دور السيد الحكيم في الحركة الجهادية لسكان الأهوار دراسة أولية
دور السيد الحكيم في الحركة الجهادية لسكان الأهوار دراسة أولية
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد ياسين الموسوي
استاذ بحث خارج في الحوزة العلمية
عام 2008 م
شارك البحث في المؤتمر الفكري الثالث الذي عقدته مؤسسة تراث الشهيد الحكيم (قدس سره) في النجف الأشرف عام 2008م تحت عنوان: (فكر الشهيد الحكيم ودمه الزاكي يضيئان الطريق أمام وحدة العراق ونهضته العلمية).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ومنكري فضائلهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين.
دوافع البحث
كان الهدف من اختيار هذا الموضوع بالخصوص لأجل تأسيس بعض المرتكزات التي ينطلق منها الباحث لشخصية السيد الحكيم والإحاطة بها.
إنَّ من يريد أن يعرف السيد الحكيم فعليه أن يحيط علماً بجميع خصوصياته العلمية، فكم هي البحوث والمقالات والخطب التي قيلت بحقه، ولكنني بعدما قرأتها وسبرتها وجدتها عاجزة عاجزة عن إعطاء الصورة الحقيقية لما كان عليه؛ فلم تتوفر هذه البحوث على الكثير من جوانب حياته لغياب المنهجية والموضوعية، وقلّة الإحاطة والشمولية والموسوعية والدقة والضبط باستدلاله، والتزامه المبادئ والُمثُل التي آمن بها، وأخلاقيته القيادية التي قلّ مثيلاتها في الشجاعة، والصبر وكظم الغيظ والعفو عمن ظلمه… الخ.
وإن كنت أترك الاسترسال بعدَّ مفردات عناوين البحوث عن شخصيته المنهجية والعلمية خشية الإطناب والإطالة، فإني أدعو الباحثين إلى دراسة التأريخ النضالي والقيادي الذي زاد على العشرين ثلاثاً من السنين، وهو تأريخ لا يمكن لأحد أن يغفله إذا أراد أن يؤرخ للعراق، أو للفترة الحرجة من تأريخ الأمة الإسلامية في سني الثمانينيات وما بعدها؛ فقد كان الحكيم الرمز القائد الحقيقي للشعب العراقي خلال السنين العجاف.
وكما كان للحكيم تميزه في المنهج التنظيري، فضلاً عن تميزه في أدواره القيادية الميدانية التي جسَّدَ فيها رؤاه، ونظرياته الفكرية في منهجه الثقافي والفكري و(الإيديولوجي) المبدأي والسياسي والاجتماعي.
وعلى الدارس له أن يدرسها في محورين منفصلين لكل واحد منهم حيَّزه الخاص به، بحيث يكون الحيّز الفكري هو الذهن والعقل، بينما يشغل الواقع والميدان حيّز المحور الثاني.
وجاء التأكيد على هذا التفريق بين حيزي هذين المحورين للتنبيه على أن العلاقة بين الأنشطة العقلية والفكرية، والأنشطة السياسية والعلمية عند سيدنا الحكيم لم تكن على نحو العلاقة بين العقل النظري والعقل العلمي المبحوث عنها في الفلسفة، الذي كان يتبناها منهج سياسي إسلامي عاش بخط متوازٍ مع حركته من أواخر الستينات من القرن الماضي.
بينما كان منهج السيد الحكيم التنفيذي في عالمي السياسة والاجتماع يعتمد القوانين الميدانية فيهما، كما كان يؤمن بعدم صلاحية تطبيق القوانين السياسية والاجتماعية العقلية على نحو القضية الكلية في الواقع الميداني السياسي والاجتماعي، فقد يكون للواقع قوانينه الخاصة به، والمتغيرة مع قوانين الفكر والمعرفة النظرية.
وكان هذا التمايز محور خلاف جذري شَكَّل في الواقع السياسي الإسلامي العراقي مدرستين، لكل واحدة منهما قادتها وأتباعها.
واتَّسَمَت المدرسة للسيد الحكيم من بداية ظهورها في الميدان بسمة التنظير لسياسة المنهج بعنصرين أساسين آخذا في مستقبل الطرح النظري وساحة العمل في الصراع السياسي موقع التأصيل لمعالم المدرسة؛ ويدلك على هذه الحقيقة إنه صرح بهما في أول كراسين كتبهما في الأهداف والوسائل لـ(حركة المجاهدين العراقيين)، وقد نُشِرَ الكراسان بإسم الحركة من دون أن ينسبا إلى سماحته لأسباب تتعلق بمشروعه السياسي الميداني آنذاك:
العنصر الأول: الانفتاح على الأمة التي تحتضن جميع الشرائح على مختلف مستوياتها.
