المواطنة في فكر السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)
بحث شارك في المؤتمر الثاني لإحياء التراث الفكري والعملي للشهيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم
الباحث: الاستاذ المساعد د. حميد فاضل التميمي
كلية العلوم السياسية ـ جامعة بغداد
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
تعد المواطنة من المصطلحات الغربية الوافدة إلى الثقافة الإسلامية، وهي نتاج البيئة الفكرية الغربية، ولكن وجدت لها صدى في الفكر الإسلامي المعاصر، من خلال مجموعة من المفكرين المتنورين، الذين أعادوا صياغة المصطلح ليتناسب مع البيئة الفكرية والثقافية الإسلامية.
والشهيد السيد محمد باقر الحكيم في مقدمة هؤلاء المفكرين الإسلاميين، الذين درسوا الفكر الإسلامي وشخصوا علته وضعفه ووجدوها في تحليقه عالياً في الخيال والمثالية المطلقة وبعيداً عن الواقع الإنساني، الأمر الذي اوجد بوناً شاسعاً بين الفكر الإسلامي والإنسان المسلم.
والسيد الشهيد بذل جهوداً علمية جبارة لردم هذه الفجوة، وكانت أدواته لذلك عقله المنفتح الذي رفع شعار التجديد في الفكر الإسلامي؛ ليعيد من جديد تجسير العلاقة بين الفكر الإسلامي والواقع السياسي المعاصر، الذي تحكمه منظومة فكرية عامة تقوم على مفهوم الدولة القومية او الوطنية.
ان الاتجاه التجديدي في فكر السيد الشهيد تجلى بمحاولاته (رضوان الله عليه) أعادة قراءة الخطاب الفكري الإسلامي، ليعبر عن روح الرسالة المحمدية ومقاصدها الإنسانية من جهة ومشاعر التعلق الجماهيري والإنساني بالأوطان والبلدان، والتي يعبر عنها مفهوم المواطنة اصدق تعبير. وهذا البحث هو محاولة علمية واجتهاد فكري لدراسة هذا المفهوم في فكر شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره).
الإطار المفاهيمي للمواطنة في فكر السيد الشهيد محمد باقر الحكيم
أولاً: المعنى العام للمواطنة: وهذا المعنى يتحدد بالبعد الإسلامي، وفيه يرتبط مفهوم المواطنة في فكر شهيد المحراب أية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) بمفهوم الأمة، فالانتماء إلى امة معينة هو اكتساب لخصائص ومتطلبات المواطنة بالمفهوم السياسي المعاصر.
واستناداً إلى الاستعمال القرآني لمفهوم الأمة يميز السيد الشهيد بين نوعين من الاستعمال: اللغوي والاصطلاحي. ففي المعنى الأول (اللغوي) يذهب السيد الشهيد إلى أن القرآن الكريم قد استعمل مفهوم الأمة بمعان متعددة ذكر أبرزها بـ[1]:
1. الأمة بمعنى الجماعة: وهي المجموعة من الناس التي تربطها رابطة الاجتماع، بحيث يكون معناها مجرد الجماعة فيعبر عنها بالأمة، ولعل هذا هو الأصل في استخدامها، قال تعالى: (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً…)[2]، أي قطعهم الله تبارك وتعالى وجعلهم على شكل جماعات، وقال تعالى: (تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ)[3]، أي جماعة أكثر عدداً من جماعة، وقوله تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ..)[4]، أي وجد عليها جماعة من الناس.
2. الأمة بمعنى التعبير عن البعد الاجتماعي المعنوي للجماعة، كما في قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)[5].
3. الأمة بمعنى التعبير عن البعد التاريخي للأمة الإسلامية وتأسيسها ومعالمها، كما وردت الآية الكريمة (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[6] وفيها ذكر لثلاث مراحل في تاريخ هذه الأمة:
الأولى: امة كانت على ملة إبراهيم، قد خلت، لها ما كسبت من عقائد وإعمال وتبعات واثآر، تلك الإعمال في مجمل مسيرتها.
الثانية: امة أخرى جاءت بعد تلك الأمة، والتي اختلفت في الدين وأصبحت شيعاً من اليهود والنصارى، لها ما تكسب أيضاً، ولا تسأل أحداهما عما تفعل الأخرى، فالرابط لهذه الجماعة وتلك هو العقيدة والسلوك والكسب والنتائج والاثار.
الثالثة: امة أخرى جاءت متميزة في صيغتها وشعائرها، وهي الأمة الوسط التي أخذت من جميع هذه الأمم ما تشترك فيه من محاسن.
4. الأمة بمعنى التجسيد والتعبير عن الهوية، عندما تتميز امة عن أمم أخرى، بمنظومتها العقائدية والتزاماتها السلوكية تكتسب هوية خاصة. وقد رتب الله سبحانه وتعالى بيان هوية الأمة الإسلامية بقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ…)[7].
أما بالمعنى الثاني (المعنى الاصطلاحي) فالمواطنة تعني الانتماء إلى الجماعة الصالحة، وتكون الجماعة صالحة إذا اشترك أفرادها بعقيدة واحدة وسلوك واحد، وهذه الجماعة لها ما يميزها من الإبعاد والخصائص وهي[8]:
البعد الأول: الإسلام أو الرسالة الإسلامية بكل ما فيها من أهداف ومضامين روحية ومعنوية.
البعد الثاني: الجذر التاريخي والرسالات الإلهية السابقة، أن وجود الجماعة الصالحة ليس حدثاً طارئاً في التاريخ الإسلامي، بل هي جماعة تمثل في جذورها امتداداً للرسالات الإلهية السابقة وهدفاً لها، شأنها في ذلك شأن الإسلام نفسه الذي حرص على تأكيد هذا الجذر التأريخي له من خلال تأكيد تصديقه للرسالات السماوية وارتباطه بدعوة خليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام).
