آثار الإمام محمد باقر الحكيم في الاقتصاد الاسلامي
بحث شارك في المؤتمر الثاني لإحياء التراث الفكري والعملي للشهيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم
الباحث: م.م. محمد حسين السويطي م.م. علي خوير مطرود
كلية التربية ـ جامعة واسط كلية التربية ـ جامعة واسط
المقدمة
قليلة هي الأحداث التي تحفر وجودها في ذاكرة التاريخ، واقل منها الرجال الذين يقف الفرد عاجزاً أمام إدراك أبعاد شخصيتهم ومكنوناتها، لارتباط الكثير منها بالوجود المقدس، وصعوبة الوقوف على قدم المساواة مع مستواهم الوجودي من اجل ان يستطع المرء التشخيص بدقة الصورة الكاملة لهذه الشخصيات. تلك الصعوبات التي تجد طريقها الى دراستنا هذه عن الشخصية الريادية للتعريف بها ولكننا سنبذل ما بوسعنا لتحقيق ذلك، على قاعدة ما لا يدرك كله لا يترك جله، والإشارة هنا لسماحة المظلوم الشهيد السعيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره).
لم يكن الإمام الحكيم من أولئك الرجال الذين يكتفون من دنياهم بالقليل، فلم يشأ في قرارة نفسه ان يكون رقماً بشرياً مهملاً، تمر عليه معادلات الزمن الصعب فتحيله الى رقم هامشي لا يكاد يذكر في حسابات الوجود وصنع الحياة، بل كان من أولئك الرجال الذين يصنعون الأمم ويديمون الحياة، والذين يسعون الى ان يصبحوا رقماً صعباً في معادلة الوجود، ومن هنا لا يحق لنا ان نتلمس الغرابة في آثار هذا الرجل السياسية أو الفكرية أو الجهادية او الاقتصادية التي نحن بصدد التعرض لها في بحثنا هذا الموسوم (آثار الإمام الحكيم في الاقتصاد الإسلامي)، وذلك لان سماحته كان موسوعة علمية ـ عملية بكل الاتجاهات والمعاني المجازية منها والحقيقية، ومن الطريف الإشارة الى ان من يطلع على التاريخ الجهادي للسيد الحكيم لا يستطيع ان يتصور ان أمور الجهاد والنضال ما أبقت للرجل من وقت أو جهد للتأليف والدرس، ولكن أثبتت آثاره الكثيرة المطبوعة منها وغير المطبوعة ان الله إذا أحب عبداً وسّع عليه في دنياه وسخر له كل شيء ليفيض على أبناء جلدته بما وهبه تعالى من العلم والعمل.
لقد بذلنا جهداً كبيراً في هذا البحث، من اجل عرض وإظهار جزء يسير من آثار الإمام الحكيم وتحديداً المجال الاقتصادي منها، والمعروف ان هذا المجال ولا سيما في الشريعة الإسلامية مجال صعب الولوج فيه والبحث في تفصيلاته الدقيقة والمتشعبة، وخصوصاً في ضوء النظريات العالمية الوضعية، التي أراد لها مؤلفوها ان تصبح بديلاً واساساً لاقتصاد عالمي قلما كتب فيه ونظر له العلماء والمؤلفون، الا ان السيد الحكيم كانت له في هذا المجال اليد الطولى، ولكن مما يؤسف له ان آراء سماحته جاءت متناثرة في بطون كتبه وأحاديثه وتسجيلاته الصوتية، ولم تجمع في مؤلف واحد يفهرس بحسب المواضيع وأهميتها، وان كانت هنالك محاولات مباركة لمؤسسة تراث الشهيد الحكيم بإصدارها كتابين هما: (دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي) وكتاب (نافذة على الإنفاق) اللذين اعتمدناهما مصدرين أساسيين لتحديد آراء سماحته في هذا المجال، وقد حاولنا ان نعرض تلك الآراء على بعض الكتب ذات الوزن العلمي الرصين في المجال الاقتصادي للوقوف على تباين الآراء بين السيد الحكيم وباقي فقهاء الدين، وكان في مقدمة الكتب جميعاً كتاب (اقتصادنا) للشهيد السعيد الصدر، وخصوصاً عند حديثنا عن الخطوط العشرة التي اقرها الشارع المقدس لخط سياسات الإنتاج بالنسبة للفرد، وكذلك عند حديثنا عن موضوع الملكية الخاصة والعامة، والى جانب ذلك اعتمدنا على سلسلة من مؤلفاته الأخرى، مثل كتاب (دور أهل البيت (عليهم السلام) في بناء الجماعة الصالحة) وكتاب (المجتمع الإنساني في القرآن الكريم).
ولتسهيل عملية تتبع المقاصد ارتأينا ان نقسم الدراسة على خمسة مباحث، مصدرة بمقدمة تناولنا فيها هدف البحث ونطاقه، ومقفاة بخاتمة ضمنّا فيها خلاصة البحث والاستنتاجات مع التوصيات، فضلاً عن قائمة المصادر والمراجع، وعرفنا في المبحث الأول (بنتاجات الإمام الحكيم الاقتصادية) وهي على قسمين، الأول خاص بالاقتصاد الإسلامي مثل كتاب (دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي)، والثاني عام تناول فيما تناول الاقتصاد الإسلامي مثل كتاب (المجتمع الإنساني في القران الكريم)، وبحثنا في الثاني (سمات منهج الإمام الحكيم في دراساته العلمية مع التركيز على دراساته الاقتصادية) وكان أهمها الموضوعية والحرية والنقد والتحليل والواقعية، وناقشنا في المبحث الثالث والأخير (الآراء الاقتصادية للإمام الحكيم) وتطرقنا فيه الى نظرة سماحته لغاية وهدف الاقتصاد الإسلامي، وأثر الفرد في الإنتاج والتنمية وفي التوزيع وتحقيق العدالة الاجتماعية، وأثر الفرد في التبادل التجاري، وغيرها من الموضوعات ذات العلاقة.
وقبل الختام يحتم علينا الوفاء والعرفان بالجميل ان نتقدم بوافر شكرنا وخالص تقديرنا الى اللجنة التحضيرية للمؤتمر التي وفرت لنا فرصة هذه الاسهامة المتواضعة، والى مؤسسة تراث الشهيد الحكيم التي أهدتنا مجموعة قيمة من مؤلفات السيد الحكيم، كما نسجل باعتزاز كبير جزيل شكرنا للمساعدة القيمة التي أبداها الأخ العزيز الدكتور محمد تقي جون الذي لم يبخل علينا بوقته وجهده في قراءة البحث وتقويمه لغوياً حرصاً على إخراجه بشكل يتناسب وحجم المحفل العلمي الذي نحن بصدده.
ختاماً لا ندعي اننا وفينا البحث حقه، لان ذلك ليس من الأمور اليسيرة، لعمق الفكر الإسلامي للإمام الحكيم من جهة، وصعوبة الإطلاع عليه بشكل واف لعدم وجوده في مصدر أو مصادر في متناول اليد من جهة ثانية، فضلاً عن ضيق الوقت، ولكن كما قيل قديماً ان على العبد الاجتهاد وعلى الله الأجر. ومن الله التوفيق كله.
المبحث الاول
التعريف بنتاجات الإمام الحكيم الاقتصادية
برز الإمام الحكيم مفكراً إسلامياً، خاض في مجالات إسلامية مختلفة، ومنها الاقتصاد الإسلامي، الذي ترك فيه مؤلفات عديدة، انقسمت على قسمين، قسم اختص بالاقتصاد الإسلامي وغايته استظهار بعض جوانبه مثل كتاب (دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي)، وقسم آخر تناول فيما تناول الاقتصاد الإسلامي، ولا سيما مؤلفاته التي قدم فيها آليات خلق مجتمع متوازن يضمن حقوق مواطنيه كافة ويكفل لهم المعيشة الهانئة، وكان من تلك الآليات الاقتصاد الإسلامي، فأشار الى بعض جوانبه ليكمل ما طرحه من فكرة، مثل كتاب (دور أهل البيت (عليهم السلام) في بناء الجماعة الصالحة). وسنعتمد في التعريف بنتاجات سماحته على المنهج الوصفي بعد تقسيمها على قسمين، هما:
أولاً: المؤلفات التي خصصت للاقتصاد الإسلامي:
1 ـ دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي: هذا الكتاب في الأصل مجموعة محاضرات للإمام الحكيم، عملت مؤسسة تراث الشهيد الحكيم على جمعها وتبويبها وفهرستها وإخراجها على شكل كتاب[1] يقع في أربع وثمانين ورقة. استندت فكرة البحث الى إشعار الفرد بمسؤوليته في الاقتصاد الإسلامي وأثره الكبير في تنمية موارد الأرض واستثمارها لصالح عامة المسلمين، بوصفه خليفة الله سبحانه وتعالى في الأرض[2]، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)[3] وتكمن أهمية هذه الدراسة التي قل من تناولها من الباحثين بشكل مستقل في بحوث الاقتصاد الإسلامي في تحديد أثر الفرد في النظرية الاقتصادية الإسلامية، وبالتالي معرفة الحدود العامة لعمل الدولة فيها، فضلاً عن تشخيص المسؤوليات التي يتحملها الفرد والدولة [4].
وتضمن هذا الكتاب الأطر العامة للنظرية الاقتصادية الإسلامية، التي تماشت مع فطرة الإنسان ورغباته ضمن الحدود الألهية، ومنها (حب المال والتملك ـ الحرية الاقتصادية والفطرة ـ التفاوت في القدرات ـ الانتفاع المحدود ـ الملكية والحقوق الخاصة)[5]، ثم انتقل الى معالجة الموضوع الرئيس وهو أثر الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ووزع ذلك على ثلاثة محاور هي: (مسؤولية الفرد في الإنتاج والتنمية ـ مسؤولية الفرد في التوزيع وتحقيق العدالة الاجتماعية ـ مسؤولية الفرد في التبادل التجاري)[6] فضلاً عن مواضيع اخرى ذات علاقة بهذا الموضوع[7].
2 ـ نافذة على الإنفاق: وهذا الكتاب ايضاً في الأصل عدد من المحاضرات الصوتية للسيد الحكيم، تناول فيها جانباً اقتصادياً مهماً، جمعتها مؤسسة تراث الشهيد الحكيم وأخرجتها على هيئة كراس سنة 2005م، بلغ عدد صفحاته احدى وستين صفحة، وأشرف على إخراجه السيد حيدر مهدي الحكيم[8].
