتربوية، والادارية، والاقتصادية، والسياسية … و هذه المطالب و آليات النظر الدلالي هي ما يقودنا الى الدعوة الى نظر دلالي مخصوص بالقرآن الكريم من الممكن أن يتمثله علم دلالة يمكن تسميته «علم الدلالة المعارفي» يمتلك من الآليات ما تتكشف به الحقائق القرآنية كلها، من خلال الوقوف على النظام اللغوي و ما يحوي من امكانات اختيارية، تتضمن طاقات دلالية متعددة و متنوعة يتحدد على ضوء منها اختيار هذه الامكانية او تلك في الطريق الى انتاج معنى ما، من دون أن يغيب عنا أنَّ القرآن الكريم يوظف أمكانات النظام اللغوي و يتعاطى طاقاتها الدلالية على نحو الكمال، و هذه آية تفرده و اعجازه. و لابد من سياسة ذلك كله في اطار استظهار سياقي شامل تتجلَّى فيه الموازنات السياقية لموارد الاستعمال الذي يبدو متقاربا … فنكون أمام نظر دلالي ينفتح الى حد أن يسع بين جنبيه آفاق الفكر، ومقتضيات الحياة، والعقيدة كلها …

ونجد السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) قد اجتمعت في منجزه القرآني كثير من المطالب المهمة، جعلها تتمحور حول البعد الاجتماعي؛ فما كان منه الا أن سعى الى تقديم النموذج المجتمعي لبني الانسان في المنظور القرآني، فالدارس للمنجز الفكري للسيد الحكيم (قدس سره) يتوافر على اهتمام مخصوص بالفكرة المجتمعية، على نحو استشرافي متكامل، و تقديم «النماذج الثابتة» … فقد تلمس في بحث البناء المجتمعي الانساني «المثل الاعلى» و «آليات التغيير» و «التكامل» …

و ما دام المجتمع لا يبتعد عن كونه مجموعة من المؤسسات المنتظمة المتفاعلة[1]، التي لا تغيب عنها «مقتضيات الارادة الجماعية»[2]؛ فإنَّ النظر القرآني يقدم نموذجا مجتمعيا كاملا …

و يظل مفهوم «الأُمَّة» في الاستعمال القرآني مفهوما مركزيا و رائدا في الفكرة المجتمعية عند الشهيد الحكيم (قدس سره)، و يظل هذا المفهوم ـ قبل ذلك ـ المنطلق القرآني الذي يتضمن التأسيس الأكمل و الرؤى الحقة في ميدان بناء مجتمع الانسان … و هكذا قرأه السيد الحكيم (قدس سره)؛ و من ثمَّ قدَّمه لنا و قد استوفى عناصر الحياة و الفكر.

و ما يُلاحظ أنَّ المنظومة الدلالية القرآنية التي عالجت هذا المفهوم و صاغته صوغا شاملا تقدِّمه وقد بنت له صرحا من العلائق و التجاذبات مع مجموعة من الافاهيم المتنوعة؛ فيأتي مصوغا على نحو فكري متماسك …

واللافت للانتباه أنَّ هذا التعالق الدلالي ما غاب عن قراءة السيد الحكيم (قدس سره) لهذا الافهوم؛ إذ نلمح أنَّه تعامل معه و تمثَّله تمثُّلا كما ينبغي للاستعمال القرآني و مساحة الدلالة المعارفية الكبرى التي يتحرَّك فيها؛ ذلك أنَّه يتناول «الأُمَّة» بلحاظ ابعاد من التعدد و التنوع ليست تقف عند حدود المساحة المجتمعية (المألوفة)، بل تقوم على أساس من التخطي الواعي لتحل في منطقة النظر العقيدي، و الفكري، و البناء الانساني الأكملي.