البعد الثالث: الولاء لأهل البيت (عليهم السلام) بمعناه العميق والشامل من الحب والنصرة والعهد والانتماء إليهم سياسياً وفكرياً وسلوكياً، وتحمل مسؤولية هذا الانتماء وآلآمه ومصاعبه،
حيث يمثل أهل البيت (عليهم السلام) الامتداد الطبيعي للنبوة الخاتمة والاستمرار للإمامة الربانية والخلافة الإلهية، كما أنهم يمثلون الخط الإسلامي الأصيل في فهم الإسلام ومعارفه ومواضع تنزيله وتأويله.
البعد الرابع: الفطرة الإنسانية والعزة والكرامة والشرف الاجتماعي، حيث يكون الانسجام مع الفطرة الإنسانية والسلوك العالي وتقوى الله هو ميزان الكرامة والفوز والسبق والأفضلية سواء في الدار الدنيا أو في الدرجات العالية والفضل عند الله تعالى، وهذا البعد من أبعاد الجماعة الصالحة له أهمية خاصة في منح الشخصية خصوصية قادرة على التكييف والتعايش مع المجتمع الإنساني، والقدرة على مقاومة الحصار والعزلة التي تفرضها الظروف السياسية والاجتماعية والنفسية.
ثانياً: المعنى الخاص للمواطنة: وهذا المعنى يتحدد بالبعد السياسي والجغرافي، وقوامه أن المواطنة تتكون وتتشكل بالارتباط بأرض معينة عاش عليها شعب ما وهو الشعب العراقي وكانت مصدراً لرزقه وراحته وعيشه المشترك، وعادة ما يتحدث أبناء هذا الوطن الواحد عن تاريخ مشترك وعلاقات اجتماعية خاصة بأبناء هذا الوطن.
والسيد الشهيد الحكيم تبنى هذا المفهوم واستحضره في علاقته بوطنه العراق، ليس على نطاق الجهد الفكري (كتب، دراسات، بحوث، محاضرات …) والتي كان من خلالها يجهد نفسه في سبيل وضع الأسس الفكرية الصحيحة للوطنية العراقية فحسب، وإنما امتد ذلك لمسيرته الحياتية، فمضى مجاهداً ومناضلاً ومقاوماً لأعتى دكتاتورية وأقوى معول لهدم العراق شعباً وارضاً. وهو لم يبرح ذلك حتى مضى إلى جوار ربه وهو يحمل معه اسمى معاني الإيمان بالله وبوحدة هذا الوطن، فنعم الجهاد ونعم الشهادة، وقد حدد السيد الشهيد الحكيم هذا المعنى للمواطنة من خلال:
1) أسس المواطنة القائمة على فكرة الوطن والوطنية عند السيد الشهيد الحكيم
وفي هذا الاتجاه يمكن أن نحدد أهم الأسس التي يقوم عليها مفهوم الوطنية وهو يرتبط بالعراق في فكر السيد الشهيد الحكيم بالاتي[9]:
أ. الإقرار بالتعددية السياسية والقومية والمذهبية في العراق، والعمل على أيجاد أرضية واحدة للتعامل المشترك في أطار الوحدة الوطنية العراقية.
ب. الإقرار بحق جميع طوائف ومكونات الشعب العراقي في التمتع بالحقوق المدنية والثقافية، فيقول (قدس سره): من حق الكردي أن تحترم ثقافته، والعربي من حقه أن تحترم ثقافته، والشيعي من حقه أن تحترم ثقافته ومذهبه في المناطق الشيعية، وتدرس في مدارسهم ويعلم أبنائهم، كما أن من حق السني ايضاً أن تحترم ثقافته في مناطقه وبلاده، والمسيحي في مدارسه ومجتمعاته، هذه الخصائص والمكونات لا بد من أخذها بنظر الاعتبار في الحكم المستقبلي.
اما أن يلغى جميع الناس وتفرض عليهم صيغة واحدة معينة وأسلوب واحد ويقهر الآخرون فهذا أمر غير مقبول، لا بد أن تعطى للناس حريتهم، أهل السنة في مناطقهم التي يمثلون فيها الأكثرية تدرس مذاهبهم وثقافتهم وتاريخهم، والشيعة كذلك في المناطق التي يمثلون فيها الأغلبية تدرس ثقافتهم ومذهبهم وتأريخهم وخصائصهم، وهكذا المسيحيون، والكرد، والعرب، والتركمان وغير ذلك.
ج. الإقرار بالحقوق السياسية لجميع طوائف ومكونات الشعب العراقي من خلال المطالبة بالحكم الديمقراطي، الذي يفترض وجود حكم وطني ديمقراطي. وتطرح هذه الحقوق من خلال مفاهيم الحكومات الوطنية
(الديمقراطية) القائمة على أساس الحرية وتحكيم رأي الأكثرية وحسابات المصالح الخاصة للإفراد والجماعات، فأن الديمقراطية تنطلق من فكرة الحرية ورعاية المصالح ذات العلاقة بالإفراد وحقوقهم ومنها هذه الحقوق، ويمكن لهؤلاء الإفراد أن يعبروا عن مصالحهم ورغباتهم ومقاصدهم وتوجهاتهم السياسية وممارسة حقوقهم بحرية، ومن ثم في أطار هذا الحكم الوطني الديمقراطي يمكن أن تطرح هذه القضية، لان الديمقراطية كنظام تضمن هذه الحقوق دون الحاجة إلى الحديث عن الخصوصية المذهبية.
ﻫ. الإيمان بوحدة العراق حكومةً وأرضاً وشعباً وبصورة لا تقبل الجدل. فالشهيد الحكيم يدعو إلى عراق واحد، وشعب واحد، وارض واحدة، ولا يسمح أن يتجزأ العراق أو يتفكك أو يصبح دويلات.
و. الالتزام بمبدأ العدالة في تحديد العلاقة بين مكونات الشعب العراقي، فالأولوية في حسابات المواطنة هي الوطنية العراقية التي يجسدها مبدأ تحكيم العدل بدلاً من مبدأ الإقصاء لهذا المكون أو ذاك.