وتأتي أهمية هذا الكتاب بمعالجته لأحد الموضوعات الاقتصادية المهمة وهو (الإنفاق) وكيف يستطيع الفرد الإسلامي ان يحقق إنفاقاً متوازناً بين الإسراف والإقتار، إذ قدم سماحته آليات ذلك وفقاً للمفهوم الإسلامي[9]. وأشار الى وجود خطين رئيسين للسلوك العملي في الإنسان هما: العبادة والإنفاق[10]، وان الخط الأخير على نوعين هما (الواجب ـ المستحب)[11]، ولا يتم ذلك الا بشروط هي: (الإيمان ـ النية الصالحة ـ عدم المن والأذى ـ عدم الإملاق ـ التوازن)[12]. ويحقق الإنفاق آثاراً ايجابية على حياة الإنسان، لذلك حث عليه الإسلام، ومن تلك الآثار (الخير للإنسان ـ تهذيب أخلاقه تأمين سيولة نقدية ـ اعمار الأرض ـ تيسير الحياة الاجتماعية ـ كسب الآخرة)[13]، كما تضمن الكتاب مواضيع اخرى ذات علاقة[14].
ثانياً: المؤلفات التي تناولت فيما تناولت الاقتصاد الإسلامي:
1 ـ تفسير سورة الحديد: والكتاب في الأصل عبارة عن دروس كان يلقيها سماحة السيد الحكيم على جمع من فضلاء الحوزة العلمية، قامت مؤسسة الشهيد الحكيم بطبعها على شكل كتاب في صيف 2006 بعد فهرستها وتحقيقها، وقد كانت للشيخ محمد الحلفي والسيد محمود الحكيم جهود مباركة وأثر مهم في إخراج هذا النتاج العلمي الثر[15]، وهو كتاب في التفسير، إذ ان سماحته كان قد طرق باب التفسير للقران الكريم وفق منهجية حديثة، فقد امتاز بالتفسير الموضوعي الذي يقدم الرؤية الكاملة للحياة بمختلف أبعادها، كما قدم نماذج عليه، لا سيما في محوري السنن التاريخية وعناصر المجتمع[16]، وفضلاً عن هذا فقد وضع الشروط الواجب توافرها في شخص المفسر وهي (الذهنية الإسلامية ـ امتلاك رؤية في وحدة النص القرآني ـ العقيدة الصحيحة المستنبطة من القران الكريم)[17].
وقد تطرق الإمام الحكيم أثناء تفسيره لهذه السورة المباركة التي تعتبر من المسبحات، لأنها تبدأ بتسبيح الله سبحانه وتعالى، الى أهداف هذه الآية وغاياتها، ومنها الدعوة الى الإنفاق والقسط والعدل والتكافل الاجتماعي الذي يتحقق عن طريقين هما: (الإيمان بالله سبحانه وتعالى واليوم الآخر ـ إنفاق الأغنياء والمقتدرين)[18]. كما بين أسباب نزول السورة المباركة، والذي هو سبب اقتصادي، فقال: (نزلت بعد فتح مكة، حيث ألمحت السورة الشريفة الى قضية عدم المساواة بين الذين انفقوا قبل الفتح والذين انفقوا بعده، مما يدل على انها نزلت بعد فتح مكة، وفي هذه الفترة بدأ المسلمون يواجهون شيئاً من حياة الدعة والرخاء، الأمر الذي أدى الى ظهور ما يسمى بالخدر الحضاري)[19]. ولكون الإمام قد تميز كما سنبين في منهجه العلمي بواقعيته في البحث[20] فقد لذا وقع اختياره على هذه الآية المباركة ليربطها بمعاناة شعوب المسلمين، ويبين ما فيها من غايات سامية وأهداف وتجارب، ومنها التجربة الاقتصادية الإسلامية، التي أكدت على ضرورة عدم الاستسلام للخدر، وعليه ان يسعى في الدنيا استناداً الى قوله تعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)[21]. فجاء التفسير مشتملاً على جوانب اقتصادية كثيرة ومتنوعة منها: الإنفاق وشروطه وفوائده وضوابطه[22]، والمال وفوائده وكيفية استثماره بما يرضي الله سبحانه وتعالى ويحقق مجتمعاً متكافلاً[23]، كما فصل سماحته في فضائل الحديد وكيف ان فيه عزة للمسلمين من خلال استعماله في الصناعة التي هي من النشاطات الاقتصادية المهمة مثل أدوات القتال وغيرها من الأدوات التي يتزود منها الناس في مختلف قضاياهم ووسائلهم الحياتية[24] فضلاً عن مواضيع اخرى ذات علاقة بالاقتصاد الإسلامي[25].
2 ـ الحج تاريخه، أبعاده، أحكامه: ألفه الإمام الحكيم لإدراكه الأهمية البالغة والعظيمة لهذه الفريضة الدينية، وما تقدمه للمجتمع الإسلامي من فوائد جليلة، لان معرفة المسلمين البعد التاريخي لهذه الفريضة يوفر لهم أموراً مهمة، منها عودة المسلمين الى الله تعالى وعودة المسلمين الى الإسلام وإرجاع المسلمين الى شخصياتهم وغيرها من الفوائد[26]، ولم تكن هذه المحاولة الأولى لسماحته، وإنما تناول هذا الموضوع بأبحاث مستقلة، استطاع ان يكشف النقاب عن الكثير من أسرارها وأبعادها وفلسفتها وتاريخها وأهميتها وموقعها بالنسبة الى باقي الفرائض[27].
وتناول الإمام الحكيم ضمن ما تناول من موضوعات (الزكاة)، وهي المؤسسة الاقتصادية الإسلامية المسؤولة عن تحقيق التكافل في المجتمع الإسلامي، وذلك ان الحاج يزكي أمواله بالإنفاق والبذل، فقد ورد استحباب مؤكد كما ذكر سماحة السيد الحكيم من قبل الشارع المقدس لانفاق ثلث الأضحية على الفقراء والأصدقاء بعنوان التصدق والهدية[28]، وهذا الأمر بلا شك سيوفر فرصة للمحرومين والفقراء في تناول طعام ربما حرموا منه سنة كاملة وهو اللحم.
3 ـ دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة[29]: وهو سفر جليل خطه الإمام محمد باقر الحكيم لأجل إبراز معالم الأطروحة الرسالية لأهل بيت النبوة والعصمة في بناء مجتمع إنساني، من خلال الممارسات العملية وما ورد عنهم من أقوال ونصوص، ليتسنى من خلال ذلك توضيح الأسس المتينة لقيام كتلة إسلامية واحدة تحقق مبدأ الخيرية في قوله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)[30].
ويقع هذا الكتاب في مجلدين كبيرين، تتجاوز عدد صفحاتهما الألف والسبعين (1070) صفحة، خصصه الإمام الحكيم لبيان طروحات أهل البيت (عليهم السلام) في الرسالة الإسلامية بأبعادها المتعددة العقائدية والاجتماعية، ذلك لكونهم امتداداً للنبوة في خط الإمامة وولاة الأمر الذين أوجب الله طاعتهم وولايتهم ومودتهم[31].
وحاول الإمام الحكيم فأجاد في ان يحقق تطويراً نوعياً في الأبحاث والدراسات حول أهل البيت، وبشكل يهتم اهتماماً خاصاً باكتشاف وتفسير جميع أبعاد أثر أهل البيت في الحياة الإسلامية من ناحية، والتركيز على جانب علاقة هذه الأبعاد بالنظرية الإسلامية من ناحية أخرى[32].
وقد قسم هذا الكتاب على سبعة أبواب، تضمن الباب الأول (الأهداف والخصائص) وتطرق الثاني الى (القواعد والأسس)، وتناول الباب الثالث (نظام الجماعة العام)، في حين خصص الباب الرابع الى (نظام امن الجماعة)، وتضمن الباب الخامس (النظام الاقتصادي)، وتطرق الباب السادس الى (نظام العلاقات الاجتماعية)، أما الباب السابع فخصص (للشعائر والعبادات)[33].
ولان الجماعة الصالحة لا يمكن ان تكون الا وفق اعتماد نظرية اقتصادية تضمن لجميع أفراد هذه الجماعة حياة معاشية هانئة، لذا تطرق السيد الحكيم في الباب الخامس من كتابه الى النظام الاقتصادي الإسلامي مع التركيز على روايات وسلوكيات أهل البيت (عليهم السلام) كونهم نطاق الدراسة وهدفها المنشود[34].
وتناول السيد الحكيم أهداف النظام الاقتصادي والمشكلة الاقتصادية في فكر أهل البيت[35] والتشريعات الاقتصادية العامة وهي: (الزكاة ـ الأراضي الموات ـ الأراضي الخراجية ـ الأوقاف العامة والخاصة) وأهمية هذه التشريعات وما يترتب عليها من تبعات مالية[36]. كما تطرق الى التشريعات الاقتصادية الخاصة في فكر أهل البيت (عليهم السلام) وهي (الخمس وأثره في إصلاح الأوضاع الاقتصادية للجماعة الصالحة واليات التكافل الاجتماعي)[37]، و درس أيضاً النشاط الاقتصادي بأوجهه المختلفة كالتجارة والصناعة والزراعة وضوابطه، وكيف يكون مفيداً للمجتمع[38].
4 ـ المجتمع الإنساني في القران الكريم: وهو كتاب كبير خصصه السيد الحكيم للبحث في المجتمع الإنساني في ضوء القران الكريم، وتأتي أهمية هذه الدراسة من كونها دراسة حية ما دام الإنسان حياً على وجه هذه الأرض، فبعد ان انتشرت في عالمنا المعاصر العديد من النظريات التي تناولت هذا الموضوع ومن مختلف الاتجاهات الفكرية، طرح سماحته التصور الإسلامي متمثلاً في النظرية القرانية للمجتمع الإنساني أمام النظريات والتفسيرات المادية الأخرى[39]. وقد قسم الكتاب الى مقدمة تناول فيها موضوع البحث وأهميته ومنهجه العلمي المتبع[40]، وخصص الباب الأول لمناقشة قضيتين رئيستين هما: معنى الخلافة ومبرراتها، ومسيرة هذه الخلافة من خلقها ووجودها وحتى قيامها على الأرض تحت عنوان (خلافة الإنسان)[41]، وتناول في الباب الثاني (المجتمع الإنساني ونشوؤه) العناصر الأساسية التي تكون منها المجتمع الإنساني والوحدة الفطرية التي كان يقوم عليها هذا المجتمع[42]، واستعرض في الباب الثالث الاختلاف في المجتمع البشري، وتأثير الهوى على عناصر الوحدة الفطرية، ومعالجة هذا الاختلاف بالشريعة والإمامة، والأسس التي يقوم عليها التفسير في المجتمع الإنساني، سواء الأسس البشرية ام الرسالية، وجاء تحت عنوان (اثر الهوى والدين في المجتمع)[43]، وخصص الباب الرابع ل ـ (النظرية القرانية في حركة التاريخ) لمناقشة أثر العقيدة الديني في تعديل المثل الأعلى للإنسان، وأثر ذلك في العلاقات الاجتماعية مع إجراء مقارنة بين ما طرحه الإسلام وما طرحته النظريات الأخرى في هذا الصدد[44]. وفي الباب الخامس الذي سماه (الدين والعلاقات الاجتماعية) بحث علاقة الدين بالعناصر الأساسية للمجتمع الإنساني من خلال (الدين وعلاقة الإنسان بالطبيعة ـ الدين وعلاقة الإنسان بالإنسان ـ الدين والعلاقات المتبادلة بين الإنسان والإنسان من ناحية والإنسان والطبيعة من ناحية اخرى)[45]، واستعرض في الباب السادس والأخير (الوحدة الدينية) وهو أوسع أبواب الكتاب، أسس الوحدة الالهية والحكم الإسلامي في هيكليته وأركانه، وأثر الحكم في المجتمع الإنساني، وخصائص الحكم الإسلامي، فضلاً عن النتائج والآثار التي حققتها الرسالة الإسلامية[46].