«الأُمَّة» و آفاق النظر الدلالي الأفقي

اضحى من الواضح بمكان أنَّ الكلام على مفهوم «الأُمَّة» لا يكون منتجا ما لم يُقرأ هذا المفهوم في سياقه المجتمعي العلائقي، و بين مصاحباته المجتمعية؛ وصولا الى نظر متكامل يتخذ من الطابع الفكري الشامل سمة له، و هذا ما كان قد فعله السيد الحكيم (قدس سره)، واكَّده كما يتضح خلال البحث.

و لا ريب أنَّنا مدعون في هذا السياق الى أن نتناول هذا المفهوم اعتمادا على استثمار بعدي النظر الدلالي: البعد الأفقي، و البعد العمودي.

يتضمن البعد الدلالي الأفقي لأي استعمال قرآني مجموعة من المصاحبات و العلائق التي تشكل نسقا دلاليا عاما، و لا مندوحة ـ تبعا لذلك ـ عن لحاظ المعنى بالنظر الى شبكة الألفاظ التي تشترك مع هذه القيمة اللفظية أو تلك و تستغرق في دلالتها العامة … و علينا في هذه الطريق أن نتطلع ـ متأملين مستشعرين ـ الى ما تتمتع به هذه الوحدات الدلالية من خاصَّة المعنى؛ فنكون بهذا الصنيع ـ وحده على مقربة من دقائق الاستعمال و تحسس المعنى الملتصق بكل لفظ من ألفاظ هذه الطائفة الدلالية أو تلك. و اقرب ما يُمثِّل طائفة (الحقل اللغوي) «الأُمَّة» و يُؤسس لمشروعها الدلالي:

القوم

جماعة الرجال[3]، و قليلا ما تدخله النساء في الاستعمال العربي، وإن دخلته فعلى التبعية[4] للرجال.

و توسعت دلالة هذا الاستعمال في السياق القرآني، فجاء للدلالة على الرجال و النساء في اغلب مواضعه[5]، كما في قوله تعالى: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ)[6]. ومما جاء دالا على جماعة الرجال قوله تعالى في سياق الكلام على اخوة يوسف (عليه السلام) وكيدهم إيَّاه: (لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ * إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ)[7].

و كان ورودها في الاختيار القرآني (383)[8]، و قد اريد بها الدلالة على ثلاث جماعات[9]، هي: جماعة البشر، كما في قوله تعالى: (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ)[10]. و جماعة الجن، يقول تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [11] وجماعة الملائكة، كما في قوله تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ)[12]. وثمة استفادة هنا هي أنَّ استعمال «قوم» مع الجن و مع الملائكة كان في سياق يتكلم على اقترابهم المكاني من البشر، و كأنَّ في ذلك اشارة الى الالفة، فضلا عن أنَّ السياق يتضمن الدلالة على الفكر، و العقيدة، و الاصلاح .

و ما يعنينا في هذا البحث استعمال «قوم» للدلالة على جماعة البشر، فقد توزع على سياقات متعددة أشار سماحة السيد الحكيم (قدس سره) الى ثلاثة منها:[13].

1 ـ استعمالها في سياق الكلام على الجماعة التي ينتمي اليها الانبياء (عليهم السلام) بأواصر القربى و النسب، او بأواصر العلاقات الاجتماعية الواحدة، التي تقوم على أسس من الروابط التواصلية، كاللغة، و النصح، و الموقف … كما في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[14]، و قوله تعالى: (وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ)[15].

2 ـ استعمالها مع الجماعة التي يوحدها الايمان بالله سبحانه، وتشترك في صفات الكمال من العلم، و التقوى، و التفكر … و من ذلك قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ * وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[16].

3 ـ استعمالها في سياق الكلام على الجماعة البشرية عموما، كما في قوله تعالى: (قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ)[17].