2) مضادات المواطنة القائمة على فكرة الوطن والوطنية عند السيد الشهيد الحكيم
هناك جملة من الانتماءات المختلفة التي يؤمن السيد الشهيد الحكيم ان سيادتها وهيمنتها يؤدي إلى أضعاف أن لم يكن الغاء لمبدأ المواطنة، واهم هذه الانتماءات:
القومية وهي مشتقة من مفردة ولفظة القوم التي وردت في القران الكريم بآيات متعددة كقوله تعالى: (وَمَا أَرسَلنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَومِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُم…)[10] وقوله تعالى: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُوا…)[11] وقال تعالى: (وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ)[12].
ولفظة القوم تستخدم في الأصل ـ وحسب الظاهر ـ في الجماعة التي تكون الروابط فيما بينها روابط ذات علاقة بالدم والتاريخ المادي والأرضي، وقد تتطور فتطلق الكلمة على الجماعة التي تربطها روابط معنوية[13].
واللفظة بهذا المعنى الإلهي الديني ليست ذات معنى سلبي، ولكنها ستكون كذلك عندما يتم استعارتها من إطارها الأصلي (الديني) إلى الإطار المصلحي (السياسي) فتتحول إلى مبدأ قائم على التعصب ونكران الأخر الموجود خارج أطار القوم الواحد. وتاريخ العراق قائم على استبداد وتعصب لصالح قوم تحولوا إلى قومية شوفينية قائمة على إلغاء واستبعاد الأقوام الأخرى، وهذا ما رفضه السيد الحكيم ووقف ضده، اذ نلاحظ مثلاً انه وقف الى جانب مظلومية القومية الكردية، وامن ان النصرة لهم نصرة للحق والعدل، ومدخلاً واسعاً نحو بناء مفهوم المواطنة القائم على الانتماء الى العراق والوطن وليس الى القوم والقومية الواحدة عربية كانت ام غير عربية[14].
العشائر والقبائل: وهي أيضاً من المفاهيم الواسعة التي طرحها القران الكريم في تفسير العلاقات الاجتماعية وطبيعة علاقاتها، كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[15]، وفي الإجمال نلاحظ في الكثير من معالم الشريعة الإسلامية وجود اتجاه واضح في تحكيم أواصر العشيرة والأسرة والقبيلة، لا على تفكيكها وإضعافها، وهذا التحكيم يكون صحيحاً في إطار الشيء الأعظم والاهم من العلاقة، وهو حب الله سبحانه وتعالى، والولاء له تعالى، والارتباط به، ولا يكون خارجاً على ذلك[16]. والجزء الأخير هو ما يعنينا هنا اذ نلاحظ ان مفهوم العشيرة والأسرة والقبيلة قد تحول في زمن نظام البعث إلى مفهوم سياسي، اذ أعيد ربط الدولة العراقية ومؤسساتها المختلفة لاسيماً الأمنية والعسكرية والسياسية بهذه الانتماءات الضيقة، ولم يعد مع هذه الحالة الحديث عن مبدأ المواطنة العراقية في ظل سيادة الولاء القبلي والعشائري وبعد ذلك الأسري، ولعل هذا هو السبب الذي يدفع السيد الشهيد إلى التأكيد على الموقع المتميز لهذه الروابط في أطار الحركة الاجتماعية العراقية وليس خارجها.
3) الطائفية:
تمثل هذه المفردة واحدة من الخصائص البارزة للدولة العراقية الحديثة، إذ قامت هذه الدولة على تركيبة طائفية مجحفة، أفرزت مظلومية تاريخية لأتباع أهل البيت (عليهم السلام)، وهي مظلومية طويلة في بعدها الزمني، قاسية ومؤلمة في بعدها الاجتماعي، صارخة وواضحة في بعدها السياسي.
الا ان ذلك لم يكن مبرراً كافياً ودافعاً قوياً للأيمان بها من قبل السيد الشهيد الحكيم، فهو مفكر أسلامي أنساني، ولذلك فهي ابعد من ان تكون أحد متبنيات فكره (رضوان الله عليه)، فهو قد آمن بان الحكم لا يكون صحيحاً الا إذا انبثق من الأمة، ومن حاجاتها ومصالحها وأهدافها، واما اذا تحكم فرد او حزب او طائفة او مدينة فسوف يكون الحكم حكماً قمعياً ظالماً، وهذا ما حدث في العراق[17].
واذ انتقل السيد الشهيد الحكيم من نطاق التعميم الى التخصيص نراه يذهب بمبدأ العدالة إلى أبعد مدياته عندما يرفض ان يكون الحكم في العراق للشيعة لوحدهم حتى وان كانوا أكثرية، وانما يطالب ان يكون للجميع حضور في الحكم لأنهم جميعاً عراقيون؛ وهو يستند في ذلك إلى تراث عظيم وخالد مثلته مدرسة الأمام محسن الحكيم الذي نهل منها السيد الشهيد الحكيم عندما قال (قدس سره) (إذا جاء حاكم سني عادل فانا أكون إلى جانبه وأؤيده، واذا جاءكم شيعي ظالم فانا أحاربه)[18]، فالقضية أذن ليست انتماء او ولاء لطائفة دون أخرى أو مقابل طائفة وإنما قضية تحكيم العدل الإلهي.
حقوق المواطنة في فكر السيد الشهيد محمد باقر الحكيم
إن المواطنة بما تحمل من مدلولات سياسية يترتب عليها حقوقاً للمواطن، وهذه الحقوق تكون واجبات تلتزم بها السلطة تجاه المواطن. وقد حدد السيد الشهيد الحكيم هذه الحقوق بالاتي:
أولاً: حق الحماية
وهذا الحق يتمثل بالتزام الدولة حماية المواطن من أي محاولات للقضاء على وجوده الطبيعي (حياته) أو مستلزمات أو استمرارية وجوده (حاجاته الأساسية)، أو مكانته الاجتماعية (كرامته الإنسانية). وان هذه الحماية لا تقتصر على داخل الدولة، وإنما تمتد إلى خارجها، عندما يكون في نزاع أو تخاصم مع حكومة دولة أخرى. ويمكن ان نضع حق الحماية في الأبعاد التالية:
حق حماية النفس من القتل (حق الحياة): يرى السيد الحكيم أن الإنسان وجد في هذه الأرض من اجل أن يحيا ويمارس وجوده الطبيعي فيها ويحقق الخلافة الإلهية[19] قال تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)[20]، وهذه الحياة مقدسة واجبة الحماية، لا يحق لأحد كائناً من كان أن يعدمها أو يفنيها، ومن يفعل ذلك من دون وجه حق فكأنه قتل الناس جميعاً (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً…)[21]، والسيد الحكيم يرى أن أفراد الشعب العراقي يتساوون في هذا الحق دون تمييز أو تفضيل لأحد على حساب الأخر[22].