وتناول سماحته فيما تناول النظريات الاقتصادية مثل الماركسية وغيرها وناقشها واثبت ضعفها[47]، وتوزيع الثروة الطبيعية وآراء النظريات الاقتصادية في ذلك، ومقارنتها مع النظرية الاقتصادية الإسلامية[48]، فضلاً عن مواضيع اقتصادية اخرى، لان القران الكريم قدم انموذجاً ناضجاً لمجتمع يكفل حقوق رعاياه كافة في جوانب الحياة المختلفة ومنها الجانب الاقتصادي، الذي يقدم للإنسان ما يحتاجه من طعام وشراب وملبس، يستطيع من خلالها التقوي والاستمرار بمواصلة العبادة الله سبحانه وتعالى.
المبحث الثاني
سمات منهج الإمام الحكيم العلمي مع التركيز على دراساته الاقتصادية
تميز الإمام الحكيم باعتماده منهجاً علمياً قائماً على التحليل والنقد والمقارنة، ساعياً للوصول إلى الحقيقة واستنباط الأحكام والقوانين، يساعده في ذلك نبوغه الفطري وخبرته الواسعة، وهذا ما جعل مؤلفاته متميزة ومعروفة. ويمكن أن نلخص سمات المنهج العلمي للإمام الحكيم في دراساته الاقتصادية بالنحو الآتي:
أولاً ـ الحرية: كان الإمام الحكيم حراً في بحثه، يعالج مواضيعه التي يكتبها معالجة شخصية، لا ينقل فيها عن كتب غيره، ولا يعتمد آراءهم، الا إذا اقتنع بانها الحقيقة بعينها، فلم يكن مقلداً لآراء غيره ممن سبقوه في التأليف، وهذا واضح في مؤلفاته العلمية كافة، ومنها مؤلفاته في الاقتصاد الإسلامي، التي قدم من خلالها رسالة مفادها ان المجتمع الإسلامي لا يمكن ان يرتقي قمة المجد والاستقرار والتكافل الا باعتماد الاقتصاد الإسلامي، الذي يضمن حقوق الفرد والمجتمع والدولة وفق مبادئ ومعايير الهية موزونة.
ثانياً ـ الواقعية: انطلق الإمام الحكيم في معالجته للمواضيع العلمية من واقع المجتمع الذي يعيش فيه، فهو ابن عصره، يتأثر بما يرى ويكتب ما يشاهده، واصفاً العلاج الذي يراه مناسباً، فقد اهتم سماحته بعدة مسائل حدثت في عصره ونوقشت وأثيرت مناشئ هذه الأحداث، فطرحها في ضوء الفكر الإسلامي، ونبه المجتمع الإسلامي على خطرها مثل كتابه (رفض الطغيان)[49]، الذي حذر فيه من خطر الأنظمة الطاغية الدكتاتورية، وكذلك لما أثيرت قضية عجز مجاراة الدين الإسلامي لمتغيرات العصر، أنتج كتاب (الاصالة والمعاصرة)[50]، الذي قدم من خلاله رسالة مفادها: «ان الشريعة الإسلامية فيها جانب ثابت يستجيب للثبات في حاجات الإنسان الدنيوية والأخروية، وفي أسباب الكمالات الإلهية الموصلة إلى الله تعالى، وفيها جانب مرن يستجيب للظروف الاجتماعية والمادية في حياة الإنسان، ما لم يكن هذا التطور بسبب عوامل مضادة للشريعة وأهدافها»[51]. وفي جانب الدراسات الاقتصادية، فإننا نجد سماحته قد سار فيها على الطريقة الواقعية، فبحث مسائل التسعيرة والاحتكار والإنفاق وتدخل الدولة والحرية الاقتصادية حسب الإطار الشرعي الذي يجب ان يكون عليه، مستنداً في ذلك الى النصوص المقتبسة من مصادر التشريع الإسلامي والأدلة العقلية، مكثراً من روايات أهل البيت (عليهم السلام)، بعد ان يخضعها لميزان العقل، ويسلم علمياً بانها صحيحة[52].
ثالثاً ـ الاستقراء: كانت كتابات الإمام الحكيم ظاهرة جديدة في التأليف، جعلت منها وثائق مهمة لكل الباحثين ومرجعاً مهماً لهم، فانه إذا كتب بمسألة لم يتركها حتى يجلي عنها كل ما يحيطها من غموض، بأسلوب شيق ولغة مفهومة وعبارات قصيرة، وهذا ديدنه في مؤلفاته كافة دون استثناء، والتي تعد بحق الفكر الإسلامي الصحيح، وانه يتوجب على المسلمين كافة مراجعتها وفهم ما جاء فيها حتى يفهموا دينهم ويحققوا مجتمعاً متكاملاً للضعيف فيه مثلما للقوي.
رابعاً ـ احترامه لآراء غيره: كان الإمام الحكيم يحترم المذاهب الإسلامية والعلماء، ويؤكد في خطاباته وكتاباته على الوحدة من خلال الالتفات الى المشتركات وما أكثرها! فعلى الصعيد العلمي ألف كتباً في هذا الصدد مثل كتابه (الوحدة الإسلامية من منظور الثقلين)[53] وأشرف على مجلات علمية اختصت بهذا الأمر مثل (مجلة التقريب)[54]. وعلى الصعيد العملي انشأ سماحته (المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية)[55]، الا انه استثنى من هؤلاء العلماء من كان علمهم لغير الله، فقد جعل واجبه العلمي الشرعي بوصفه فقيهاً اسلامياً وباحثاً محترفاً تفنيد ما جاء به هؤلاء بالعقل والمنطق حتى لا يقلدهم ضعفاء العلم وجهلاء المسلمين وبالتالي تشوه صورة الإسلام معاذ الله.
وكان الإمام الحكيم لا يتردد في الاستشهاد بسير الخلفاء الراشدين ما دامت توافق الثقلين والعقل، مثل استشهاده بإجراء الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب (13 ـ 23 ﻫ) في جعل الأراضي الخراجية ملكاً عاماً للمسلمين، ومنها ارض العراق المعروفة ب ـ (السواد)[56].
وبلغ من أدب سماحته ان يذكر بكل تواضع ان هناك بحوثاً أو كتباً أوفى وأعمق من دراساته ويحيل القارئ إليها، مثله في ذلك مثل الشجرة المثمرة التي كلما حملت ثماراً أكثر كلما ازدادت تواضعاً، فعلى سبيل المثال في كتابه (دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي) يحيل القارئ الى كتاب (اقتصادنا) للشهيد محمد باقر الصدر، ويقول: «واعتقد ان أفضل كتاب إسلامي تناول النظرية الاقتصادية الإسلامية بمجموعها هو كتاب اقتصادنا لاستاذنا الشهيد الصدر، الذي اعتمدنا عليه في مراجعة هذه المفردات، ولكننا قد نختلف معه في بعض الاستنتاجات التي توصل إليها» [57]، ومن يتمعن في هذا النص تتوضح له صورة التواضع والاحترام لآراء غيره بشكل اكبر، فقد صدّر عبارته بكلمة (واعتقد)، لانه ربما لم يطلع على كتب إسلامية اخرى في هذا الصدد جديرة بالاهتمام فيبخسها ومؤلفيها حقها، وأثناء سياق الكلام يشير الى مصدره الرئيس الذي هو كتاب (اقتصادنا) بكل صراحة، ويقول بتواضع «ولكننا قد نختلف معه».
خامساً ـ التعليل والتفسير الديني: اعتمد الإمام الحكيم التفسير الديني للظواهر الاقتصادية التي يدرسها، ومرد ذلك الى كونه فقيهاً اسلامياً قبل ان يكون مؤرخاً وعالم اجتماع وسياسياً. فيرى مثلاً ان حالة التردي الاقتصادي في المجتمعات الإسلامية اليوم هي نتيجة التهاون في تنفيذ مبادئ الدين الإسلامي الصحيح، فلو كان هذا المجتمع متماسكاً اخوياً يحكمه الإسلام كما في قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)[58] لتغير الوضع نحو الأفضل بلا أدنى شك[59].
سادساً ـ الإنصاف: ويتمثل هذا بتجرد سماحته من الهوى والتحرر من كل ميل وإعجابه أو كراهيته سواء أكان ذلك لمذهب سياسي أو ديني أو فلسفي…الخ، ومع انه كان عالماً إسلامياً فقيهاً امامياً مشهوراً بهذه الصفة الا انه تعامل بعقلانية مع الدين وليس بالعاطفة، وهذا ما انسحب على نظرته الى جميع الأمور، وانعكس على كتاباته دون ان يخضعها لعواطفه وميوله ورغباته، فهو يرى ان على الباحث العلمي ان لا يتخذ موقفاً معيناً مسبقاً تجاه النص الذي يتعامل معه، وان لا تحركه الدوافع النفسية أو المذهبية، وان لا يفرض ذاته على الموضوع الذي يتعامل معه ويأخذ ما يؤيد نظريته ويترك الأدلة الباقية؛ لان هذا يؤدي الى تضليل في فهم الدين وقلب للحقائق وتشويه للتراث[60].
وكان منصفاً في كتاباته، فلم يعتمد في إسناده على علماء طائفة واحدة، وان كان قد أكثر من ذكر علماء الشيعة، فنراه يورد الروايات المختلفة بحيادية وإنصاف، فهو يورد الأحاديث والروايات عن علماء الشيعة[61] وعلماء السنة[62]، وكانت هذه الروايات بمناشئها كافة تخضع للمقارنة مع ما جاء به كتاب الله وسنة نبيه وما يقبله العقل.
سابعاً ـ الأمانة العلمية: كان الإمام الحكيم أميناً في نقله للأحاديث النبوية وأقوال مشايخ الإسلام وفقهائه، يدل على ذلك مئات الأمثلة التي وردت في كتبه عامة ومنها الاقتصادية، التي اثبت محققوها صحة ما ذهبنا إليه. ويظهر انه حتى الوهم والالتباس اللذان يصيبان الباحثين في أحيان كثيرة نتيجة كثرة المادة المجموعة وصعوبة فرزها وتوظيفها كانا بعيدين كل البعد عن ذهنية سماحته. وكيف لا يكون كذلك وهو من صفوة الناس الذين اثروا الشهادة على التدليس أو التهاون بدينهم.