و بعد فإنَّنا مثلما لا نخطئ دلالة «قوم» على القرب و الاتصال، لا نخطئ ايضا الايحاء بالاختلاف و العداء[18] و الجفاء، و مثال ذلك قوم فرعون، يقول تعالى: (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى)[19]، فإنَّ ضلال فرعون جعله ابعد ما يكون عن هداية قومه؛ و من ثم نكون أمام ملحظ سياقي يدفع نحو «الخيانة والايذاء، و هما من دواعي العداء»[20]. و لعلنا هنا نلمح اشارة القرآن الكريم الى أنَّه «لا يخص العلاقة بين القوم بوحدة المكان او النسب، وإنَّما يتجاوز بها الى العلاقة العقدية، والاخذ بايدي القوم الى الصلاح»[21]، فإنَّ هذه اللفظة «قد تتطور فتطلق على الجماعة التي تربطها روابط معنوية»[22].

الجمع ـ جميع

الجمع: هو الضم[23]. وجماعة الناس[24]، ويقال لها جميع[25] ايضا. أمَّا الجُمَّاع فهو ما اجتمع من قبائل شتى[26].

و ما جاء في الاختيار القرآني «جمع»، و «جميع»، و من ذلك قوله تعالى: (سيُهزم الجمع و يُولُّون الدُّبر)[27]، و «الجمع» في هذا السياق «مجتمع المشركين بصورة عامة»[28]، و قوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ)[29]. يدل «الجمعان» على «الجماعتين الممثلتين لمجتمعين متقابلين متحاربين هما: مجتمع المسلمين، و مجتمع المشركين»[30]. وثمة ملحظ بياني دقيق هو أنَّ في القرآن الكريم لم يأت «الجمع» او «الجمعان» الا في سياق الحرب حيث مواضع النصر والهزيمة من جهة، و حيث موطن الوفاق على فكرة واحدة و رأي واحد ـ إن على الحق و إن على الباطل ـ من جهة ثانية.

أمَّا «جميع» فقد استعملت في سياق الحشر، كما في قوله تعالى: (إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ)[31]. و استعملت في سياق التأهب للحرب، وذلك في قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ * فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ)[32]. و معناها جمع مستعدون للحرب[33].

و ليس يخفى الترابط الدلالي بين السياقين «سياق الحشر» و«سياق التأهب للحرب»؛ ففيهما معا تُلحظ الغلبة او الهزيمة، و هذا ما لا يبعد لفظة «جميع» عن الدلالة السياقية التي عليها «الجمع» و «الجمعان». بمعنى أنَّ هذه الألفاظ تشترك في الدلالة على الجماعة المحاربة؛ و من ثمَّ يأتي الايحاء بالقوة. غير أنَّ ما تنماز به «جميع» (الحربية) أنَّها اختصت بالجماعة الكافرة الضالة المحاربة، و كأنَّ هذا الاختصاص يأخذنا الى اشارة دلالية تتمثل في ضعف هذه الجماعة من الداخل الى حد لا يُستبعد معه تخيل حالة من الانقسام. أمَّا الفشل و الهزيمة بلحاظ الموقف العسكري او الموقف المعنوي فهما يلازمان جماعة محاربة عبَّر عنها الاختيار القرآني بـ «جميع».

إذن نحن مع هذه الوحدات الدلالية أمام المضمون القيمي و الاخلاقي و الفكري للجماعة البشرية، و هذا ما المح اليه سماحة السيد الحكيم (قدس سره)؛ إذ يقول عن «الجمع» «هي اللفظ الاقرب الى لفظة «المجتمع» من ناحية المادة و الاشتقاق اللغوي، كما أنَّها قريبة من ناحية المعنى ايضا»[34].

الشعب ـ القبيلة

الشعب: ما تشعَّب من القبائل[35]. و قيل اكبرها[36]؛ فهو اكبر من القبيلة[37]، و ما كان عظيما من القبائل[38].

و القبيلة: الجماعة التي يُقبل بعضها على بعض[39]، و تعود الى أب واحد[40]. و القَبيل: جمع قبيلة[41]، او هم جماعة من قوم شتى[42].

واستعمل القرآن الكريم «الشعب و القبيلة» مجموعين في مورد واحد هو قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[43]، و هذا الاستعمال يؤكد رابطة النسب او اللغة التي ترتبط بها الجماعات البشرية[44]، مع لحاظ حالة «التمايز بينها، و لكن بهدف توثيق العلاقات الانسانية، من خلال التعارف و التعاون على ادارة هذه الحياة و التكامل في مسيرتها»[45].