وقد أخذ هذا المشروع بعين الاعتبار الأخطاء الستراتيجية التي احتوت عليها مشاريع (النخبة) في العمل السياسي النُظَّم الحركي والحزبي الإسلامي.
وجاء في جملة تنظيراته: انه فرَّق بين نوعين من التنظيم (وإن كانت الدولة موجودة في أبسط أشكالها الإدارية) واستشهد لنظريته هذه بجملة قضايا كان أبرزها صورة العمل والارتباط الحركي في بني إسرائيل الذين عاشوها بطريقتين مختلفتين؛ فكانت الطريقة الأولى هي الانفتاح القيادي بشكله العام غير المنظم على الأمة في ظل نظام التسلط الفرعوني في مصر قبل أن ينزحوا ويهاجروا إلى الأرض المقدسة.
بينما تغير نظام إدارة الأمة الإسرائيلية بعدما استقروا في سيناء عندما نَظَّم نبي الله موسى (عليه السلام) الأمة الإسرائيلية تنظيماً ادارياً وحركياً وقسمهم اثني عشر قسماً بعدد قبائل أسباط إسرائيل.
العنصر الثاني: إنه فرق بين قوانين العمل السياسي وقوانين النظرية السياسية، وأكد على الفارق الأساسي الذي ينص على أن العمل السياسي لابد وأن يخضع للتغييرات التي تحدث على الأرض؛ وعليه فمن الحكمة أن تتغير المواقف والرؤى السياسية بتغير الحوادث، وليس من الحكمة التمسك بالنظريات المسبقة مع تغيير الأمر والمجريات؛ وفي نفس الوقت فإنه كان يؤكد على أن هناك ثوابت سياسية لا يمكن التنازل عنها، وهي المبادئ الأساسية التي نشأ الصراع السياسي من أجلها المتمثلة بالإسلام والعدالة.
وكانت مدرسة النخبة تقف في الخط المقابل، حيث تؤمن بضرورة تحديد مراحل الصراع السياسي والتي شخصتها آنذاك بأربعة مراحل ابتدأت بالمرحلة الفكرية التي استمرت حوالي العقدين، ولم تنتهِ إلا بعد جدل مكثف دار بين روادها بعد انتصار الثورة الإسلامية يهدف إلى ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي المرحلة السياسية.
بينما كان يرى السيد الحكيم إمكانية اجتماع الصراع بألوان متنوعة في فترة زمنية واحدة بما تحتاجه المعركة لتوفير أكبر فرص الفوز لها، وأتذكر جيداً موقف السيد الحكيم في الاجتماع التأريخي الذي دعا الإمام الخميني إليه الشخصيات المعارضة لنظام صدام علماء الدين العراقيين سنة 1981 في منزله وبحضور نجله المرحوم السيد احمد ممثلاً عنه، وحضر الاجتماع جماعة العلماء المجاهدين برئاسة السيد الحكيم، والمعارضون لسماحته آنذاك.
وعندما طرح إشكالاته (قدس سره) على الطرف الآخر كان من جملتها: تأكد على ضرورة التفرغ للعمل العلمي الحوزوي، وإشكاله على الجهة المقابلة بأنها لا تعطي العمل السياسي إلا الشيء القليل.
فأجابه السيد احمد (رحمه الله): بان عندك مدرسة للعلوم الحوزوية في طهران، وأنت مهتم أيضاً بهذا الجانب العلمي الحوزوي، فما المانع من اهتمامهم هم أيضاً بهذا الجانب؟
فأجاب السيد الحكيم (قدس سره): بأنه يهتم بالجانب الحوزوي باعتباره من الضروريات التي تحتاجها المعركة الفكرية السياسية التي تعيشها الأمة إذ يشكل محوراً من محاور العمل الجهادي ضد الطاغوت.
رؤيته بإسقاط الطاغية
وكان واقعيا بتشخيصه طريقة إسقاط الطاغوت الدكتاتوري.
إن كل دارس موضوعي أو متابع منصف لمسيرة السيد الحكيم يقر بالحقيقة القائلة بان المنهج العقلاني المتكيِّف مع الرؤية الواقعية كان حاكما على حركته السياسية بالمقدار الذي لم ينسه الجانب العاطفي الذي تحتاجه الأمة لخلاصها ونهضتها.