ثامناً ـ الموضوعية: كان الإمام الحكيم بعيداً عن الذاتية والتعصب والمكابرة، وقد أوصى بهذه الأمور مراراً وتكراراً واعتبرها من مضعفات البحوث العلمية[63]. وتميز أسلوبه بالجمع بين البساطة والتنوع، وان كان في بعض الأحيان يستعمل ألفاظاً قد تكون صعبة على متوسطي الثقافة، الا انه يعود فيشرح تلك الألفاظ بأسلوب بسيط كلما اقتضت الضرورة لذلك، وصعوبة هذه الألفاظ ليس المقصود منها جعل الكتاب صعب الفهم وإنما لطبيعة المادة المبحوثة التي في أغلبها أقوال للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحابته وأهل بيته المعصومين، وهي أقوال ذات لغة سليمة منبثقة من القران الكريم، فقد أورد الطبري (ت 525 ﻫ) في هذا الصدد ما نصه «أن حديثنا أهل البيت صعب مستعصب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للأيمان»[64]، لذلك خصصت كتب كاملة لشروحات هذه الأقوال اللغوية والاصطلاحية[65]. كما أكد ان حكمة الله سبحانه وتعالى أعظم من أي حكمة بشرية، ومهما بلغت نظريات البشر فإنها لا تستطيع ان تصمد أمام النظريات الالهية التي جعلت كل شيء في هذا العالم يسير بنسق معين[66]، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)[67].
تاسعاً ـ النقد والتحليل: تميز الإمام الحكيم بامتلاكه بصيرة وفكر ثاقب مكناه من تفهم أجواء الوقائع والتنبؤ بحدوثها، وتحديد مكامن القوة والضعف أينما وجدت، مما ساعده على وضع الأمور في نصابها الصحيح ومساراتها المناسبة، ويتبين ذلك من خلال تعليقه وشكه وتحليله لجميع النصوص التي أوردها، ولا يكتفي بهذا بل كان يقارن رواية بأخرى، ويستشهد بنص على نص آخر.
المبحث الثالث
الآراء الاقتصادية للإمام الحكيم
يظهر جلياً لمن يتتبع مسيرة السيد الحكيم العلمية والفكرية، ان سماحته كان قد ابتدأ تطلعاته الفكرية ذات الطابع الاقتصادي منذ وقت مبكر، ويمكن تلمس ذلك بوضوح من خلال إسهامه في تنظير مسودات النتاجات الفكرية للسيد الإمام الصدر الأول، ومناقشه للكثير من الآراء التي وردت فيها، ولاسيما في السفر الخالد كتاب (اقتصادنا)، وعلى ما يظهر فإن جهوده في هذا المجال قد تركت أثراً واضحاً في نفس السيد الصدر مما حدا به إلى وصف الإمام الحكيم في مقدمة كتابه عندما اعتذر لجمهور قرائه قائلا «وكنت أرجو إن يكون لقاؤنا اقرب مما كان ولكن ظروفاً قاهرة اضطرت إلى شيء من التأخير، بالرغم من الجهود التي بذلتها بالتضامن مع عضدي المفدى العلامة الجليل السيد محمد باقر الحكيم في سبيل انجاز هذه الدراسة ووضعها بين أيديكم بأقرب وقت ممكن»[68] ويزداد الإعجاب حينما نشير إلى إن عمر السيد الحكيم في ذلك الوقت لم يتجاوز الخامسة عشرة أو السادسة عشرة على ابعد تقدير، وفي ذلك دليل قوي على نبوغ واتقاد ذكاء ربما تجاوز في كثير من الأحيان الحد المتعارف عليه، ولا غرابة في ذلك إذا انعمنا النظر في الأصول العلمية لسماحته التي تنحدر من أسرة علمية زقت العلم زقا، كان ابرز كواكبها في سماء العلم سماحة المرجع الكبير زعيم الطائفة السيد محسن الحكيم (رضي الله عنه).
أسهمت عوامل عدة في تشكيل الرؤية الفكرية الاقتصادية لدى السيد الحكيم كان في مقدمتها ما قرأه من كتب في الأصول والتشريع، ولاسيما ما كان منها ذا علاقة بالتشريعات الاقتصادية الإسلامية، وفي مقدمتها جميعا كتاب (اقتصادنا) الذي ـ على ما يظهر ـ قد اخذ شيئاً كبيراً من فكر السيد الحكيم، لما ورد فيه من آراء وجد فيها السيد الحكيم تشكيلا نظرياً تعدى أقرانه، الأمر الذي دفعه إلى كيل المدح والثناء عليه قائلاً: «واعتقد إن أفضل كتاب إسلامي تناول النظرية الاقتصادية الإسلامية هو كتاب اقتصادنا لأستاذنا الشهيد الصدر الذي اعتمدنا عليه في مراجعة هذه المفردات ولكننا قد نختلف معه في بعض الاستنتاجات التي توصل إليها»[69] وسنتطرق تباعاً الى الآراء والأفكار الاقتصادية للسيد الحكيم، وكما يأتي:
أولاً ـ أهداف وأبعاد النظام الاقتصادي الإسلامي:
يرى الإمام الحكيم انطلاقاً من إدراكه لفلسفة الفكر الإسلامي، ان الغايات الأساسية والأهداف السامية للنظام الاقتصادي الإسلامي تتجلى بـ:
1 ـ تحقيق الرفاه الاقتصادي والاستقرار الداخلي في العلاقات الاجتماعية والإنسانية وإيجاد الأرضية الحيوية للتكامل الروحي، حيث يتوقف ذلك الى حد كبير على معالجة مشكلة الفقر والحاجة والتمايز الاجتماعي الفاحش في المستوى المعاشي، ولا يمكن معالجة هذه المشكلات وإيجاد هذا الاستقرار إلا من خلال النظام الاقتصادي والمالي.
2 ـ استقلال الجماعة وقدرتها على التحرك بحرية واختيار القرار المناسب، حيث يعتمد اعتماداً رئيساً على استقلالها الاقتصادي وامكاناتها المالية.
3 ـ بناء المؤسسات الاجتماعية والثقافية والخدمية العامة وتيسير الحياة الاجتماعية للجماعة بوصفه كياناً سياسياً واجتماعياً، وكذلك القيام بالنشاطات الثقافية والاجتماعية والجهادية لأجل الدفاع عن كيان الجماعة وتحقيق أهدافها، لانه لا يمكن أن يتم كل ذلك إلا من خلال هذا النظام الاقتصادي والمالي[70].
ثانياً ـ منطلقات النظرية الاقتصادية الإسلامية عند الإمام الحكيم:
1 ـ حب المال والتملك: بوصفهما نزعة فطرية لدى الإنسان، وكان الإسلام حريصاً على أن يحرر هذه النزعة ولكن ضمن إطار أخلاقي اقتصادي متكامل، واستعمالها من خلال المعادلة الأخروية التي جسدها قوله تعالى: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)[71].
2 ـ الحرية الاقتصادية والفطرة: ويراد منها الحرية في المجال الاجتماعي ذات المضمون الواقعي، فأن هذه الحرية تمثل انعكاساً طبيعياً للفطرة الإنسانية، وتعبر عن حريته الطبيعية[72].
3 ـ التفاوت في القدرات: لقد اقر القران الكريم هذا التفاوت في القدرات العقلية والذهنية لإفراد بني البشر كونه واقعاً انسانياً ضروريا إذا ما أريد للنمو الاقتصادي أن يأخذ طريقه في الحياة الاجتماعية، قال تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)[73].
4 ـ الانتفاع المحدود: تحديد السيطرة على الانتفاع ضمن الطيبات من الرزق والاستثمار النافع بعيداً عن استغلال الاستثمار لجمع المال الحرام.
5 ـ الملكية والحقوق الخاصة: وقد أكدها الإسلام انسجاماً مع الفطرة الإنسانية والحرية الاقتصادية، وقد أباحها الإسلام من دون قيد من الناحية الكمية، وإنما اتجه إلى تحديدها من الناحية الكيفية تحديداً يرتبط بمصادر الثروة[74].
ثالثاً ـ مكونات النظرية الاقتصادية الإسلامية:
تتكون النظرية الاقتصادية الإسلامية في فكر السيد الحكيم من ثلاثة عناصر هي: (الفرد ـ الدولة ـ مصادر الإنتاج): وسوف نحاول الوقوف على أثر كل مكون منها وأهميته في تنظيم العملية الاقتصادية:
1 ـ الفرد:
يرى السيد الحكيم أن الإسلام ركز العملية الاقتصادية في جزء كبير منها على الفرد باعتباره المنتج والموزع والمستهلك، وهو فوق كل ذلك محور الوجود الكوني في الكثير من إبعاده، لذلك فقد منحه الشرع الإسلامي مكانة كبيرة ومحورية تؤثر في الإخلال أو إعادة التوازن لهذا الطرف أو ذاك من العملية الاقتصادية، ويشير إلى إن تلك المكانة قد جاءت ضمن مجموعة من الإطارات والمؤشرات العامة الفطرية والأخلاقية المرتبطة بالأهداف الأساسية لوجود الإنسان[75].
ومما تجدر الإشارة إليه ان سماحته يرى ان ارتباط أثر الإنسان بالعملية الاقتصادية سواء كانت أنتاجاً أو توزيعاً أو استهلاكاً إنما هو أثر فطري أوجبته الطبيعة مع وجود الإنسان ذاته، ومن هنا فان سماحته يرى ان مشاركة الفرد في العملية الاقتصادية تأتي على ثلاثة آثار هي:
أ ـ اثر الفرد في الإنتاج والتنمية
ب ـ أثر الفرد في التوزيع وتحقيق العدالة
ج ـ أثر الفرد في التبادل التجاري[76].
ولغرض أن نتعرف على طبيعة أثر الفرد في النظرية الاقتصادية من وجهة نظر السيد الحكيم فإننا سوف نتعرض إلى مستويات مشاركة الفرد في تلك العملية.
أ ـ أثر الفرد في الإنتاج والتنمية:
انطلق السيد الحكيم في رؤيته لأهمية أثر الإنسان في هذا الجزء من العملية الاقتصادية من أساس أن كل ما في الكون قد وجد لخدمة الإنسان بعد أن سخره الله تعالى لذلك ومن ضمنه الثروات الطبيعة، والتي يقسمها الشارع المقدس الإسلامي على قسمين أساسيين، هما ما كان فوق الأرض كالغابات والمناطق الزراعية وهي من الحياة، وما هو من الموات وهي الموارد والثروات الموجودة في باطن الأرض كالمعادن والغازات وغيرها[77].
وهنا يقف السيد الحكيم طويلا ليتأمل نوعية الملكية المفترضة لهذين النوعين من الثروات ويحاول جاهداً إن يشخص نوع الملكية التي تسمح للفرد باستثمار هذه الثروات بنوع من الحيوية والاستقرار بما لا يخل بعملية التوازن الاقتصادي للمجتمع الإسلامي، ويعتقد ان ملكية هذه الثروات على نوعين وفق التقسيم الإسلامي، فإما إن تكون ملكية عامة كما في الأنفال[78] أو هي من المباحات العامة كالمياه والأسماك والطيور والصخور وغيرها، مما يعني أن هذا النوع من الثروات تنتزع منه الصفة الثانية من الملكية وهي الملكية الخاصة[79].