ثانياً: حق تأمين الحاجات الضرورية لاستمرار الحياة ومنها:
أ. حق الأكل والشرب والعمل: فان هذا الحق تفرضه سنة الحياة في هذه الأرض، اذ بدونه لا يمكن أن يستمر الإنسان في الحياة، او يتطور ويتكامل في مسيرة الحياة[23] (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[24] (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[25].
ب. (حق الزواج) والعلاقات الجنسية وتكوين اللبنة الاجتماعية الأولى وهي (الأسرة): فأن الإنسان عندما خلق في هذه الأرض اقتضت حكمة الله تعالى ان يكون استمراره في الأرض عن طريق التوالد والتناسل المنظم الذي يعبر عنه بالسكن والمودة والرحمة، وان الاستخلاف للإنسان يكون عن طريق الخلائق[26]، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[27]، (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ)[28].
ويتفرع عن هذا الحق جميع الحقوق ذات العلاقة بالأسرة كحقوق الوالدين والولد والزوج والزوجة.
ج. استثمار الأرض وأعمارها والتمتع بخيراتها: وكان من جملة حقوق وجود الإنسان على الأرض هو التمتع بخيراتها واستثمار الأرض وأعمارها[29]، (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ)[30]. ويتفرع عن هذا الحق حقوق عديدة، مثل حق أحياء الموات والسفر والزينة والصيد والغوص…
ء. حق صيانة الكرامة الإنسانية: فأن الله تعالى كرم هذا الإنسان على المخلوقات التي أوجدها في الأرض ومحيطها، وفضله عليها ومكنه منها ليستخدمها لتحقيق أغراضه وأهدافه في هذه الحياة[31]، (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)[32].
ثالثاً: حق المشاركة السياسية:
إن المواطنة تفضي إلى تمتع المواطن بالحقوق السياسية، التي عن طريقها يساهم في أدارة شؤون الدولة أو حكمها، انطلاقاً من تصور أن الأمة تمارس مهام الخلافة في أطار السياسة مثلما تمارسه في الاقتصاد والاجتماع وغيرها من حقوق النشاط الإنساني.
وذهب رأي الشهيد الحكيم الى ان ممارسة الأمة لدورها السياسي يتم عبر آليات أهمها:
1. اعتماد مبدأ الانتخاب في اختيار الحاكم، فواحدة من أهم الحقوق السياسية للإنسان هي ان تكون له الحرية والحق في اختيار من يراه ملائماً ومناسباً لإدارة شؤونه ورعاية مصالحه، ويجب ان يكون ذلك في أطار التعبير الحقيقي عن أرادة الشعب، وبعيداً عن طرق التضليل والتزوير والإرهاب والقهر[33].
2. الحق في حرية الترشيح لكل إنسان يرى في نفسه القابلية والصلاحية لان يكون حاكماً يتولى أدارة شؤون الدولة او غيره من المواقع، لا ان تنحصر مهمة الترشيح بشخص معين او جهة معينة[34].
3. ايضاً اعتماد مبدأ الانتخاب، وما يترتب على هذا المبدأ من الحق والحرية في الترشيح لاختيار أعضاء البرلمان، فلكي يكون هذا البرلمان حقيقياً لا بد أن تختاره الأمة بكل حريتها، وان يكون لهذا المجلس صلاحيات واسعة في اختيار الإدارة، وفي اتخاذ القرارات المصيرية، وفي القوانين التشريعية ذات العلاقة بحياة الأمة وشؤونها[35].
4. الحق في الرقابة، الذي يمكن أن تمارسه الأمة على الإدارة المنتخبة لضمان حسن الأداء، وهي رقابة ذات بعدين:
أحداهما: الرقابة على أبقاء اتصاف القيادة او الإدارة بالمواصفات المطلوبة من العلم والتقوى وحسن الإدارة، ومدى انسجام سلوكها مع هذه المواصفات.
ثانيهما: الرقابة على حسن الإجراء والانسجام مع الأحكام الشرعية الكلية الواضحة في حالة القيادة، وكذلك الانسجام مع ما تريده الأمة من الإدارة في تحقيق رغباتها ومصالحها في حالة الإدارة[36].
5. من حقوق المشاركة السياسية، الحق والحرية في تأسيس الأحزاب السياسية، غير أن هذا الحق عند السيد الشهيد الحكيم ليس مطلقاً؛ اذ ترد عليه بعض القيود او المحددات او الشروط منها[37]:
أ. ان يكون الحزب اداة تنفيذ ووسيلة تنظيم وتعبئة، وليس بديلاً او منافساً قيادياً للمرجعية السياسية والدينية.
ب. الابتعاد بالحزب عن التجزئة والفرقة، وهو ان يعمل الحزب بروح الانفتاح والتعاون مع كل القطاعات في الساحة، ويبتعد عن التعصب والتجزئة والانقسام.
ج. الحزب وسيلة وليس هدفاً، اذ يبقى الحزب وسيلة من اجل الوصول للأهداف الكبرى، وليس هدفاً وغاية.
و. الابتعاد بالحزب عن الارتباط بالمؤسسات الدينية والعسكرية.