ومع ما كان له من مشاركة فاعلة بقراءة الأفكار الأخرى العلمية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية كاطلاعه على تفصيلات الفكر الماركسي والرأسمالي، والمذاهب السياسية والاجتماعية التي ظهرت في عقود القرن الماضي ومتابعته تأريخ نضال الشعوب المستضعفة والفقيرة، وتأريخ الثورات في العالم مما أهَلَّه ليكون شريكاً للإمام الصدر في مشروعه المدرسي الضخم (اقتصادنا) فيقول (قدس سره) وهو يتحدث عن سبب تأخير انجاز كتابه اقتصادنا الذي كان قد وعد به قراءه في كتابه السابق عليه فلسفتنا: «… ولكن ظروفاً قاهرة اضطرت إلى شيء من التأخير، بالرغم من الجهود التي بذلتها بالتضامن مع عضدي المفدَّى العلامة الجليل السيد محمد باقر الحكيم في سبيل انجاز هذه الدراسة، ووضعها بين أيديكم في أقرب وقت ممكن»[1].
فإنه كان لا يؤمن بالحل العسكري أو العنف والقوة خياراً ستراتيجياً للتخلص من الدكتاتورية أو وإقامة الحكم الحر، مع أن هذا الأسلوب كان الخيار الأول أمام المناضلين والثوار العالميين آنذاك، وكان هذا الأسلوب هو الوحيد الذي تتغير به الحكومات في العراق على مدى عقود عدة من الزمن.
نعم، إن سيدنا الحكيم (قدس سره) كان يؤمن بطريقة التحرك السياسي المدني بعيداً عن العسكر والقوة كما هو المنهج المسيطر على مواقف ورؤى المراجع والحوزة العلمية في النجف الأشرف، وربما نجد من الفقهاء من كان وما يزال ينظر لهذا الموقف دينيا استنادا إلى الروايات الشريفة المروية عن الأئمة (عليهم السلام) التي استدل بها على حرمة العمل العسكري في عصر الغيبة، ومنها معتبرة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل»[2].
وما روي عن الإمام علي ابن الحسين (عليه السلام) قال: «والله لا يخرج احد منا قبل خروج القائم إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوى جناحاه، فأخذه الصبيان فعبثوا به»[3].
وربما يأتي من هذا الباب أيضا موقف المشهور من فقهاء الشيعة الإمامية بحرمة الجهاد الابتدائي.
واستمرت هذه الرؤية عند سيدنا الحكيم بعد انتفاضة العشرين من صفر (1397ﻫ) – (1977م)، والحكم عليه بالسجن المؤبد.
ولكنه تغير تكتيكيا بعد ما تسلم صدام رئاسة الحكم بالمؤامرة التي أزاح بها البكر عن الرئاسة، وابتدأ حكمه بمجازر وحشية ملأت شوارع العاصمة بغداد، وشملت حتى أصحابه في مجلس قيادة الثورة. فلا خيار أمام هذا الوضع الاستثنائي إلا العمل العسكري.
وأتذكر مرة كنت أتحدث مع المرحوم المفكر الإسلامي الكبير آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين سنة1987 في بيروت، وكان يحدثني عن رفضه المطلق للعمل المسلح.
فسألته: فكيف العمل مع صدام؟
فأجاب بسرعة وبلا تردد: صدام شيء آخر، لا يمكن إسقاط إرهابه وعنفه إلا بالقوة.
وانطلاقا من منهجه الواقعي فقد ابتدأ السيد الشهيد قيادة المعركة بعد استشهاد الإمام الصدر (قدس سره) بتغيير موقعه من العراق فهاجر إلى خارج الوطن، واتخذ من بلد الهجرة الأول سوريا مقرا مؤقتا لإقامته، ومكث عدة أشهر كتب فيها مشروعه السياسي لإسقاط الطاغية، وكان المشروع قد ابتنى على ضرورة تكوين القوة العسكرية القادرة على مواجهة النظام الدكتاتوري الغاشم.
ولم تفتح حينذاك أية دولة عربية أبوابها لاستقبال القائد الحكيم، مما اضطره للهجرة إلى إيران لأسباب موضوعية كان أهمها:
أ – استعدادها لاستقباله في البداية والسماح له بعد ذلك بتنفيذ مشروعه التحريري.
ب – هناك أكثر من ألف كيلومتر من الحدود المشتركة بينها وبين الوطن مما يفتح المجال الواسع للتحرك والتواصل.
كانت التجربة التي خاضها كبيرة وموفقة استطاع أن يطور المواجهة، ويبني تنظيما عسكريا قويا اعترف به النظام الحاكم في العراق، كان له فيها بعد الدور الكبير في حماية الشعب العراقي والدفاع عنه.
إن تجربة كهذه تستحق أن تدرس بموضوعية ومنهجية تحيط بكل أبعادها ومراحلها وأدوارها وما حققته من نتائج سليمة.
أما في حركته السياسية فقد استطاع أن يؤسس (جماعة العلماء المجاهدين في العراق)، ومن ثم (مكتب الثورة الإسلامية في العراق)، وبعد (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق).