و لعلنا بعد هذا الاستعراض السياقي المعارفي ننتهي الى أنَّ «القوم ـ الجمع ـ جميع ـ الشعب ـ القبيلة» عناصر داخلة في بطن «الأُمَّة» و تكوينها الحضاري و الثقافي و القيمي، فضلا عن أنَّها تمثل طاقاتها البشرية و الفكرية التي تعمل على نشر روح التغيير و الفضيلة تارة، و نشر الشر تارة اخرى…

«الأُمَّة» و آفاق النظر الدلالي العمودي

إنَّ رسم الطيف الدلالي لمفهوم «الأُمَّة» و تمثله على نحو قرآني دقيق يقتضي منا العمل على التعايش الدلالي مع ما يدل عليه هذا المفهوم كله، و صوغ اشعة الدلالة بلحاظ الترابط فيما بينها من جهة، و العدول عن الألفاظ الاصول في الدلالة على ما تضمن هذا المفهوم الدلالة عليه؛ بغية الوقوف على «اسرارية» التعدد الدلالي، و ما يمنحه من قيم تأثيرية و جمالية في رحاب الخطاب المتفرد.

الأمَّة: جماعة تجتمع على أمر ما، من دين، او مكان ،او زمان[46].

وردت لفظة «الأُمَّة» في القرآن الكريم في دلالتها الاجتماعية (56 مرة). وعلى الرغم من تعدد السياقات التي تحتوي هذه اللفظة، وكثرة تفريعاتها، ومن ثمَّ كثرة دلالاتها، الا إنَّنا نجد السيد الحكيم (قدس سره) قد أدار هذا التعدد السياقي وعالجه معالجة شاملة منتجة، فبدا ممهدا تارة، و مستنتجا تارة اخرى … فتناول مفهوم «الأُمَّة» بلحاظين هما[47]:

تناوله بلحاظ دلالته على البعد الاجتماعي المجرد، بمعنى دلالته على «مجرد الجماعة» البشرية «التي تربطها رابطة الاجتماع». و من ذلك قوله تعالى: (نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)[48].

وتناوله بلحاظ دلالته على البعد المعنوي و الفكري للجماعة البشرية. نعم لا يخلو التأسيس للأمَّة في المنظور القرآني من توخي الجوانب الفكرية والتربوية و المعنوية، و لعلي استطيع تقسيم هذا التناول على عدد من المحاور:

1 ـ جماعة الانبياء. و هو ما خرجت «الأُمَّة» للدلالة عليه في سياق عدد من الآيات المباركة. و من ذلك قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)[49]. لقد «اشارت الآية الكريمة الى جماعات من الناس متعددة بحسب الواقع اللغوي و التأريخي و الشعوبي، و لكنها ترتبط فيما بينها بروابط فكرية و عقائدية و سلوكية، و اهداف سياسية و حركية، بحيث تعبر بمجموعها عن مجتمع كامل، و هذه الجماعات هي جماعة الانبياء عبر التأريخ الانساني التي كانت ترتبط فيما بينها برباط الايمان بالله تعالى و توحيده، و بالغيب و الوحي الالهي، و بالدعوة الى الاخلاق الفاضلة، و التكامل في السيرة الانسانية»[50]. و قريب من هذا اشارة «الأُمَّة» في هذا السياق الى «ملة واحدة»[51] ينهل منها الانبياء (عليهم السلام)؛ فيأتي خطابهم الاصلاحي موحد الاهداف متعدد الادوار والمراحل.