ويستند السيد الحكيم في رأيه الفقهي ذلك الى أساس هو إن الله تعالى خلق للإنسان كل شيء وأذن له باستثماره لقوله تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ)[80]. أو أن تنطبق عليه صفة الملكية الخاصة وبالذات في الأرض وفي بعض مراحل الإنتاج من خلال سماح الشارع المقدس للفرد بحق ملكية الأرض، وعلى ما يظهر فان السيد الحكيم يتبنى الرأي القائل أن الحق يثبت للإنسان في الأرض التي يحييها وليس لمجرد امتلاكها ملكية خاصة مطلقة، وان كان من الجائز في نظره أن يثبت ذلك الحق في ملكية الأرض للفرد إذا ثبتت الملكية الخاصة للأرض في بعض مراحل ما بعد إحيائها[81]، فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «أيما قوم احيوا شيئاً من الأرض وحرروها فهم أحق بها وهي لهم»[82]. ويخالف بهذا السيد الحكيم رأي السيد الشهيد الصدر القائل أن الأرض بشكل مطلق لا تتصف بالملكية الخاصة في جميع أدوارها وإنما يثبت للفرد الحق في الأرض فقط[83].
وبعد أن يثبت السيد الحكيم بأن للإنسان الحق في الملكية، فهو يضعه في أثر المحور وصاحب المسؤولية في إدارة الأرض وإنتاجها، وان ملكية الأرض في ضوء الإسلام على ما يرى بعض الفقهاء هي ملكية عامة تعود في أصلها إلى ولي الأمر (الإمام) وما الملكيات الأخرى إلا ملكيات استثنائية طارئة على الأرض بعد أحيائها[84]، يدل على ذلك رواية الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال: «الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب أو قوم صالحوا أو أعطوا بأيديهم وكل ارض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء»[85].
ومما تقدم نرى ان السيد الحكيم يؤمن بان الدين الإسلامي أو النظرية الاقتصادية للملكية (أجمالا) ترى ملكية ما قبل الإنتاج ملكية عامة وملكية ما بعد الإنتاج ملكية خاصة[86]،كما يرى انه لغرض إحداث حالة من التوازن الاقتصادي في المجتمع فأن النظرية الإسلامية وان لم تحدد كمية الممتلكات إلا أنها حددتها من حيث النوعية، وذلك من خلال وضع عدد من المحددات الأخلاقية والفقهية أمام جمع الثروات ومصادر جمع تلك الثروات[87]. والمشهور في الإسلام ان التملك عموما قد يأتي بطرق عدة منها على سبيل المثال بواسطة الحيازة والاستيلاء على مختلف موارد الطبيعة إلا أن الضابط الأساسي في الملكية وخصوصاً بحسب هذا النوع هو العمل الإنتاجي[88].
ويركز السيد الحكيم على تعميق أثر الفرد في النظرية الاقتصادية الإسلامية من خلال تأكيد أثره في الإنتاج والتنمية ورسم السياسات الإنتاجية، ويضع هذا الأثر في عشرة خطوط من أصل عشرين خطاً تمثلها العملية الاقتصادية كما نظر إليها الإمام الصدر[89] ومنها:
1 ـ انتزاع الأرض من الفرد في حالة عدم استثمارها.
2 ـ حرمة الاكتساب من دون عمل منفق كاستثمار الفرد للأرض باجرة كبيرة بعد أن استأجرها باجرة قليلة.
3 ـ تحريم الفائدة الربوية.
4 ـ الامتناع عن اكتناز الذهب والفضة؛ وذلك من خلال فرض ضريبة تستنفذ المال تدريجياً.
5 ـ تحريم اللهو المرتبط بإضعاف الإنسان من جهة الإنتاج.
6 ـ التقليل من عمل التجارات غير المربحة.
7 ـ منح ملكية الأفراد لأقاربهم بعد الموت، لما له من أثر ايجابي في استمرارية عمل الإنتاج.
8 ـ وضع قوانين الضمان التي يتحمل الفرد مسؤوليتها.
9 ـ منع القادرين على العمل من الاستفادة من قوانين الضمانة.
10 ـ وجوب تعلم جميع أنواع الفنون والصناعات (كفاية) على الأفراد لإثراء عملية الإنتاج[90].
وفي ضوء المحددات أو الخطوط العشرة التي حددها الشارع المقدس للفرد، فأن على الفرد أن يرسم سياسة الإنتاج من جهة، وان يأخذ مجاله في تحقيق هدف الإنتاج من خلال التركيز على أثر الفرد في حل المشكلة الاقتصادية من جهة ثانية، فالسيد الحكيم يرى ان الفرد هو السبب الرئيس في المشكلة الاقتصادية، وليس الفقر الذاتي للطبيعة كما تدعيه النظرية الرأسمالية[91]، مستنداً في ذلك الى قوله تعالى: (اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)[92].
ويؤمن السيد الحكيم بان النظرية الاقتصادية الإسلامية نظرية مرنة تتقاطع مع اشهر نظريات العالم (الوضعية)، والتي تفترض أن الإنسان إذا تكاثر بشكل طبيعي وبدون قيود وتحديد للنسل فان العالم سوف يواجه مجاعة عامة؛ لان الأرض ليس فيها من البركات والخيرات ما يساوي أعداد هؤلاء الناس، ويعتمد على بطلان هذه النظرية انطلاقا من قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)[93] ولذلك فالفقر والمجاعة وعدم القدرة على مواجهتها في رأي سماحته هو بسبب ألامساك وعدم الإنفاق[94]، مستنداً في رأيه هذا الى القران الكريم الذي ذكر هذه الحقيقة، بقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[95].
وانطلاقاً من إيمان السيد الحكيم بان سبب التردي الاقتصادي في المجتمع هو ألامساك وعدم الإنفاق، نراه يولي عملية الإنفاق في أفكاره وكتبه وأحاديثه عناية كبيرة، إذ يعتبره العامل الأساسي في بناء مجتمع متوازن اقتصاديا وخلقيا وطبقيا[96]، وسوف نحاول إن نتعرف على معنى الإنفاق وأهميته في أفكار سماحته لإرساء مجتمع خلاق تختفي فيه أو تكاد كل الفروق الاجتماعية والاقتصادية والطبقية.
ب ـ أثر الفرد في التوزيع وتحقيق العدالة الاجتماعية.
يؤمن السيد الحكيم إيماناً مطلقا بان الإنسان هو سبب المشكلة الاقتصادية التي ترتب عليها التمايز الطبقي والاجتماعي، فللإنسان يد مباشرة بطريقة أو أخرى في إحداث أو الإبقاء على الخلل في التوازن الذي يعاني منه النظام الاجتماعي والاقتصادي على حد سواء من خلال محاولاته السيطرة على كل شيء لنفسه دون إنفاق شيء منه، لاسيما وان الإنفاق هنا يسهم في إعادة السيولة النقدية التي تؤثر تأثيراً مباشراً في إدارة المجتمع، ولعل قوة التأثير تلك هي الأساس في تحريم كنز الذهب والفضة التي كانت العملة الأساسية المتداولة وقت نزول القران[97]. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)[98] وللإنفاق عند سماحته شروط ومحددات فهو لا يعني الإسراف أو التبذير بل هو مصداق قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً)[99] أي الإنفاق المتوازن الذي عبر عنه القرآن الكريم بالقوام[100].
ويرى السيد الحكيم أن الإنفاق على نوعين، هما الواجب والمستحب، ويشمل الأول فريضة الزكاة التي فرضت على أموال معينة ومشخصة، وفريضة الخمس التي وضعت على كل غنيمة[101] وفي دفع الأموال للجهاد[102] إذا كان المسلم متمكناً[103]. والنوع الثاني هو الإنفاق المستحب، ومنه الزكاة المستحبة وهي كل عطاء يقدمه الإنسان بشكل استحبابي ومندوب، وقد ذكر القران الكريم في بعض موارده صوراً أخرى من الإنفاق المستحب كقول الكلمة الطيبة والحسنة[104].
وللإنفاق ميزان لدى السيد الحكيم، هو الجهد، فعلى مقدار الجهد الذي بذله الإنسان لاستحصال تلك الأموال وإنفاقها يثاب الفرد عند الله تعالى[105]، إلى جانب مسالة إخلاص النية لوجه الله تعالى وهي من أكثر الموازين التي تدخل في أعمال وعبادات الشريعة الإسلامية، كما إن للإنفاق في نظر سماحته شروطا لابد من توافرها حتى يصح الإنفاق منها[106]:
1 ـ الإيمان: يشترط في المنفق أن يكون مؤمنا، فلا يتقبل الله من المنافق أو الكافر مهما كان مقدار إنفاقه استنادا إلى قوله تعالى: (قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ)[107] وقوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ)[108].
2 ـ النية الصالحة: لا يصح الإنفاق إلا بتوافر هذا الشرط الذي يبتغي فيه المنفق وجه الله تعالى، لا وجه الناس، استناداً إلى قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً)[109].
3 ـ عدم المن والأذى: وفيه أن لا يؤذي المنفق الفقير والمحتاج بالكلام والتصرف الذي قد يترك في نفسه أثرا كبيراً أو إشعار المنفق للآخرين بأنه ذو فضل عليهم فذلك يحبط ثواب الإنفاق لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى)[110].
4 ـ عدم الإملاق: على المنفق أن لا يعرض نفسه إلى موضع التهلكة والفقر تحت مسمى الإنفاق وذلك لقوله تعالى: (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[111].
ويعارض السيد الحكيم في تصوراته حول الإنفاق وتأثيره في المشكلة الاجتماعية والاقتصادية بعض النظريات الوضعية التي حاولت أن تجد تفسيراً آخر لعملية التباين الطبقي والتفاوت الاقتصادي والتوزيع غير العادل للثروات الموجودة في العالم ومنها النظرية الماركسية، فقد انتقد سماحته محاولتها اختصار الخلل الاقتصادي بالصراع الطبقي بين طبقة الملاك وغير الملاك (العاملين)، وفي هذا الصدد يشير إلى إن النظرية الماركسية وقعت في عدة أخطاء لدى معالجتها للموضوع منها:
1 ـ إن النظرية في الأصل كانت محدودة الأفق، وعكست نظرة كارل ماركس من خلال المجتمع الأوربي الذي كان يعيش فيه وقتذاك.
2 ـ أنها لم تصب كبد الحقيقة في تحليلها لحقيقة الصراع الطبقي، ولم تتوصل إلى السبب ألأساسي فيه، ولهذا أخطأت في النتائج والتنبؤات التي بنتها على ذلك التحليل، والتي حددت من خلاله حركة الصراع ومسيرته باتجاه التغير الاجتماعي المفترض[112].