6. الحق في حرية تشكيل الجمعيات والمؤسسات الجماهيرية السياسية او المهنية او المراكز الثقافية والدينية، ويرى السيد الشهيد الحكيم ان لهذه الجمعيات والمؤسسات أهمية كبرى تتمثل في[38]:
أ. ان هذه المؤسسات وسيلة تنظيمية مهمة وضرورية، تشبه دور الحزب الإسلامي الصحيح في عملية التنظيم، وتختلف عنه في سعة وضيق او اختصاص هدفها وحركتها، فهي وسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى من خلال تحقيق هذه الأهداف والإعمال المشروعة والواجبة، وليست هدفاً مستقلاً في عملها ووجودها، كما أنها ليست شركة ومؤسسة مصالح ومنافع، او طريقة للتعبير عن الذات او فرصة استثمار للمجموعة المتسلطة عليها.
ب. ان هذه المؤسسات هي مؤسسات حقيقية، تعبر عن مصالح وأراء وقرار أصحابها، ولكن في أطار المصالح العامة للأمة، التي تشخصها او تنتخبها القيادة السياسية الشرعية، وليست مجرد واجهات لتعبئة الجماهير، ويكون وراءها القرار الحزبي الخاص، كما اعتادت ذلك بعض الأحزاب الغربية، وتبعهم في ذلك بعض الأحزاب الإسلامية.
ج. لا بد في حركة وسياسة هذه المؤسسات من ملاحظة التكامل بينها، ومحاولة ملىء الفراغات الموجودة في الساحة من خلالها، وتنظيم اكبر عدد ممكن من أبناء الأمة فيها، ولذا فلابد ان يسودها روح التعاون على البر والتقوى والتنافس المشروع.
7. كذلك من حقوق المشاركة السياسية حرية الصحافة وإدراك الأهمية الكبيرة التي تمثلها فيما يتعلق بصناعة الرأي العام المؤيد او المضاد للسياسات الحكومية[39].
رابعاً: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
أولى السيد الشهيد الحكيم اهتماماً واضحاً بهذا النوع من الحقوق؛ لما له من صلة بأسس الحياة الخاصة لكل مواطن من مواطني الدولة، واهم هذه الحقوق:
1. الحق في العمل: سبق وان بينا ان هذا الحق اعتبره الإسلام حقاً مقدساً؛ لأنه الوسيلة التي تؤمن للإنسان استمرارية بقائه على قيد الحياة، فالعمل هو الطريق الوحيد لتأمين رزقه ورزق عياله، وبعد ذلك عد الإسلام العمل بمنزلة العبادة ووسيلة للوصول إلى مراتب عالية من الرحمة والقيمة الاجتماعية والرشد العقلي، وهذه كلها تمثل أفضل القيم في حياة الإنسان وتكامله[40].
2. الحق في الملكية: الإنسان في زحمة التطور الاجتماعي ظهرت حاجته إلى الاختصاص ببعض الثروات بصورة أوضح، فكانت الملكية، التي هي في الوقت نفسه شيء فطري في الإنسان[41]، ان فهماً أعمقاً لهذا الحق يتمثل في تحديد السيد الحكيم لأبعاده والتي تتمثل في:
أ ـ إن الله سبحانه وتعالى خلق الأرض وما فيها وما عليها من ثروات ووضعها في خدمة الإنسان، والأرض في البداية بعضها فيها حياة طبيعية كالغابات والمناطق الزراعية الطبيعية، وبعضها موات لا حياة فيها، كما أن في الأرض والمياه والهواء ثروات طبيعية كالمعادن والحيوانات الأرضية والمائية والطيور، وهذه الثروات الطبيعية أما أنها مملوكة بالملكية العامة كالأنفال، أو من المباحات العامة كالمياه والأسماك والطيور والصخور وغيرها، وهي بذلك لا تصف في أصلها بالملكية الخاصة.
وقد أذن الله تعالى للإنسان باستثمار هذه الثروات وأعمار الأرض والاستفادة من إمكاناتها الهائلة، وجعل ذلك في متناوله تيسيراً لحياته من ناحية، واختباراً وامتحاناً له في تجربته الأرضية من ناحية أخرى، بل وأكثر من الأذن بالاستثمار حث الإسلام ايضاً على ممارسة السعي في الأرض وأعمارها، وان هذا هدف أساسي من أهداف وجود الإنسان، وهو ما ينسجم مع فطرته كما تقدم.
ب ـ أن الإسلام منح الإفراد ملكية الأرض والحق فيها على الأقل، من خلال أحياء الأرض وأعمارها، كما ورد ذلك في روايات كثيرة عن المعصومين (عليهم السلام) منها: رواية محمد بن مسلم قال: «سمعت ابا جعفر (عليه السلام) يقول: ايما قوم أحيوا شيئاً من الأرض وعمروها فهم احق بها وهي لهم». ومنح هذه الملكية او الحق للفرد يجعله في موقع المسؤولية الأساسية في الإنتاج، حيث ان الأرض لها دور مهم في الانتاج والاستثمار، خصوصاً وان ملكية الأرض بالأصل هي ملكية عامة في النظرية الإسلامية، حيث انها بالأصل للأمام بوصفه منصباً يمثل الدولة، وقد أكدت الأحاديث والروايات على ذلك. وان الملكيات او الحقوق الأخرى فيها مهما تنوعت فهي ملكيات طارئة، وتمثل حالة استثنائية بعد أعمار العارض وإحياءها من قبل الإفراد.
ج ـ أعطى الشارع المقدس حق التملك للأفراد بالحيازة والاستيلاء على مختلف موارد الطبيعة كالمياه والطيور والأسماك والحيوانات البرية والأخشاب والمعادن في داخل الأرض او ظاهرها، مع أن هذه الثروات من الملكيات العامة او المباحات العامة او الأموال المشتركة.
د ـ اعتبر الشارع المقدس ان السبب في الحق او الملكية الخاصة هو العمل الإنتاجي، سواء في الأرض ام بقية الثروات الطبيعية، وحتى في الثروة المنتجة. وهذا العمل ـ الذي اعتبره الشارع سبباً للتملك او الحق ـ هو نتاج للفرد الإنساني بشكل خاص.