2 ـ تأريخ الأُمَّة الاسلامية. من روائع الوقفات التأملية و التحليلية التي كانت للسيد الحكيم (قدس سره) بين يدي مفهوم «الأُمَّة» في البناء القرآني متابعته «تأريخ الامَّة الاسلامية و تأسيسها و معالمها» و ذلك في مقطع طويل من سورة البقرة المباركة[52]. فوجد أنَّه يتضمن استعراضا لموقف الوثنيين، و موقف اهل الكتاب من هذه الأمَّة، فضلا عن عرض العقيدة السليمة للاسلام الحنيف؛ و كذلك تقسيم أمم الانبياء على أساس من «الملة»[53]، و العقيدة، والفكر، والسلوك[54].

ويتكلم القرآن الكريم على المظاهر التي تميز الأمَّة المسلمة من غيرها، وهي مظاهر سلوكية، ومعنوية. من قبيل:[55].

أ ـ الايمان بكل الرسالات. وذلك في قوله تعالى: (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[56].

ب ـ الوسطية. و ذلك في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً…)[57].

و «الوسطية» تعني ـ فيما تعنيﻫ أنَّ هذه الامَّة عدل، والحق معها[58]، وتجمع الكمالات والسعادات المادية و المعنوية[59]، من دون أن يغيب عنها التوازن بين الاتجاه الجماعي و الاتجاه الفردي في الحياة[60] وصولا الى
«قيادة البشرية الى الاهداف الكبيرة»[61] من خلال تأكيد ثقة المسلمين أنَّ الناس يدخلون في مسؤوليتهم؛ لأنَّهم يحملون الرسالة القائدة[62]. وتبقى «الوسطية» ابرز ما تنماز به امَّة المسلمين.

ومما تقدم نصير مع السيد الحكيم (قدس سره) الى أنَّ القرآن الكريم «حينما يؤكد هنا على مفهوم «الأُمَّة» يعبر بها عن الجماعة التي يشترك افرادها في التأريخ المعنوي (العقائدي و السلوكي)… وكذلك يشترك ابناؤها في العقيدة و السلوك الاجتماعي القائم على هذه العقيدة»[63]؛ فتظهر رابطة السلوك الاجتماعي العام متمثلا بالدعوة الى الخير و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر، كما في قوله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[64]. وقوله تعالى: (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)[65]. و تظل للفظة «الأُمَّة» دلالتها على «جماعة العلماء»[66] في هذا السياق؛ فيكون العلم من مظاهر السلوك العام الذي تتبناه هذه الامَّة. ويظهر ايضا الأجل المعنوي، و«هو الاجل للعلاقات التي تربط بين هؤلاء الاشخاص عقائديا وسلوكيا، والتغييرات الرئيسة التي تحصل في الجوانب المعنوية للروابط والعلاقات السائدة في تلك الامم، حيث يترتب على هذه التغييرات العقائدية والسلوكية التغييرات الاجتماعية»[67]. ومن ذلك قوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ)[68]. و هنا اشارة لطيفة من السيد الحكيم (قدس سره) الى أنَّ «ما يصدر من الناس من اعمال سلوكية و اجتماعية، و ما يقومون به من نشاطات فكرية و معنوية صالحة او طالحة يؤثر بشكل مباشر في حركة التأريخ و الاوضاع الاجتماعية للناس و في تحديد عمر هذه الامَّة او تلك»[69]. و لا شك أنَّنا بازاء عمر قيمي و اخلاقي لهذه الامَّة او تلك، فضلا عن العمر التأريخي.

وفي التفاتة رائعة من السيد الحكيم (قدس سره) تأتي مسألة الفروق الدلالية التي تنم عن ذائقة لغوية و مقدرة عالية يتمتع بها في التماس المعنى و التحليل الدلالي السياقي، ولا سيما التفريق بين لفظتي «الأمَّة» و «القوم»؛ إذ يلحظ أنَّ لفظة «قوم» تستعمل للدلالة على «الجماعة التي تكون الروابط فيما بينها روابط شعوبية ذات علاقة بالدم و التأريخ المادي و الارضي … أمَّا «الأمَّة» فهي لفظة يراد منها بمعناها اللغوي مجرد الجماعة، و لكنَّها تطورت في الاستعمال القرآني فاصبحت كلمة تعني الجماعة التي ترتبط فيما بينها بالروابط الفكرية والعقائدية والسلوكية»[70].