فقد توقع ماركس عدة أمور وظواهر تتعلق بعملية التغيير في المجتمع الأوربي نفسه ولكن لم ينطبق أي منها على الواقع حينما توقع إن عملية التغير المرتقب سوف تحصل في أكثر المجتمعات الأوربية تطوراً ومنها الدول الرأسمالية كألمانيا وإنكلترا وفرنسا إلا إن هذا لم يتحقق منه شيء[113]، كما توقع أن يزداد خوف أصحاب رؤوس الأموال من زيادة استياء الطبقة العاملة التي سوف تنقض عليهم في نهاية الأمر إلا إن ذلك لم يحدث أيضا لان العمال ورؤساء الأموال يعيشون جنبا إلى جنب في أوربا[114].
كما وجه السيد الحكيم انتقادات مماثلة إلى النظرية الرأسمالية التي رأت إن المشكلة الاجتماعية الموجودة في العالم التي تسببت بالخلل الاقتصادي الذي ولد صراعاً طبقياً إنما أساسه عامل الاستبداد (الحرية)، إذ ادعت بان المجتمع الذي تسود فيه الحرية يكون قادراً على حل الصراع والمشكلة الاقتصادية؛ لان الإنسان حينها يستطيع أن يحقق أهدافه وان يعيش في استقلال واستقرار[115]، ويرى سماحته إن هذا الكلام لا يتمتع بدرجة عالية من المنطقية لأنه انطلق من منظور ضيق متمثل بأزمة الحرية التي عاشها المجتمع الأوربي في العصور الوسطى، وان هذه الحرية تحولت في الكثير من الأحيان في المجتمع الأوربي إلى درجة من الاستغلال والعبودية للأخر[116].
ج ـ أثر الفرد في التبادل التجاري:
منح الإسلام عملية التبادل التجاري أهمية استثنائية في سياق النظام الاقتصادي وجعل الأهمية الكبرى في أثر الفرد في عملية التبادل التجاري وحثه عليه، ولذلك ورد في الروايات إن الرزق على عشرة أجزاء تسعة منها في التجارة، فعن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) انه قال: «اتجروا بارك الله لكم فأني سمعت سول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التجارة وواحد في غيرها»[117].
ويرى السيد الحكيم (بناء على مجموعة الأحكام الفقهية المرتبطة بالتجارة) أن الفرد هو الذي يتحمل المسؤولية الكاملة في العملية التبادلية خصوصاُ في أحكام القبض وشروط التعاقد وغيرها مما يبدو فيها العنصر الفردي الإنساني واضحاً[118].
2 ـ الدولة (حكومة الإمام)
على الرغم من الأثر الكبير والحرية الواسعة التي منحها الإسلام والشارع المقدس للفرد في ممارسة الأنشطة التجارية باعتباره جزءاً من النظام الاقتصادي ومحورا أساسيا من محاوره إلا إن الإسلام وضع الدولة متمثلة (بالإمام العادل) ضامناً قرينا يضمن عدم استغلال الأفراد لقدراتهم على حساب المجتمع ككل، لذلك ربط الإسلام الكثير من النشاطات الاقتصادية بالدولة ومنحها سلطات واسعة للتدخل في بعض الأحيان للحد من النشاطات الخاطئة للأفراد التي قد تؤثر سلباً على باقي أفراد المجتمع، وعلى الرغم من تلك السلطات الواسعة إلا انه من خلال الممارسة الخارجية لم يعرف في التاريخ الإسلامي إن الدولة مارست الأعمال التجارية والمعاملات التبادلية[119].
ومن الجدير بالقول انه يبدو للوهلة الأولى وكأن النظام الاقتصادي الإسلامي قد أعطى للدولة وولي الأمر صلاحيات واسعة جدا في إدارة الشؤون العامة للأمة ولم يعتبر الحكومة مجرد انعكاس للواقع الموضوعي أو العلاقات القائمة بين المسلمين أو مجرد وكيل عن الأمة في إدارة شؤونها وإنما لها عمل الرقابة والإشراف وتحقيق العدالة الإلهية وخصوصا في الجانب الاقتصادي، حيث أعطيت إمكانات وصلاحيات واسعة سواء في الإشراف على مصادر الإنتاج مثل ملكية الأرض والمعادن وغيرها من الموارد الطبيعية الأساسية أو الثروة المنتجة أو في الولاية حيث يحق لها التدخل لمعالجة الحالات المختلفة في جميع المراحل الاقتصادية ومنها تحقيق عدالة التوزيع والتوازن الاجتماعي[120].
إلا ان السيد الحكيم يرفض أن يكون النظر لتلك الصلاحيات من وجهة نظر واحدة أو ضيقة مما سوف يؤخذ على النظرية الإسلامية وكأنها قد منحت الدولة الهيمنة على الاقتصاد في جميع المراحل؛ لأنها في حقيقة الأمر تمثل الحامي للمجتمع من خلال الإشراف على عملية التوازن الاقتصادي التي من المفترض أن تسود المجتمع ليس إلا[121].
3 ـ مصادر الإنتاج
اشرنا سابقا إلى إن الثروات ومواد الإنتاج في النظرية الإسلامية تنقسم على قسمين: هما الثروات التي فوق الأرض كالغابات والمناطق الزراعية وهي من الحياة، ومنها التي من الموات وهي الموارد والثروات الموجودة في باطن الأرض كالمعادن والغازات وغيرها.
وقد جرى الكلام في امتلاك هذه الموارد واستثمارها، فالإسلام في الأصل أعطى اذناً عاماً بإحياء الأرض ومواردها والحيازة للثروات الطبيعية دون تحديد الكم، وقد جاء هذا الإذن العام مع التأكيد على الملكية العامة للأرض بالأصل وان إحياءها يؤدي إلى ثبوت الحق فيها على اختلاف الفقهاء في ذلك[122]، ويرى السيد الحكيم إن منح هذا الإذن العام قد يفسر في بعض مراحله على أساس انه سياسة مرحلية اقتضتها المصلحة الإسلامية في عصر صدور الإذن، أو قد تكون خلفية هذه السياسة عدم وجود القدرة لدى الدولة على الاستثمار العام للأرض وما فيها أو عليها من موارد[123]. إلا إن سماحته ذهب في رأيه الى أبعد من ذلك حين اعتبر هذا الإذن سياسة ثابتة للإسلام تجاه الأرض والثروات الطبيعية والموارد الإنتاجية الأخرى ويؤكد ذلك من خلال الاستشهاد باستمرارية هذا الإذن والعمل به في العصور المختلفة للدولة العربية الإسلامية، وانتظار صاحب الأرض الذي ترك استثمارها خمس سنوات حتى تؤخذ منه مرة أخرى وتعطى لغيره يؤكد هذا الاتجاه في الإذن[124]. ويعتقد انه إذا كان هذا الإذن سياسة ثابتة تجاه الأرض والثروات الطبيعة فيمكن أن يكون احد المؤشرات المهمة على ان أثر القطاع الخاص في ملكية الأرض ما بعد الإنتاج أثر أساسي، وكذلك في العمليات الأخرى المترتبة على هذه الملكية من الاستثمار والتنمية والتبادل التجاري[125].
كما إن الإسلام حث على العمل المنتج والنشاط الاقتصادي بشكل عام مما يعني ترك الباب مفتوحا بشكل واسع أمام القطاع الخاص لممارسة النشاط الاقتصادي في أثر الإنتاج، والتحديد الوحيد الذي وضعه المشرع في هذا المجال هو الحدود الكيفية لنوع العمل وطريقة الاستثمار[126]، وفي هذا المجال يسجل السيد الحكيم بعض المؤشرات التي تذهب إلى أن الدولة العربية الإسلامية على الرغم من كونها صاحبة الملكية العامة إلا أنه لم تسجل في التاريخ نشاطا تجاريا عاما قامت به، بل ربما العكس هو الصحيح تماما ومن تلك المؤشرات:
1 ـ تقسيمها الأراضي المملوكة على عامة للمسلمين من اجل استثمارها في الزراعة أو الإجارة ولم تقم الدولة باستثمارها بشكل مباشر.
2 ـ عندما كان بعض الخلفاء ورجالات الدولة يقومون بإحياء الأراضي بشكل مباشر ويريدون لها أن تبقى ذات منفعة عامة كانوا يحولونها إلى أوقاف عامة، كما حدث في زمن الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وبعض حكام بني امية وبني العباس، ومعنى ذلك أنهم يعتبرون عملية إحياء الأرض عملية فردية وخاصة وألا فكان من الممكن أن تبقى ذات منفعة عامة[127].
3 ـ وحتى في حالة إقامة بعض المشاريع العامة لإحياء الأرض كمشاريع الري لم تكن الدولة تحتفظ بالأرض بل كانت تقسمها على الأفراد.
ومن خلال ذلك يرى السيد الحكيم ان الشارع المقدس قد تبنى فكرة دعم ورعاية القطاع الخاص في الإنتاج، وجعل أثر الدولة مقصورا على رسم السياسة الإنتاجية والإشراف على الالتزام بها[128]. ومع إن سماحته أكد على أثر الفرد في الإنتاج وحل المشكلة الاقتصادية عن طريق الإنتاج وإعادة التوزيع العادل، إلا انه يرى ان السماح للأفراد بامتلاك وسائل الإنتاج قد يقتصر على المشاريع الصغيرة فقط، ذلك أن الثروات الكبيرة تتصف وكما أسلفنا بالملكية العامة أو الإباحة، ومع إن الإسلام قد أباح للإنسان الاستثمار إلى ابعد الامكانات إلا إن الفرد سوف يواجه مشكلتين عند استثماره في المشاريع الكبيرة احدهما قانونية والأخرى اجتماعية[129].
الأولى: إن إحياء هذه الأرض واستثمار مواردها يكون بالحيازة المباشرة و الاحياء ولا يمكن للأحياء أو الحيازة المباشرة أن تقوم بالمشاريع الكبرى لأنها مهما كانت واسعة واستخدمت فيها أجهزة حديثة تبقى محدودة في إنتاجها[130]. إما الثانية فهي اجتماعية، إذ إن قيام الأفراد بالمشاريع الكبرى قد يؤدي إلى اختلال التوازن الاجتماعي وبالتالي فلابد لولي الأمر من التدخل لمنع حدوث ذلك[131].
وقد وضع السيد الحكيم الحلول العملية المناسبة لهذه المشاكل عن طريق إتباع الآراء الفقهية فيما يخص المشكلة الأولى ويمكن استحصال الحيازة بواسطة الإجارة أو الوكالة، أما الثانية فيمكن حلها بإتباع نظام الشركات المساهمة على أساس عقد المضاربة، ويمكن للمصرف الإسلامي ان يضطلع بعمل كبير في ذلك[132].
الخاتمة
خلاصة البحث وأهم الاستنتاجات مع التوصيات والمقترحات
أولا ـ الخلاصة واهم الاستنتاجات:
قال تعالى: (خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)[133]. لا بد لنا ونحن نخط خاتمة البحث (آثار الإمام الحكيم في الاقتصاد الإسلامي)، من أن نقدم بنقاط عدداً من الأمور المهمة، التي تشكل بإطارها العام ملامح الرؤية الاقتصادية الإسلامية، ومنها:
1 ـ كان الإمام الحكيم عالماً موسوعياً على طراز جهابذة علماء المسلمين الأوائل الذين ذاع في الآفاق صيتهم، وتركوا أثراً واضحاً في مجالات العلم كافة، يدل على ذلك كثرة مؤلفاته وتنوع موضوعاتها.