وعلى مستوى خدمة الجماهير العراقية في المهجر فقد استطاع أن ينشئ (مؤسسة الشهيد الصدر) بهيئاتها المختلفة الاجتماعية والخدمية المتنوعة، بما لم يسبقه احد من الوجودات السياسية المهاجرة بهذا التنوع والتحرك السياسي والجهادي و.. الخ.
وهكذا استطاع الشهيد الحكيم (قدس سره) أن يؤسس لمرتكزات الدولة ونظامها وهو خارج بلده، فقد ترجم ذلك عملياً من خلال البرامج المختلفة والمتنوعة في خدمة العراقيين والعمل على أمنهم ونشر قضيتهم وإيصالها إلى المحافل العالمية الكبرى وهيأة الأمم المتحدة، وعمل جاهداً على تحصيل الاعتراف بالمعارضة العراقية (الداخلية والخارجية) من قبل المنظمات العالمية والدول العربية المحيط بالعراق بعدما رفضت في السابق استقباله مستقلاً بذكاء وبعمل دؤوب تدهور علاقاتها مع نظام الحكم الصدامي نتيجة حروبه وعدوانه على هذه الدول، ثم استطاع بعد ذلك أن يجعل من قضية ومأساة شعبه من القضايا الملحة على الضمير العالمي.
تبنى الحركة الجهادية في الأهوار والدفاع عن سكانها
سمح لنظام صدام المقبور باستخدام طائراته المروحية ودرعه في قمع الشعب العراقي في انتفاضته الشعبانية سنة 1991م بعد هزيمة الكويت.
وتراجع المنتفضون من المدن الكبيرة التي كانوا يسيطرون عليها في محافظات الجنوب على وجه الخصوص إلى القرى والأرياف ومنطقة الأهوار البعيدة عن سيطرة النظام، حيث تتمتع بحرية اكبر من غيرها من سيطرة النظام.
تشكل منطقة الأهوار مثلثا بين المحافظات الثلاث: (العمارة، والناصرية، والبصرة) واستفاد الثوار من طبيعة الأرض التي تقيد الدروع من التحرك فيها بسهولة، ولذلك فقد بقيت مناطق شاسعة حرة تدار ذاتيا من قبل الأهالي بعيدة عن القوى العسكرية والأمنية الحكومية.
وكان السيد الحكيم يقدر عدد نفوس سكانها بما يقارب السبعمائة وخمسين ألف إنسان.
لقد أصر النظام على محاولة القضاء على ما سمّاه بـ(التمرد) في تلك المناطق، واستخدام شتى الأساليب القمعية؛ وكان من جملتها المقابر الجماعية، وحرب الإبادة بتدمير القرى وحرقها، والتهجير ألقسري للسكان من مناطقهم إلى مناطق أخرى، وتغيير طبيعة الأرض.
وقد دمّر قرى كاملة في المحافظات الثلاث، مثل: الصيكل، والجدي، والعكر، والكباب، والكبيبة، والصحين، وأبو شذر في محافظة العمارة؛ والدبن (الذين كان قد بدل اسمها قبل تخريبها باسم مدينة صدام)، وأبو عجاج، والكبه، وعبادة، وآل جويبر، وغيرها في محافظة الناصرية، ومثل: المزلك، وصلين، والشرتة، وغيرها في محافظة البصرة.
لم تستسلم الجماهير المنتفضة لإرادة النظام، واستمرت في مقاومتها، متشبثة بحريتها، ومتحملة الآلام والمصاعب، ورسمت أروع الأمثلة في البطولة والتضحية والصبر والإيثار.
ومع استمرار المعركة فقد حاول النظام أن يقضي على ما بقي من المقاومة في تلك المناطق المحررة بأساليبه المتنوعة التي كان أهما:
1ـ القوة العسكرية غير المتكافئة
فاستخدم الطائرات الحربية النفاذة والمروحية، بالإضافة إلى الدروع من الدبابات والمدفعية الثقيلة التي كانت تسمى عند الأهلي بـ(النمساوي)، هذا بالإضافة إلى استخدامه قوات المشاة الضخمة.
2ـ الحصار الاقتصادي
إذ منع دخول المواد الغذائية، والبنزين، والنفط، والغاز، وجميع المواد الأولية إلى المناطق المحررة في الجنوب.
ومع ما كان يعانيه شعبنا من الحصار الاقتصادي الدولي، فقد كان شعبنا في الجنوب يعاني الأمرين من الحصار الاقتصادي الذي فرضه النظام عليه، فتولدت المجاعة، والعوز الشديد، وقد مات بعض الأشخاص منهم جوعاً.