ﻫ ـ حث الشارع المقدس على الاحتفاظ بالملكية العقارية، ولعل هذا الحق باعتبار ان هذه الثروة منتجة تمثل انفاقاً انتاجياً، وأشار الشارع في حالة بيع العقار يحسن المبادرة الى شراء بديل له من العقار.
كما ان هذا الحكم الشرعي يمكن ان يكون له بعد أخر، وهو تحقيق نسبة من الضمان والاستقرار للإفراد في حياتهم المعيشية.
3. الحق في العلم: يعده سبيل معرفة الله ومعرفة الحقائق الكونية وإقامة الحجة على هذه الحقائق، وحق التفكير والتأهيل والتجربة وإرسال الرسل والعلم بالدين والشريعة[42]، (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)[43]، (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)[44]، (َلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)[45]، (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً …)[46].
4. الحق بالضمان الاجتماعي: وهو ان تقوم الدولة بتقديم الرعاية والمعونة والمساعدة المالية للأفراد العاجزين عن العمل، او الذين لم تصل بهم نتاجات عملهم الى الحد المعقول من المستوى المعيشي للجماعة التي يعيش الفرد في كنفها، فان مثل هولاء الإفراد تتبنى الدولة في ألاطار الإسلامي ضمان معيشتهم من خلال قنوات أربع[47]:
الأولى: الضرائب الثابتة التي وضعها الإسلام على الأموال كالخمس والزكاة، والتي تصرف على الفقراء والمساكين وابن السبيل وغيرهم من المحتاجين، حتى تؤمن لهم مستوى من المعيشة يلحقهم بعموم الناس.
الثانية: الضريبة المفروضة على الإفراد في أموالهم غير الزكاة بالمقدار الذي يتناسب مع حال الإنسان، وترك الشارع المقدس تقديره للإنسان نفسه، ويقوم الإنسان بسد الحاجات الضرورية الشديدة والحد الأدنى من مستوى المعيشة للمؤمنين الفقراء عن طريق هذه الأموال، بحيث يؤمن ضماناً نسبياً للفقراء عن هذا الطريق.
الثالثة: قيام الدولة الإسلامية بالسماح للإفراد الميسورين في المجتمع الإسلامي بكفالة الفقراء من أخوانهم الذين يعيشون في دائرتهم بصورة مباشرة، إذا لم تسمح الظروف للدولة أن تقوم بذلك بنفسها.
الرابعة: الأموال التي يضمها بيت المال من الخراج أو الأموال العامة كالأنفال وغيرها، والتي يجب على الأمام أن يؤمن من خلالها المستوى المناسب من المعيشة للإفراد الفقراء بحيث يلحقهم بالناس ايضاً.
5. الحق في الرعاية والرحمة واللين والعفو والاستغفار والعدل في التعامل مع المواطنين وغير ذلك[48].
خامساً: الحقوق الفكرية القضائية
لم تكن هذه المنظومة من الحقوق غائبة عن فكر الشهيد الحكيم، بل على العكس كانت حاضرة وبقوة، ومصدر قوتها يكمن في الأهمية التي تمثلها في بناء الدولة المنشودة عند السيد الشهيد الحكيم، وهي دولة الفكر والقانون، واهم معالم هذه الحقوق:
1. حق العبادة: التي هي في الوقت الذي تمثل واجباً عقلياً واحساساً فطرياً يعبر عن الشعور بالحاجة لله تعالى والفقر الذاتي الذي يحس به الإنسان هذا من جهة، كما يعبر عن وجوب شكر المنعم من جهة أخرى[49]، (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[50].
فحرمان الدولة للإنسان من هذا الحق من أعظم ألوان الظلم، ويتفرع عن ذلك الإخلاص والتوحيد في العبادة لله تعالى.
2. ايضاً من هذه الحقوق المساواة في الإنسانية: فان الإنسان تعرض في علاقاته الاجتماعية الى هيمنة الآخرين من بني الإنسان، واخذ بعضهم يمتاز على البعض الأخر بالقوة او المال او الجمال او غير ذلك من الأمور المكتسبة المتراكمة كالأنساب والجاه؛ الأمر الذي أدى الى وجود الامتيازات الطبقية او العرقية، وكانت النظرة القرانية في هذا المجال هي المساواة بين الناس في الإنسانية، لا فرق بين رجل وامرأة، أو ابيض واسود، او عربي وأعجمي[51]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)[52].
3. ويترتب على هذا الحق الفكري بالمساواة بين المواطنين حق قضائي يتمثل في المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، إذ لا تمييز على أي أساس كان طالما أن نسبة الناس بالأصل إلى المجتمع ومسؤولياته نسبة واحدة متساوية تتكافأ فيها الحقوق مع الواجبات[53]، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[54].
واجبات المواطنة في فكر السيد الشهيد محمد باقر الحكيم
المواطنة مفهوم متوازن، فمثلما أعطى للمواطن حقوق فانه يفرض عليه واجبات، وأي خلل في هذه المعادلة سينعكس سلباً على الدولة والمجتمع والمواطن، ولذلك فان الجهود يجب ان تنصب على المحافظة على استمرارية التوازن بين الحقوق والواجبات في أطار المواطنة.
وكما عالج السيد الشهيد الحكيم الطرف الأول من معادلة التوازن وهي الحقوق فانه يعالج هذا الطرف الثاني وهي الواجبات، وهذه المعالجة هي بالتأكيد مستندة على فهمه (رضوان الله عليه) للإسلام كدين وفلسفة في الحياة.
وفي هذا الاتجاه يمكن أن نضع هذه الواجبات وفق الاتجاهات التالية:
أولاً: واجبات المواطن إتجاه الدولة:
وفي هذا الصدد يطرح السيد الشهيد الحكيم الواجبات التالية:
1. الولاء: اعتبر السيد الشهيد هذا الواجب من أهم الواجبات الملقاة على عاتق المواطن (وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)[55].
2. الحماية: وهو واجب يتفرع عن واجب الولاء للدولة، وهو يمثل التزام المواطن بحماية دولته والدفاع عنها ضد أي اعتداء تتعرض له، سواء كان هذا الاعتداء داخلي أو خارجي.