2 ـ نبع فكر السيد الحكيم من فكر أهل البيت (عليهم السلام) إذ كانت رواياتهم وسننهم (عليهم السلام) من أهم المصادر العلمية لسماحته.
3 ـ تميز الإمام الحكيم بمنهج علمي استند الى النقد والتحليل والمقارنة، لغرض الوصول الى الحقائق وتوظيفها للوصول الى أحكام يمكن تبنيها، كما تميز منهج سماحته بالواقعية والاستقراء واحترام آراء الآخرين وغيرها.
4 ـ أكد السيد الحكيم على العقل، واعتبره الأداة التي يمكن للإنسان من خلالها تفسير صالح الأعمال من طالحها.
5 ـ الإيمان المطلق لدى السيد الحكيم بضرورة ان يتبنى النظام الاقتصادي الإسلامي أولاً وقبل كل شيء على أسس خلقية تتمثل بالتزام الفرد بالإرادة الالهية التي جاءت بمثابة خارطة طريق وبرنامج متكامل يوصل المسلم الى اقرب درجات الكمال النفسي والمادي.
6 ـ يركز السيد الحكيم في رؤيته الاقتصادية على أثر الفرد (منتجاً وموزعاً ومستهلكاً) كونه محور الوجود في قسم كبير من أبعاده، لذلك نراه يحمل الفرد مسؤولية إدارة النظرية الاقتصادية قبل الإنتاج وبعده.
7 ـ تستمد رؤية السيد الحكيم لأثر الفرد على أساس ان فطرة الطبيعة هي التي أوجدت له هذا أو هذه الآثار.
8 ـ يشخص السيد الحكيم المشكلة الاجتماعية والاقتصادية السائدة في العالم واختلاف الموازين على أساس انها مشكلة خلقية بالدرجة الأولى كونها تنبع من استئثار الفرد بالنتائج لنفسه دون الإسهام في التوزيع العادل الذي يسمح بإعادة تقسيم الثروات والإنتاج بين أفراد بني البشر.
9 ـ وضع السيد الحكيم عدداً من الحلول للمشاكل الاقتصادية وخصوصاً الاختلال الاقتصادي والتباين الاجتماعي، ومن ذلك تركيزه على الإنفاق وأثره في إعادة توزيع الثروات والإسهام باستمرارية تداول السيولة النقدية في الأسواق؛ مما يساعد على إعطاء مرونة عالية وفرصة كبيرة للعمل والاستثمار.
10 ـ على الرغم من تعويل السيد الحكيم على أثر الإنفاق وأهميته الا انه قيده بشروط استناداً الى فهمه مصادر التشريع الأساسية، أولها وليس اخرها النية الصادقة والإيمان وعدم الإنفاق مع المن وغيرها.
11 ـ يخالف السيد الحكيم بعض المراجع والعلماء في خصوص مسألة ملكية الأرض، فهو مع إقراره بصحة الرأي القائل بان الأرض لا تمتلك ملكية خاصة الا انه يعد إمكانية حدوث ذلك إذا ثبتت الملكية الخاصة في الأرض في بعض مراحل ما بعد الإنتاج.
12 ـ ينظر السيد الحكيم الى الدولة أو الحكومة العادلة (حكومة الإمام) باعتبارها رقيباً على النشاط الاقتصادي في المجتمعات الإسلامية، وبالتالي هي تمثل الرقيب الذي عليه التدخل وحماية مصالح المجتمع الأوسع إذا ما أحس بان نشاط الفرد قد ينعكس سلباً على المجتمع، ولا ينظر الى الدولة في كونها مقيداً شرعياً أو قانونياً في وجه الفرد ورغبته في الاستثمار.
13 ـ يؤمن السيد الحكيم بان الإذن العام الذي منحه الشارع المقدس للفرد من اجل الاستثمار انما هو اذن مفتوح، وليس إذناً مقيداً أو مرحلياً اقتضته الضرورة، وبالتالي بالإمكان إلغاؤه، ويستند في ذلك الى استمرار العمل في صدر الإسلام والدولة الأموية والعباسية.
14 ـ لا يعطي السيد الحكيم وزناً علمياً ومنطقياً للنظريتين الشيوعية والماركسية بما يتعلق برؤيتهما وفلسفتهما للاقتصاد والمشاكل المتعلقة به، لانه يرى ان النظرية الإسلامية هي الأكمل كونها نظرية الهية ليست وضعية من جهة، وكون النظريتان جاءتا تعبيراً عن ظروف مرحلية معينة، مثلت أفكار ومبادئ تلك النظريات فجعلتهما يتحركان في أفق ضيق غير متكامل.
ثانياً ـ التوصيات والاستنتاجات:
1 ـ اعتماد بعض مؤلفات السيد الحكيم مثل: (الحب في الله) و (التوبة) في المدارس المتوسطة والإعدادية، وذلك لتهذيب سلوكهم وتقويمه وخلق جيل واع على الفكر الإسلامي عارف به.
2 ـ تضمين المناهج العلمية في كليات التربية والآداب في العراق بعدد من مؤلفاته، ولا سيما التي خصصها لمخاطبة العقول المتقدمة، مثل: (المجتمع الإنساني في القرآن الكريم).
3 ـ اعتماد أفكار السيد الحكيم في معالجة الارتباك الذي يسود المرحلة الحالية، ولا سيما قضية الوحدة الإسلامية التي تعد مفتاح الوصول للنجاة، التي أشار إليها مراراً وتكراراً في خطاباته وأحاديثه، وجمع بعضها في كتاب هو (الوحدة الإسلامية من منظور الثقلين).
4 ـ دراسة فكر السيد الشهيد بتمعن من قبل الأكاديميين، وكل حسب تخصصه، لان سماحته ترك آثاراً في فنون العلم المختلفة (الدين، التاريخ، الاجتماع، التربية).
قائمة المصادر والمراجع
1 ـ خير ما يبتدئ فيه القرآن الكريم.
2 ـ إطلالة على السيرة الذاتية لسماحة المرجع الديني آية الله محمد باقر الحكيم، دار التبليغ الإسلامي، (د.م ـ 2003). الأسدي، محمد هادي.
3 ـ محاضرات في منهج البحث التاريخي، (بغداد ـ 2006). جابر، فاضل.
4 ـ الفكر الاقتصادي للماوردي، كتاب قيد الطبع. جاسم، عطا سلمان.
5 ـ آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الحكيم من النجف إلى النجف، مطبعة العترة الطاهرة، مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، (النجف ـ 2006). الجياشي، وفاء جواد.
6 ـ الأصالة والمعاصرة، منشورات مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، مطبعة العترة الطاهرة، (النجف ـ 2005). الحكيم، الإمام محمد باقر.
7 ـ تفسير سورة الحديد، منشورات مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، مطبعة العترة الطاهرة، (النجف ـ 2006). الحكيم، الإمام محمد باقر.
8 ـ الحب في الله، منشورات مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، مطبعة الرائد للطباعة والتصميم، (النجف ـ 2005). الحكيم، الإمام محمد باقر.
9 ـ الحج تاريخه، أبعاده، أحكامه، منشورات مؤسسة الشهيد الحكيم، مطبعة عترت، (النجف ـ 2006). الحكيم، الإمام محمد باقر.
10 ـ دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة، ط2، مطبعة عترت، (د.ت ـ 1424ﻫ). الحكيم، الإمام محمد باقر.
11 ـ دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، منشورات مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، مطبعة العترة الطاهرة، (النجف ـ 2005). الحكيم، الإمام محمد باقر.
12 ـ رفض الطغيان، منشورات مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، مطبعة الرائد، (النجف ـ 2005). الحكيم، الإمام محمد باقر.
13 ـ الزهراء (عليها السلام) أهداف، مواقف، نتائج، مطبعة العترة الطاهرة، (النجف ـ 2006). الحكيم، الإمام محمد باقر.
14 ـ الشعائر الحسينية، منشورات مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، مطبعة العترة الطاهرة، (النجف ـ 2005). الحكيم، الإمام محمد باقر.
15 ـ المجتمع الإنساني في القران الكريم، ط2، منشورات مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، مطبعة العترة الطاهرة (النجف ـ 2006). الحكيم، الإمام محمد باقر.
16 ـ نافذة على الإنفاق، منشورات مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، مطبعة الرائد، (النجف ـ 2005). الحكيم، الإمام محمد باقر.
17 ـ الوحدة الإسلامية من منظور الثقلين، منشورات مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، مطبعة الرائد، (النجف ـ 2005). الحكيم، الإمام محمد باقر.
18 ـ اقتصادنا، منشورات المؤتمر العالمي للامام الشهيد الصدر، مطبعة شرعت، (قم ـ 1424ﻫ ). الصدر، الإمام محمد باقر.
19 ـ مجمع البيان في تفسير القران، تحقيق مجموعة من العلماء، مطبعة العرفان، (صيدا، 133). الطبرسي، الفضل بن الحسن.
20 ـ بشارة المصطفى، تحقيق جواد القيومي الأصفهاني، مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي، (قم ـ 1420ﻫ). الطبري، محمد بن علي.
21 ـ مجمع البحرين، ط2، تحقيق السيد احمد حسين، مكتبة نشر الثقافة الإسلامية، (د.م ـ 1408ﻫ). الطريحي، فخر الدين.
22 ـ وسائل الشيعة، تحقيق مؤسسة ال البيت لاحياء التراث (قم ـ 1409ﻫ). العاملي، محمد عبد الحسين، تحقيق والوسائل (قم ـ 1409ﻫ).
23 ـ شهيد المحراب مفسراً، بحث منشور ضمن المؤتمر العلمي الأول لإحياء التراث الفكري والعلمي للشهيد الحكيم، مطبعة الرائد، (النجف ـ 2006). علي، أياد محمد.
24 ـ الخراج وصناعة الكتابة، شرح وتعليق محمد حسين الزبيدي، دار الحرية للطباعة، (بغداد ـ 1981). قدامة بن جعفر.
25 ـ الكافي، تصحيح وتعليق علي اكبر الغفاري، دار الحكمة الإسلامية، (طهران ـ 1407ﻫ). الكليني، محمد بن يعقوب.
26 ـ الأحكام السلطانية والولايات الدينية، دار الكتب العلمية، (بيروت، 1978م). الماوردي، علي بن محمد البصري.
27 ـ محاولات لتغيير الواقع الاقتصادي، بحث منشور ضمن ندوة الاقتصاد الإسلامي، (بغداد ـ 1983). منصور، محمد إبراهيم.
[1] ينظر: كلمة مؤسسة تراث الشهيد الحكيم في مقدمة كتاب دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 11.
[2] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 13 ـ 16.
[3] الأنعام: 165.
[4] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 14.
[5] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 17 ـ ص 26.
[6] المصدر نفسه، ص 26 ـ ص 59.