3ـ التعتيم الإعلامي
حاول النظام أن يقطع كل وسائل الاتصال بين سكان المنطقة والمناطق الأخرى، كما منع تسرب أية معلومة تفيد المواطنين في طمأنة نفوسهم أو شعورهم بفرج قريب (الحرب النفسية) أو تنتهي بعكس مظلوميتهم ومأساتهم للعالم الحر المدافع عن حقوق الإنسان في الدول المتحضرة.
ولذلك لا يكاد يتسرب الخبر الإعلامي أو غيره عن واقع المواطنين من سكان تلك المناطق، حتى إلى جيرانهم سكان مدن نفس محافظاتهم، فمثلاً إن الغالبية العظمى من سكان مدينة البصرة لا تعرف عن جهاد ومظلومية شعبنا في أهوار البصرة إلا النزل القليل نتيجة سياسة النظام القمعية التي استخدمها ضد العشائر والمجاهدين سكان المنطقة، وقدرة النظام على عزل مناطق الأهوار عما يحيطها.
4ـ إثارة النعرات القبلية بين أبناء العشائر
وانسجاماً مع القانون الاجتماعي القائل (فرق تسد) فقد حاول النظام زرع أياد من المرتبطين به أمنياً في داخل الجسم الاجتماعي يقومون بعمليات إثارة النعرات العشائرية، وإذكاء نار الفتنة بين الناس تحت العناوين الاجتماعية الموروثة في هذه الشريحة السكانية، والتي تعبر عن القوانين الحاكمة في مجمل تصرفاتهم الاجتماعية، من قبيل (الثأر) العشائري وإيجاد شيوخ ووجهاء عشائر عينهم النظام. بعدما استحدث مشجرات النسب ودعا إليها، وصنف على أساسها شيوخ القبائل (العشائر) إلى أصناف (أ، ب، ج) يرتبطون بالنظام مباشرة بطرق معروفة.
وكان السكان يسمّون جواسيس النظام بمصطلح (الشماشمة) كما كان يسمون شيوخ العشائر الذين عينهم النظام بموقع مشيخة القبيلة بمصطلح (شيوخ التسعين).
5ـ تغيير طبيعة الأرض
قام النظام بمشروع الأنفال في جنوب العراق حيث غير مجرى نهري دجلة والفرات اللذين كانا يمران في داخل الأهوار إلى مناطق أخرى بعيدة عن المنطقة مما أدى ذلك العمل إلى سد المنافذ المائية عن الأهوار، وتصحر الأراضي الزراعية التي كانت تمرّ بها فروع النهرين.
في المقابل كان للقائد الشهيد الحكيم (قدس سره) الدور الكبير في مواجهة تلك المؤامرة والدفاع عن الشعب المظلوم. فقد اتسم دوره بالحكمة والمواجهة العلنية للمشروع الظالم للنظام.
إني أدعو الباحثين لدارسة هذه الفترة المهمة في حياة العراق السياسي المعاصر من تاريخنا المشرق، بقراءة تفاصيل حركة سيدنا الحكيم الذي تمكن بجهاده وذكائه وحكمته أن يقود جهاد هذا الشعب المناضل المعطاء.
ولكني لا أفوّت فرصة تسجيل منهجه السياسي والجهادي بالدفاع عن المجاهدين وسكان الأهوار ضمن شرح إستراتيجيته العلمية وواقعه الميداني، حيث بادر من بداية إنتفاضة شعبنا إلى دعمها وتأييدها، ثم استمر بشكل ممنهج بإدامتها فأسس مكتب (الجنوب) لدعم الانتفاضة، تحت إشراف سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم (حفظة الله تعالى).
وتتبنى الإستراتيجية على النقاط التالية:
1 – تبني جهاد شعبنا في الجنوب ونضاله، واحترام إرادته برفض النظام الدكتاتوري.
2 – عدم التصدي الميداني للعمل العسكري في مناطق الأهوار إلا بحدود الهداية والإرشاد في مجالاته الترشيدية، وعدم التدخل بالشؤون الجزئية لأسباب موضوعية.
3 – الاهتمام بالتعبئة الجماهيرية نفسياً وثقافياً بما يرفد في إدامة جهاد شعبنا، والمشاركة في عملية تثقيف الجماهير دينياً وحضارياً.
فكان يهتم بإرسال المبلغين والمرشدين الدينيين إلى مناطق الأهوار في داخل العراق، ويتكفل جميع المستلزمات المادية والمعنوية لتسهيل عملية أداء أدوارهم الدينية في تلك المناطق.
4 – شَكَّل هيأة الإغاثة لدعم الشعب العراقي، فكانت تأخذ على عاتقها إيصال المواد الغذائية إلى المحتاجين وتوزيعها من خلال لجان ميدانية شكلت في جميع مناطق الأهوار.