3. نشر الدعوة الإسلامية: وهو واجب عقائدي ينبع من أن ضرورات الواجب واشتراطاته تلزم المواطن بالعمل على جعل الشريعة الإسلامية أساس ومنطلق الدولة، ويأخذ هذا الواجب أشكال متنوعة منها[56]:
أ. الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله، ومنهم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة ألاثني عشر من أهل بيته، الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والحب والتولي لهم والبراءة من أعدائهم في كل عصر وزمان، والطاعة لهم.
ب. يترتب على الإيمان بمقوماته أعلاه الطاعة لله تعالى ولرسوله في الإحكام الشرعية الأولية وكذلك في الأوامر والنواهي.
ج. الاهتمام بإقامة الشعائر الإسلامية بشكل منظم.
د. التضحية والبذل والفداء والجهاد في سبيل الله، وتحمل الآلام والمتاعب والصعوبات في سبيل ذلك، والاستقامة والصبر عليها مع مواصلة الطريق، دون يأس او قنوط او ملل اوكلل، فأن كل ذلك يحتاج الى هذه الدعامة وهذا الخلق الإسلامي، وهذا ما يسمى بلغة القران بالعزم والاستقامة.
4. الواجبات المالية: يفرض الإسلام على المواطن واجب المساهمة في تمويل خزينة الدولة عن طريق دفع الضرائب المحددة شرعاً مثل زكاة الأموال والفطرة، وخمس أرباح المكاسب، ورد المظالم، والكفارات، والصدقات العامة، والأوقاف، وإطعام الطعام، إلى غير ذلك من الفرائض والمستحبات، فان المساهمة المالية والإنفاق قد قرن في القران الكريم مع الصلاة، وأصبح من الصفات اللازمة للأيمان، ولا يتكامل الإنسان في طهارته وزكاته النفسية الا بذلك، كما لا يتكامل المجتمع والنشاط الاجتماعي في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله الا مع البذل والعطاء.
ثانياً: واجبات المواطن تجاه الحكومة
اوجب السيد الشهيد الحكيم على المواطن مجموعة من الواجبات تجاه حكومته واهم هذه الواجبات:
1. الطاعة: وتعد من أهم الواجبات، وهي عند السيد الشهيد ذات بعد ديني، فقد ربط بين الطاعة لله تعالى والطاعة للحاكم الذي يمثل الحكومة[57] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)[58].
2. الرقابة: في هذه النقطة قد يبدو مفيداً توضيح مسالة مهمة في فكر السيد الشهيد الحكيم وهي ان بعض الحقوق تتحول احياناً الى واجبات في التطبيق ومنها مسالة الرقابة التي كانت ضمن حقوق المواطن وهي الان تدخل في أطار الواجبات، وطبقاً لهذا الواجب فان الأمة ( مجموع المواطنين) تمارس واجب الرقابة على الحكومة (الحاكم) بصورة مباشرة او عن طريق المؤسسات الدستورية، ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني كالصحافة والأحزاب التي تمثل وسائل كاشفة عن أرادة المواطنين في القضايا محل النزاع مع الحكومة[59].
3. النصح والمشورة: ان من واجبات المواطن في الدولة الإسلامية طبقاً للسيد الشهيد الحكيم هو النصح والمشورة للحاكم[60]، قال تعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[61]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)[62]
ثالثاً: واجبات المواطن تجاه المجتمع
يرتب السيد الشهيد الحكيم على المواطن واجبات تجاه المجتمع منها:
1. التعاون والمشاركة مع الآخرين: ان هذا الواجب يفرض على المواطن التعاون والتكامل المجتمعي للقيام بالواجبات الاجتماعية في الدفاع عن الحق والصواب، والمظلومين، والإسلام، والخط الإسلامي الأصيل لأهل البيت (عليهم السلام)، والمؤسسات الإسلامية الأصلية كالدولة الإسلامية، والحوزة العلمية، والمرجعية الدينية وولاية الأمر، والشعور بالمسؤولية الدينية والسياسية تجاه قضايا المسلمين الكبرى، وكذلك حمل هم المسلمين، ودعوتهم إلى الخير والإصلاح، وكذلك نشر الحقائق الإسلامية والسياسية وكشفها للناس بما يخدم الإسلام وأهله، ومداراة الناس لكسبهم للحق ورفع الموانع والسدود النفسية والروحية، وسد الثغرات واتقاء الأعداء من الكافرين والحاقدين والمنافقين، ورص الصفوف، وتوحيدها حول محور حبل الله، والحق والعدل، وكذلك التناصر بين المؤمنين والتواصي بالحق والصبر، والمحافظة على الأمل بالنصر والمعنويات والثبات في ساحات العمل[63].
2. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: لعل هذا الواجب هو أكثر الأمور التي اجمع عليها سائر الكتاب المسلمين ومنهم السيد الشهيد الحكيم، (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[64].
3. الأولوية لمصالح الجماعة على مصالح الإفراد: وهو من الواجبات الأساسية التي تعكس قيمة وأصالة الرسالة الإسلامية، (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ)[65]، (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ)[66]، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ..)[67]
4. المحافظة على الشخصية الإسلامية للمجتمع: وقوام هذا الواجب اهتمام وحرص المواطن بالمحافظة على الشخصية والهوية الإسلامية، من خلال تعميم آدابها وأخلاقها والتزاماتها وشكلها في الكلام والسلام، وفي الحديث والقراءة، والشعارات والمجالس، وفي الأفراح والإحزان، وفي الإحياء والاموات وغير ذلك. ويركز السيد الشهيد الحكيم في هذا الجانب على الاهتمام بالأهل والأولاد والأسرة، والتي تعتبر اللبنة الأولى والأساس القوي الذي يبنى عليه المجتمع الإسلامي[68].
[1] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، المجتمع الأنساني في القرأن الكريم، النجف الأشرف مؤسسة تراث الشهيد الحكيم (قدس سره)، مطبعة العترة الطاهرة، 2006 ص 98 ـ ص 103.