[7] المصدر نفسه، ص 59 ـ ص 64.
[8] كلمة مؤسسة تراث الشهيد الحكيم في مقدمة كتاب نافذة على الإنفاق، ص 16 ـ ص 17.
[9] الحكيم، الإمام محمد باقر، نافذة على الإنفاق، ص 19.
[10] المصدر نفسه، ص 19 ـ 23.
[11] المصدر نفسه، ص 23 ـ ص 27.
[12] المصدر نفسه، 30 ـ ص 35.
[13] الحكيم، الإمام محمد باقر، نافذة على الإنفاق، ص 36 ـ ص 47.
[14] المصدر نفسه، ص 48 ـ ص 58.
[15] كلمة مؤسسة الشهيد الحكيم في مقدمة كتاب تفسير سورة الحديد، ص 8 ـ ص 9.
[16] علي، اياد محمد، شهيد المحراب مفسراً، ص 24 ـ ص 26.
[17] المصدر نفسه، ص 21 ـ ص 24.
[18] الحكيم، الإمام محمد باقر، تفسير سورة الحديد، ص 14.
[19] المصدر نفسه، ص 16.
[20] ينظر المبحث الرابع من هذا البحث.
[21] النجم: 39.
[22] الحكيم، الإمام محمد باقر، تفسير سورة الحديد، ص 67 ـ ص 87.
[23] المصدر نفسه، ص 87 ـ ص 114.
[24] المصدر نفسه، 178 ـ ص 181.
[25] المصدر نفسه، ص 183 ـ ص 203.
[26] الحكيم، الإمام محمد باقر، الحج، ص 46 ـ ص 48.
[27] كلمة مؤسسة شهيد المحراب، ص 8.
[28] الحكيم، الإمام محمد باقر، الحج، ص 86.
[29] طبع هذا الكتاب طبعتين، كان اخرها في مطبعة عترت عام 1424 ﻫ.
[30] ال عمران: 110.
[31] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة، ج 1/ ص 9.
[32] المصدر نفسه، ج 1/ ص 13.
[33] المصدر نفسه، ج 1/ ص 21 ـ ص 22.
[34] ينظر: الحكيم، الإمام محمد باقر، دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة، ج1 / ص 369 ـ ص 461.
[35] ينظر: المصدر نفسه، ج1 / ص 371 ـ 374.
[36] ينظر: المصدر نفسه، ج1 / ص 377 ـ ص 400.
[37] ينظر: المصدر نفسه، ج1 / ص 405 ـ ص 430.
[38] ينظر: المصدر نفسه، ج1 / ص 430 ـ ص 461.
[39] الحكيم، الإمام محمد باقر، المجتمع الإنساني في القران الكريم، ص 18 ـ ص 19.
[40] المصدر نفسه، ص11 ـ 25.
[41] المصدر نفسه، ص 31 ـ ص 87.
[42] الحكيم، الإمام محمد باقر، المجتمع الإنساني في القران الكريم، ص 31 ـ ص 103.
[43] ينظر: المصدر نفسه، ص 147 ـ ص 245.
[44] ينظر: المصدر نفسه، ص 249 ـ ص 311
[45] ينظر: المصدر نفسه، ص 311 ـ ص 361.
[46] ينظر: المصدر نفسه، ص 365 ـ ص 530.
[47] ينظر: المصدر نفسه، ص 262 ـ ص 265.
[48] ينظر: المصدر نفسه، ص 326 ـ ص 341.
[49] طبع هذا الكتاب ضمن سلسلة منهجنا برعاية مؤسسة تراث شهيد الحكيم (النجف ـ 2005).
[50] طبع هذا الكتاب ضمن سلسلة منهجنا برعاية مؤسسة تراث شهيد الحكيم (النجف ـ 2005).
[51] الإمام الحكيم، الاصالة والمعاصرة، ص 36.
[52] ينظر على سبيل المثال: الحكيم، الإمام محمد باقر، دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة، ج1 / ص 369 ـ ص 430.
[53] طبع هذا الكتاب ضمن سلسلة منهجنا برعاية مؤسسة تراث شهيد الحكيم (النجف ـ 2005).
[54] الجياشي، وفاء جواد، الشهيد محمد باقر الحكيم، ص 80.
[55] المصدر نفسه، ص 80.
[56] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة، ج2 / ص 398.
[57] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 13.
[58] ال عمران: 103.
[59] الحكيم، الإمام محمد باقر، الحب في الله، ص31 ـ ص 32.
[60] الحكيم، الإمام محمد باقر، الزهراء (عليها السلام)، ص 179 ـ 187.
[61] ينظر على سبيل المثال: الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الأئمة في بناء الجماعة الصالحة، ج2 / ص 410 و ص 418.
[62] ينظر على سبيل المثال: المصدر نفسه، ج2 / ص 180 وص 258 وص 306.
[63] الحكيم، الإمام محمد باقر، الزهراء (عليها السلام)، ص181 ـ 182.
[64] الطبري، بشارة المصطفى، ص 236.
[65] ونعني بها معجمات اللغة العربية، مثل كتاب (لسان العرب) لابن منظور، وكتب التعريفات مثل كتاب (التعريفات) للحرجاني وكتاب (التوقيف على مهمات التعاريف) للمناوي وغيرها من المعاجم والكتب التي يزخر بها تراثنا الإسلامي.
[66] الحكيم، الإمام محمد باقر، المجتمع الإنساني في القران الكريم، ص 335 ـ 337.
[67] القمر49.
[68] الصدر، الإمام محمد باقر، اقتصادنا، ج1 / ص 36.
[69] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 13.
[70] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة، ج1 /ص 372 ـ 373.
[71] البقرة: اية 177.
[72] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 20.
[73] الزخرف: اية 32.
[74] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 23 ـ ص 24.
[75] المصدر نفسه، ص17.
[76] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 25.
[77] المصدر نفسه، ص 26.
[78] هو كل ما أخذه المسلمون من الكفار في الحرب من غير قتال، ويسميه بعض الفقهاء (فيئاً)، وهو لله ولرسوله ومن قام مقامه، يصرف حين يشاء مصالحه ومصالح عياله، وفدك من الأنفال. الطريحي، مجمع البحرين، ج4 / ص255.
[79] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، 26 ـ 27.
[80] الأعراف، آية 10
[81] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 26 ـ ص 27.
[82] الكليني، الكافي، ج5 / 279.
[83] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 29؛ الصدر، الإمام محمد باقر، اقتصادنا، ج2 / ص744 ـ 749.
[84] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص31.
[85] العاملي، وسائل الشيعة، 9/ 523.
[86] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 25.
[87] المصدر نفسه، ص 23 ـ ص 24.
[88] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 31.
[89] الصدر، الإمام محمد باقر، اقتصادنا، ج2 / 727 ـ 739.
[90] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 40 ـ ص 41.
[91] المصدر نفسه، ص 41.
[92] إبراهيم: 32 ـ 33.
[93] الأعراف: اية 96.
[94] الحكيم، الإمام محمد باقر، نافذة على الإنفاق، 45.
[95] الأنعام: اية 141.
[96] لقد أصدر سماحتة كتاب تحت عنوان (نافذة على الإنفاق) قدمنا له وصفاً موجزاً في المبحث الثالث من هذا البحث، فضلاً عن إن معظم كتبه تقريبا تكاد لا تخلوا من إشارة هنا أو حديثا هناك عن الإنفاق وأهميته.
[97] الحكيم، الإمام محمد باقر، نافذة على الإنفاق، ص 41.
[98] التوبة: 34.
[99] الفرقان: 67 .
[100] الحكيم، الإمام محمد باقر، نافذة على الإنفاق، ص 19.
[101] هو ما يؤخذ من أموال الكفرة بالقتال، ويتوجب في هذا المورد الخمس. المصدر نفسه، ص 23.
[102] الجهاد لغة مأخوذ من الجهد ـ بالفتح ـ بمعنى التعب والمشقة، أو من الجهد ـ بالضم ـ بمعنى الطاقة، والمراد منه في الفقه: القتال لإعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الدين. وينقسم الى ابتدائي وهو: ما يبادر به جيش المسلمين من قتال أعداء الدين، لأجل الحذر من تمترسهم او قوة شوكتهم، ولأجل نشر الإسلام، وهو واجب كفائي: يسقط وجوبه عن المكلفين إذا قام من فيهم الكفاية، وفي اصل وجوبه خلاف بين الفقهاء: منهم من قال به حتى في زمن الغيبة، ومنهم من خصه بزمن حضور المعصوم. ودفاعي وهو: القتال لأجل رد جيش الكفر، وهو واجب عيني لمن تحققت فيه شروط الجهاد حتى في زمن الغيبة. المصدر نفسه، ص 24.
[103] الحكيم، الإمام محمد باقر، نافذة على الإنفاق، 23 ـ ص 24.
[104] الحكيم، الإمام محمد باقر، نافذة على الإنفاق، 25 ـ ص 27. وورد ان بعض الفقراء شكوا حالهم الى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما نزلت الآيات التي تدعو إلى الإنفاق والآثار المترتبة عليه فقالوا: يا رسول الله إن هذه العبادة التي دعي الناس إليها كأنها خاصة بالأغنياء لان لديهم الأموال التي يمكن أن ينفقوها ونحن سنحرم من هذه الآثار لفقرنا فأجابهم الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم): «أن الكلمة الحسنة والكلمة الخير تدخل في الإنفاق الذي أوصت به الشريعة». انظر: الطبرسي، مجمع البيان، ج10 / ص7 ـ 8.
[105] الحكيم، الإمام محمد باقر، نافذة على الإنفاق، ص 28 ـ ص 29.
[106] ينظر: المصدر نفسه، ص 30 ـ ص 35.
[107] التوبة: اية 53.
[108] التوبة: اية 54.
[109] النساء: 38.
[110] البقرة: 264.
[111] البقرة: 195.
[112] الحكيم، الإمام محمد باقر، المجتمع الإنساني في القران الكريم، ص 335 ـ ص 336.
[113] المصدر نفسه، ص 337.
[114] المصدر نفسه، ص 341.
[115] الحكيم، الإمام محمد باقر، المجتمع الإنساني في القران الكريم، ص 342.
[116] المصدر نفسه، ص 341.
[117] الكليني، الكافي5/ 319 .
[118] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 57.
[119] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 60.
[120] الحكيم، الإمام محمد باقر، المجتمع الإنساني في القران الكريم، ص 58.
[121] المصدر نفسه، ص 60.
[122] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، 65.
[123] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، 65.
[124] المصدر نفسه والصفحة.
[125] المصدر نفسه، ص 66.
[126] المصدر نفسه، ص 66.
[127] الحكيم، الإمام محمد باقر، دور الفرد في الاقتصاد الإسلامي، ص 67.
[128] المصدر نفسه، ص 68.
[129] المصدر نفسه، ص 42.
[130] المصدر نفسه، ص 42.
[131] المصدر نفسه، ص 42.
[132] المصدر نفسه، ص 43.
[133] المطففين: 26.