وبعد يكون «لفظ «الأمَّة» هو اللفظ القرآني الاقرب مضمونا الى مصطلح المجتمع… و حينئذ تكون الآيات التي تناولت موضوع «الأمَّة» هي الآيات التي تناولت موضوع المجتمع الانساني بشكل عام»[71].

ولعلنا في ختام هذه المقاربة الفكرية ـ و في رحاب السيد الحكيم الخالد (قدس سره) ـ نستشعر أنَّ «الأمَّة» مجتمع يسوده الحوار، و التعايش السلمي، بعيدا عن الاقصاء و العدوان … مجتمع متعلم، متماسك، وطني، حركي (ثوري) يتطلع الى الكمال و القرب الالهي … مجتمع يمتلك أدوات التغيير، ومقومات الاستمرار … مجتمع الاسوة الحسنة، و التكافل …

و لعلنا أيضا نلمح في «الأمَّة» تجمعا او تأسيسا لملامح ثقافية، وسياسية، و اجتماعية، و اقتصادية … كأنَّها لا تنفصل عن بعض.

[1] ينظر. علم الاجتماع الديني / د. احسان محمد الحسن 25 ـ 26 .

[2] مفهوم الدولة / عبد الله العروي 20. و فيه كلام على بداية التفكير في «الدولة» قاربته الى مفهوم «المجتمع» .

[3] ينظر. مفردات ألفاظ القرآن / الراغب الاصفهاني (قوم) 693.

[4] ينظر. الفروق اللغوية / ابو هلال العسكري 313.

[5] ينظر. الدلالة النفسية للألفاظ في القرآن الكريم / محمد جعفر العارضي (اطروحة دكتوراه) 133.

[6] الانبياء: 11.

[7] يوسف: 7 ـ 9.

[8] ينظر. المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم / محمد فؤاد عبد الباقي 739 ـ 746.

[9] ذهب اصحاب «الوجوه و النظائر في القرآن الكريم» الى أنَّ لهذه اللفظة وجهين هما: بنو آدم، و الملائكة. ينظر. وجوه القرآن / ابو عبد الرحمن الحيري 474.

[10] الانعام: 133. و هكذا تكون دلالته في باقي المواطن، خلا ما اذكره مع «جماعة الجن» و «جماعة الملائكة».

[11] الاحقاف: 29 ـ 31.

[12] الذاريات: 24 ـ 25. و هكذا كانت دلالته في: الحجر: 62.

[13] ينظر. المجتمع الانساني في القرآن الكريم / السيد محمد باقر الحكيم 96 ـ 97.

[14] ابراهيم: 4.

[15] الحج: 42 ـ 43.

[16] الانعام: 97 ـ 99.

[17] الجاثية: 14.

[18] ينظر. الدلالة النفسية للألفاظ في القرآن الكريم 134 ـ 136. و فيها تحليل سياقي تفصيلي يقف على الدلالة المعاكسة (العداء) للفظة «قوم».

[19] طه: 79.

[20] الدلالة النفسية للألفاظ في القرآن الكريم 134.

[21] الدلالة النفسية للألفاظ في القرآن الكريم 134 ـ 135.

[22] المجتمع الانساني في القرآن الكريم 103.

[23] ينظر. مفردات ألفاظ القرآن (جمع) 201.

[24] ينظر. اقرب الموارد في فصيح العربية و الشوارد / سعيد الشرتوني (جمع) 1/ 463.

[25] ينظر. مفردات ألفاظ القرآن 201.

[26] ينظر. مفردات ألفاظ القرآن 201، اقرب الموارد في فصيح العربية و الشوارد 1/ 463.

[27] القمر: 45.

[28] المجتمع الانساني في القرآن الكريم 95.

[29] آل عمران: 166 ـ 167.

[30] المجتمع الانساني في القرآن الكريم 96.

[31] يس: 53. و اللفظ في: يس: 32، القمر: 44.