5 – سعى جاداً لكسر الحواجز التي فرضها النظام على الوضع الإعلامي العالمي، واستطاع أن يؤسس (المركز الوثائقي لحقوق الإنسان في العراق) الذي كان ينقل جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي كان يقوم بها النظام، ومن ثمَّ يعرضها المركز على المحافل الدولية العالمية المهتمة بحقوق الإنسان والمرتبطة بالأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية وغيرها.
وقد استجابت تلك المنظمات في كثير من الأحيان وأصدرت القرارات التي تدافع بها عن حقوق الإنسان في العراق.
6 – كما شجع الإعلاميين حتى الأجانب منهم على الدخول إلى مناطق الأهوار، ومعرفة الوقائع والحقائق والظلامات التي كان يعيشها المواطنون تحت نير النظام الجائر.
ومن جملة أولئك الصحفي البريطاني (شام) من صحيفة الأبزوفر البريطانية الواسعة الانتشار، الذي زار مناطق الأهوار ورأى معاناة شعبنا بعينه وعايشها بنفسه.
7 – كما كان لشخصية سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم (حفظة الله تعالى) الدور الكبير والضخم في إنجاح جميع تلك المهام، ولولاه لما تمكن أي مشروع من تلك المشاريع أن يرى النور.
وكان قد أعطى كل وجوده، وحركته، وصحته، وراحته بتضحية نادرة، وإخلاص منقطع، وروح ملكوتية كما يفعل الصديقون باستشهاداتهم مدافعين عن المثل والقيم الإلهية العليا.
8 – وقد عين السيد الحكيم ممثلاً عنه في داخل العراق للقيام بتلك المهمات كما نصت عليه الوثيقة الآتية:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى إخواننا المؤمنين في المناطق الجنوبية (الأهوار) وفقهم الله تعالى لمراضيه بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن جناب حجة الإسلام والمسلمين السيد ياسين الموسوي (دام تأييده) من العلماء المجاهدين وهو موضع ثقتنا واعتمادنا وقد عينته ممثلاً عني في الشؤون الدينية والاجتماعية عامة ليقوم بمهمات إبلاغ الرسالة والوعظ والإرشاد وحل مشكلات الناس الدينية والاجتماعية والرعاية للإخوة المجاهدين الأعزاء وتفقد العوائل الشريفة والمستضعفة خصوصاً عوائل الشهداء الإبرار والمفقودين الكرام فالمأمول من إخواننا المؤمنين الأعزاء والمجاهدين الكرام الاستماع إلى توجيهاته وإرشاداته والالتفاف حوله والاستفادة من وجوده المبارك.
وأوصيه ونفسي بمزيد من التقوى والاحتياط والعمل على رفع معنويات المجاهدين وتوحيد صفوفهم وتوعية المؤمنين وتثقيفهم وتعليمهم والتخفيف من آلامهم ومحنتهم والتعامل معهم بالصبر والحكمة والعطف والرحمة سدد الله خطاه ونفع به الإسلام والمسلمين.
والسلام عليه وعلى إخواني المؤمنين جميعاً ورحمة الله وبركاته.
(24 / ذو القعدة / 1412)
محمد باقر الحكيم.
9 – وكان السيد الحكيم على اتصال مباشر مع الجماهير فقد فتح أبوابه لكل المواطنين يلتقي بهم مباشرة ويعرف منهم ما يشكون من ظلامات، ويشاركهم آلامهم وآمالهم.
وأنا ألان أتذكر حادثة لأحد الأشخاص جاءه من مناطق أهوار البصرة داخل العراق، واسترسل يحدث السيد الحكيم عن مأساته ويشرح له كيف قتل جيش صدام زوجته، فإذا بعيون السيد الحكيم تغرق بالدموع – تلقائياً – بكاء الثكلى، وهو المعروف عنه صبره، وجلادته، والسيطرة على أحاسيسه العاطفية، حتى قد اتهمه بعض معارضيه بذلك.
كما كان السيد الحكيم (قدس سره) يتواصل مع الجماهير مباشرة، فكان يجيب كل يبعث إليه برسالة من داخل الوطن، برسالة ملئها الاهتمام والمحبة والأبوة التي هي ملازمة لقيادته (قدس سره).
وكان يقول كراراً: إني اعتبر رد جواب الرسائل التي ترسل لي واجبا.
فلذلك كان لا يغفل أية رسالة تصل إليه، فيرد عليها بتواضع وجديه.
10 – كما كان يتواصل مع الجماهير من خلال البيانات التي يصدرها حول القضايا الكبيرة والقصيرة التي تهم حاضر ومستقبل الوطن والجماهير.
من ثم يبعث من يوصلها إلى الجماهير لتكون برنامج عمل لحياتهم.