[2] القرآن الكريم، الأعراف: 160.
[3] القرآن الكريم، النحل: 92.
[4] القرآن الكريم، القصص: 23.
[5] القرآن الكريم، الأنبياء: 92.
[6] القرآن الكريم، البقرة: 134، 141.
[7] القرآن الكريم، البقرة: 143.
[8] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، دور أهل البيت (عليهم السلام) في بناء الجماعة الصالحة، الجزء الأول 2001، قم المقدسة، دار الحكمة، 2003، ص 240 ـ ص 241.
[9] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، الأربع عشرة ـ مناهج ورؤى، خطب الجمعة لشهيد المحراب، الجمعة الثانية / الخطبة الثانية، النجف الأشرف، مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، مطبعة بهمن، 2004، ص 86 ـ ص 87 وأيضاً. السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، شيعة العراق ـ تاريخ. مواقف، النجف الأشرف مؤسسة تراث الشهيد الحكيم (قدس سره)، 2005، ص 54 ـ ص 55.
[10] القرآن الكريم، أبراهيم: 4.
[11] القرآن الكريم، الأعراف: 128.
[12] القرآن الكريم، الحج: 42 ـ 43.
[13] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، المجتمع الأنساني في القرأن الكريم، مصدر سبق ذكره، ص 103.
[14] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، شيعة العراق تاريخ. مواقف، مصدر سبق ذكره، ص 65 ـ ص 66.
[15] القرأن الكريم، الحجرات: 13.
[16] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، المنهاج الثقافي السياسي الأجتماعي (الجزء الأول) النجف الأشرف، مؤسسة تراث الشهيد الحكيم (قدس سره)، مطبعة الرائد للطباعة والتصميم، دون تاريخ، ص 124.
[17] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، موسوعة الحوزة العلمية والمرجعية ـ الأمام الحكيم، الجزء الثالث، النجف الأشرف، مؤسسة تراث الشهيد الحكيم، 2005، ص 239.
[18] المصدر السابق نفسه، ص 241.
[19] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان من وجهة نظر أسلامية، قم المقدسة، منشورات، دار الحكمة، 1987، ص 50.
[20] القرأن الكريم، البقرة: 36.
[21] القرأن الكريم، المائدة: 32.
[22] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، الأربع عشرة. مناهج ورؤى، مصدر سبق ذكره، الجمعة الثالثة عشرة / الخطبة الثانية، ص 346.
[23] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان وجهة نظر أسلامية، مصدر سبق ذكره، ص 52.
[24] القرآن الكريم، الملك: 15.
[25] القرآن الكريم، الأعراف: 31.
[26] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان وجهة نظر أسلامية، مصدر سبق ذكره، ص 52 ـ ص 53.
[27] القرأن الكريم، الروم: 21.
[28] القرأن الكريم، الأنعام: 165.
[29] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان وجهة نظر أسلامية، مصدر سبق ذكره ص 53.
[30] القرأن الكريم، الأعراف: 10.
[31] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان وجهة نظر أسلامية، مصدر سبق ذكره، ص 54.
[32] القرأن الكريم، الأسراء: 70.
[33] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، الأمة والمقاومة الأسلامية، قم المقدسة، منشورات دار الحكمة، دون تاريخ، ص 24.
[34] المصدر السابق نفسه، ص 24.
[35] المصدر السابق نفسه، ص 25.
[36] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، المجتمع الأنساني في القرأن الكريم، مصدر سبق ذكره، ص 442.
[37] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، المنهاج الثقافي السياسي الأجتماعي، الجزء الأول، مصدر سبق ذكره، ص 336 ـ ص 339.
[38] المصدر السابق نفسه، ص 339 ـ ص 340.
[39] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، الأربع عشر مناهج ورؤى، الجمعة الخامسة، الخطبة الأولى، مصدر سبق ذكره، ص 138.
[40] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان وجهة نظر أسلامية، مصدر سبق ذكره، ص 52.
[41] المصدر السابق نفسه، ص 58.
[42] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان وجهة نظر أسلامية، مصدر سبق ذكره، ص 49.
[43] القرأن الكريم، الجمعه: 2.
[44] القرأن الكريم، فاطر: 28.
[45] القرأن الكريم، النحل: 36.
[46] القرأن الكريم، ال عمران: 191.
[47] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، دور الفرد في الأقتصاد الأسلامي، مصدر سبق ذكره، ص 46 ـ ص 50.
[48] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان وجهة نظر أسلامية، مصدر سبق ذكره، ص 61.
[49] المصدر السابق نفسه، ص 46.
[50] القرأن الكريم، الذاريات: 56.
[51] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان وجهة نظر أسلامية، مصدر سبق ذكره، ص 56.
[52] القرأن الكريم، الحجرات: 13.
[53] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان وجهة نظر أسلامية، مصدر سبق ذكره ص 57.
[54] القرأن الكريم، التوبة: 71.
[55] القرأن الكريم، المائدة: 56.
[56] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، المنهاج الثقافي السياسي الأجتماعي، مصدر سبق ذكره، ص 234 ـ ص 239.
[57] المصدر السابق نفسه، ص 235.
[58] القرأن الكريم، النساء: 59.
[59] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، المجتمع الأنساني في القرأن الكريم، مصدر سبق ذكره، ص 442 ـ ص 443.
[60] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، حقوق الأنسان وجهة نظر أسلامية، مصدر سبق ذكره، ص 60.
[61] القرأن الكريم، الأعراف: 157.
[62] القرأن الكريم، الأنفال: 27.
[63] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، المنهاج الثقافي السياسي الأجتماعي، مصدر سبق ذكره ص 237 ـ ص 238.
[64] القرأن الكريم، ال عمران: 104.
[65] القرأن الكريم، الأحزاب: 6.
[66] القرأن الكريم، التوبة: 120.
[67] القرأن الكريم، النور: 62.
[68] السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، المنهاج الثقافي السياسي الأجتماعي، مصدر سبق ذكره، ص 239.