[32] الشعراء: 52 ـ 56.

[33] ينظر. التبيان في تفسير القرآن / الطوسي 8/ 23.

[34] المجتمع الانساني في القرآن الكريم 95.

[35] ينظر. مفردات ألفاظ القرآن (شعب) 455.

[36] ينظر. مختار الصحاح / الرازي (شعب) 338.

[37] ينظر. فقه اللغة و سر العربية / ابو منصور الثعالبي 218.

[38] ينظر. مختار الصحاح 338.

[39] ينظر. مفردات ألفاظ القرآن (قبل) 654.

[40] ينظر. مختار الصحاح (قبل) 520.

[41] ينظر. مفردات ألفاظ القرآن 654.

[42] ينظر. مختار الصحاح 520 .

[43] الحجرات: 13.

[44] ينظر. المجتمع الانساني في القرآن الكريم 97.

[45] المجتمع الانساني في القرآن الكريم 98.

[46] ينظر. مفردات ألفاظ القرآن (امّ) 86.

[47] ينظر. المجتمع الانساني في القرآن الكريم 98 ـ 99.

[48] النحل: 92. و اللفظ في: النساء: 41، الانعام: 42، 48، الاعراف: 160، 168، يونس: 47، النحل: 36، 63، 84، 89، المؤمنون: 44، النمل: 83، القصص: 23، 75، العنكبوت: 18، فاطر: 24، غافر: 5.

[49] الانبياء: 92. و اللفظ في: البقرة: 213، المائدة: 48، يونس: 19، هود: 93، 118، الرعد: 30 (مرتان)، المؤمنون: 52 (مرتان)، فصلت: 25، الشورى: 8، الزخرف: 33، الاحقاف: 18.

[50] المجتمع الانساني في القرآن الكريم 99.

[51] الوجوه و النظائر في القرآن الكريم / هارون بن موسى 46.

[52] الآيات: 130 ـ 143.

[53] يعزز ذلك أنَّ القرآن الكريم استعمل «امَّة» للدلالة على الملة، كما مر. و هكذا كانت دلالتها في: البقرة: 128، فاطر: 42، الزخرف: 22، 23، الجاثية: 28.

[54] ينظر. المجتمع الإنساني في القرآن الكريم 99 ـ 100.

[55] ينظر. المجتمع الانساني في القرآن الكريم 100 ـ 101.

[56] البقرة: 136.

[57] البقرة: 143.

[58] ينظر. التبيان في تفسير القرآن 2/ 5.

[59] ينظر. الميزان في تفسير القرآن / محمد حسين الطباطبائي 1/ 322.

[60] ينظر. من وحي القرآن / محمد حسين فضل الله 3/ 54.

[61] من وحي القرآن 3/ 54.

[62] ينظر. من وحي القرآن 3/ 54.

[63] المجتمع الانساني في القرآن الكريم 101.

[64] آل عمران: 104. و ينظر. المجتمع الانساني في القرآن الكريم 101.

[65] الاعراف: 181. و اللفظ في: آل عمران: 110، 113، الاعراف: 159.

[66] تأويل مشكل القرآن / ابن قتيبة 345.

[67] المجتمع الانساني في القرآن الكريم 102.

[68] الاعراف: 34. و اللفظ في: المائدة: 66، الانعام: 108، الاعراف: 34، 38، 164، يونس: 49، الرعد: 30، الحجر: 5، المؤمنون: 43، 44، الحج: 34، 67.

[69] المجتمع الانساني في القرآن الكريم 102.

[70] المجتنع الانساني في القرآن الكريم 103. و لعل هذا لا يتعارض مع توخي «الروابط المعنوية» في لفظة «قوم»، كما مر في موضع متقدم ؛ فقد كان ذلك على نحو الاحتمال و «التطور الدلالي».

[71] نفسه 104.

اكتب تعليق

كافة الحقوق محفوظة لمؤسسة تراث الشهيد الحكيم، ولا يجوز الاستفادة من المحتويات دون إذن خطي.

الصعود لأعلى