واليك نموذجا من تلك البيانات والذي كتبه بتاريخ 21 – شعبان – 1416ﻫ:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى إخواننا الأعزاء رؤساء وأبناء العشائر العراقية في جنوب العراق المحترمين (دام عزهم).
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… والدعاء لكم بالتوفيق والسداد وحسن الأحوال… لاشك أن العراق وأبناء العراق الشعب العراقي يعيشون هذه الأيام مرحلة قياسية ومعاناة شديدة وصراع حاد بين الحق والباطل، وقد قام نظام صدام المجرم بتدمير العراق ومقدراته وعرض العراق وشعبه إلى اشد آلام القتل والتشريد والجوع والمرض والخوف والدمار، وكانت العشائر الراقية في الجنوب احد الأهداف المهمة التي استهدفها النظام في عملياته الإجرامية حيث عمل على إضعافها وإلقاء الفتنه ما بين أبنائها وتسليط بعض العناصر الفاسدة على أعزتها وشرفائها وتحريض بعضها على بعضها الآخر. وفي هذه المرحلة الحساسة، التي يعاني فيها النظام من الضعف والهوان وينتظر نهايته الحتمية السوداء على أيدي المخلصين من أبناء الشعب العراقي، ندعو جميع إخواننا أبناء العشائر العراقية إلى أن يساهموا في هذا العمل الجهادي المجيد كما هو المعهود فيهم في تاريخنا الإسلامي، حيث كانت هذه العشائر هي السند الحقيقي للإسلام والحق والعدل والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته والعلماء الإعلام والمرجعية، وكانت ملاذ اللاجئين من المطاردين والمدافعين عن الحق.
وعليهم الاهتمام بمجموعة من النقاط الهامة:
أولاً: أن ينظموا صفوفهم ويعملوا على تقوية بنيتهم الداخلية وتهيئة كل وسائل القوة والدفاع عن النفس والأهل والإسلام والوطن.
ثانياً: السيطرة الكاملة على مناطقهم ومنع نفوذ الأعداء بين صفوفهم ومقاومة المعتدين والأشرار والأراذل، ويكون بيدهم الحل والعقد في مناطقهم ويحافظوا على مناطقهم ومزارعهم وممتلكاتهم من كيد الأعداء ويحافظوا على محصولاتهم الزراعية لينفقوها على أهلهم والفقراء والمستضعفين والمساكين من الناس، ولا يجوز لهم تمكين النظام منها فإنهم أحق من النظام بها كما أن النظام المجرم يستخدمها كوسيلة للضغط على المؤمنين أو لشراء الأنصار والضمائر أو لتجويع الناس لإذلالهم واستعبادهم والتسلط عليهم.
ثالثا: أن يوثقوا علاقاتهم وصلاتهم بأبناء العشائر الأخرى ليكونوا يداً واحدة ويعتصموا بحبل الله جميعاً ليؤلف بين قلوبهم ويتعاونوا على البرّ والتقوى ويتناصروا في الدفاع عن الإسلام والأهل والوطن.
وأدعو جميع العشائر أن لا يتركوا مجالاً للخلافات والنزاعات فيما بينهم سواء في العشيرة الواحدة أو مع العشائر الأخرى، بل يجب عليهم أن يوقفوا كل نزاع وقتال ويستخدموا الطرق السلمية والموعظة والحكمة الحسنة، وعلى جميع الأعزاء والعقلاء وأهل المعرفة أن يهتموا بذلك فالصلح خير كما ذكر القران الكريم وهو واجب كما قال تعالى: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)[4] وعلى جميع المؤمنين أن يكونوا يداً واحدة على الطائفة الباغية إذا لم تستجب للصلح بعد بذل المساعي كما أمر القرآن الكريم…
ولابد من إعطاء المهلة (العطوة) والفرصة لتسوية الأمور والإصلاح حسب ما تقتضيه المصلحة وعملية الإصلاح.
رابعاً: أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة في العمل من اجل الخلاص من هذا النظام الفاسد، وعليهم أن يطلبوا من أبنائهم وإخوانهم العاملين في الجيش العراقي أن يتعاونوا معهم في هذا الأمر. ويمكن أن يطلبوا من أبناء الجيش أحد الأمور التالية:
1 – القيام بالعمل ضد النظام مهما كان صغيراً.
2 – الكف عن الاستجابة لأوامر النظام.
3 – تعطيل الأجهزة التي يستخدمها النظام لإيذاء الناس والإضرار بهم.
4 – التعاون مع المجاهدين والعشائر العراقية في الأوقات المناسبة وأخبارهم عن نوايا النظام الإجرامية وحركاته الايذائية.
5 – أن يتحركوا على الضباط والمراتب الأخرى أو الجنود في تشكيل خلايا صغيرة فعّالة ومنظمة للتخطيط والقيام بالمهمات الخاصة التي تضعف النظام المتهاوي، وكذلك للسيطرة على الأوضاع عند حصول حادث أو حركة شعبية واسعة، وغير ذلك من الأعمال الأخرى التي يمكن أن يقوم بها أبناء الجيش العراقي.
خامساً: أن يقوم أبناء العشائر العراقية بالتعاون مع المجاهدين، من خلال تأمين المأوى والغذاء والسلاح والعتاد بطريقة مناسبة تتسم بالكتمان والحذر والاحتياط والتقية، فإن هذا العمل من أهم الواجبات الشرعية، وقد أوصينا المجاهدين خيراً بإخوانهم وآبائهم رؤساء وأبناء العشائر العراقية.
سادساً: دعوة العشائر الأخرى لتحمل مسؤولية الدفاع عن العمل الجهادي والمجاهدين ومواقعهم ومقراتهم وعدم إعطاء الفرصة للنظام أن ينفذ مشاريعه الجهنمية التي يستهدف من ورائها السيطرة على العشائر والمجاهدين وبعد ذلك يقوم بنهب مزروعاتهم والتحكم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، علماً بأن الهدف الأساس للمجاهدين هو الدفاع عن الإسلام والعزة والكرامة وعن الاهل والعرض والمال وعن العشائر المظلومة.
سابعاً: الطلب من أبنائهم أن لا يتعاونوا مع النظام ويدعوهم للتوبة إلى الله والرجوع إلى صف الشرع الحنيف والله هو الغفور الرحيم، وهو نعم المولى ونعم النصير.
ختاماً: اسأله أن يسدد خطاكم ويحفظكم من كل سوء ومكروه ويوحد صفوفكم وينصركم على عدوكم ويكتب لكم الفرج والخلاص والأمن والاستقرار والرفاه والسعادة ويجعلنا من أنصار الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ويتقبل منكم عملكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(21 – شعبان – 1416ﻫ)
محمد باقر الحكيم.
وأنا هنا إذ اختم هذا المقال أؤكد على ضرورة السعي لمعرفة هذا العظيم الكبير، وجهاده الضخم الذي استطاع أن يخلص الشعب من كابوس النظام الدكتاتوري، والانفتاح على عالم الحرية ليكتب تاريخاً جديداً.
ولا يصح الاكتفاء بهذه السطور عند الحديث عن ذلك التاريخ، وإنما يلزمنا أن نعرّف الشعب التأريخ الجهادي الذي قاده السيد الحكيم، الذي حاول النظام المقبور وعمل جاهداً على حجب صوت ذلك الجهاد عن الشعب، فعلى أمل اللقاء بكتابة تأريخ جهادنا خلال العقدين والنصف المنعدمين نترك القلم للاستراحة.
الخاتمة
كان شهيد المحراب (قدس سره) دقيقا في تحليله للنظريات المفسرة لثورة سيدنا الإمام الحسين (عليه السلام) فلم يسلم سماحته (قدس سره) بصحة فرضيات النظريات الخمس المطروحة للنقاش بل فند الفرضيات التي يرفضها العقل كما انه لم يترك ما يبدوا مقبولا منها دون نقد أو تعديل. كما أكد سماحته (قدس سره) على ان ثورة سيدنا الإمام الحسين (عليه السلام) لا يمكن ان تختزل بأي من النظريات الخمس كما لا يمكن ان تبدوا أهداف ونتائج الثورة واضحة المعالم فيما لو اختزلت في أي من النظريات السابقة منفردة.
لذا اعتبر شهيد المحراب (قدس سره) الثورة الحسينية ثورة إلهية غيبية تنصهر في أهدافها ورؤاها كل النظريات التي حاولت تفسيرها وخلص سماحته انه ليس بالإمكان حصر الثورة او اختزالها وفق أيا من النظريات السابقة بشكل منفرد وعبر عن ذلك بان ثورة سيدنا الإمام الحسين (عليه السلام) إنما كانت أطروحة إلهية الموضوع محمدية التصميم حسينية التنفيذ، فالله تعالى أراد من هذه الثورة إن تكون شرعة ومنهاجا لمقارعة الظلم والطغيان والاستبداد لذا استبعد شهيد المحراب (قدس سره) كما ذكرنا سابقا إن تكون الثورة حكما غيبيا مختصا بشخص سيدنا الإمام الحسين (عليه السلام) كما يريد البعض إن يصورها بل هي وان كانت حسينية الأداء والنتائج والآثار إلا أنها ثورة إنسانية الأبعاد والأهداف مصممة للبشرية جمعاء وهذا ما يفسر تفاعل كل ذو عقل مع هذه الثورة.