القرأة الفاعلة للحدث السياسي في خطب الأربعين وبيانات محرم للسيد الشهيد محمد باقر الحكيم

motmar3

القرأءة الفاعلة للحدث السياسي في خطب الأربعين وبيانات محرم للسيد الشهيد محمد باقر الحكيم

م. م. علي مجيد البديري

كلية الآداب – الجامعة البصرة

عام 2008 م

شارك البحث في المؤتمر الفكري الثالث الذي عقدته مؤسسة تراث الشهيد الحكيم (قدس سره) في النجف الأشرف عام 2008م تحت عنوان: (فكر الشهيد الحكيم ودمه الزاكي يضيئان الطريق أمام وحدة العراق ونهضته العلمية).

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطيبين الطاهرين.. وبعد..

عبر انفتاحٍ واع ٍعلى ساحة العمل ومراقبة تطورات الأحداث فيها، كان السيد محمد باقرالحكيم (قدس سره) يقارب معطيات الواقع الإسلامي وتحولاته متوخياً الشمولية في استيعابه واقتراح تقويمه.

وبقراءة أولى لخطب الشهيد يمكن ملاحظة ذلك فيها بيسر وسهولة؛ ذلك أن الركيزة الكبرى التي تقوم عليها هذه الخطب هي عمق التواصل مع حركة الحدث في مساراته الزمنية والمكانية بوعي وتفاعل جادين ومثمرين.

تكتسب (خطب الأربعين وبيانات محرم) أهميتها من رافدين كبيرين: الأول: المناسبة والمقام، أي: الزمان والمكان؛ فهي تتخذ من ساحة الثورة الحسينية الكبرى فضاءً لتشكلها، مستثمرةً ما تجسده هذه الثورة من دلالات كبيرة متوالدة في التضحية والجهاد والثبات على الدين رغم قلة العدد والعدة.

وقد حرص السيد (قدس سره) على إحياء هذه الذكرى سنوياً في مدينة قم المقدسة، وفي حرم المعصومة بنت الامام الكاظم (عليه السلام).

واختيار مثل هذه المناسبة لتوجيه النداء وإيضاح الأمور وتحليلها إلى الشعب العراقي أمرٌ له أبعاده الثورية والتعبوية الهائلة، فما زال هذا الشعب يعيش آثار هذه الملحمة التأريخية الكبيرة، ويقرأ دروسها بعقله ووجدانه وسلوكه متفاعلاً معها تفاعلاً حقيقياً[1]. وهذا ما أشار إليه السيد في إحدى خطبه الأربعينية إذ قال: ‏«‏نريد أن نستلهم من هذه الذكرى درساً نفهم به قضايانا المعاشة في هذه الأيام‏»‏[2].

أما الرافد الثاني الذي يمنح هذه الخطب خصوصيتها هو استنادها إلى منظومة فكرية إسلامية تلتصق بواقع المجتمع الإسلامي وتدأب على معاينته وقراءته قراءة حوارية، تستنطق كل مكوناته، وتفعِّل فيه عوامل التجديد والمشاركة في صنع الحياة الطيبة.

ومن هنا تناولتْ هذه الخطب إنجازات المسيرة الجهادية للمقاومة الإسلامية، وأحداث الشأن العراقي في الداخل والخارج تناولاً دقيقا.

إن مما يجب فيما نسميه بـ«القراءة الفاعلة للواقع ومعطياته» أن تبدأ فعلها بعدّة ثقافية واسعة، وأن تتسم مكونات هذه العدة بترابطها ترابطاً عضوياً وجدلياً عبرعمليةِ تغذيةٍ متبادَلةٍ ومستمرةٍ وفي جميع الأبعاد بين هذه المكونات؛ فالفكر يمنح التجربة أساساً عقلياً ووضوحاً في الحركة والتوجه، والتجربة بدورها تعمق قناعات الفكر وترسخها من خلال اختبارها على أرض الواقع، وبالتالي يتحقق التماسك والترابط العضوي بين مكونات القراءة الفاعلة ومرجعياتها. وكل ذلك قائم على فهم إسلامي واضح منطلَقهُ النصوص الشريفة: «‏العالم بزمانه لا هجم عليه اللوابس‏»[3] و«‏كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته‏»[4] وكذلك النص الشريف ‏«‏…العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل عنه‏»[5].

إذن، القراءةُ الفاعلةُ التي نقصدها هي قراءةٌ علميةٌ ورؤيةٌ تشخيصيةٌ نقديةٌ تعتمد على منظومة من المرجعيات، وهي واعية بفضائها (المكاني والزماني) مستوعبة لتركيب إطروحتها المقترَحة لعلاج حالةٍ ما في واقع معين.

كما أنها ليست قراءة (إستهلاكية) تعتمد الأفكار والمعلومات الجاهزة دون أن تقوم هي بإنتاج أفكارها الخاصة والجديدة، والمتشكلة عبر وعي العلاقة الجوهرية بين التجربة والفكر.

وعلى صعيد حضور الذات القارئة أوغيابها في القراءة الفاعلة فإن الأخيرة ليست بـ(ذاتية مطلقة) أو (إنطباعية مستقلة) تحمل ملامح القارئ ورؤاه الذاتية فقط، بل هي قراءة الذات الإسلامية، وبمعنى أكثر وضوحاً قراءة (الذات / الاسلام) المتناغمة للحدث دون أن تكون هناك مسافة فاصلة بينهما من حيث المنهج وطرق التشخيص والمعالجة.

إن التصور الإسلامي عن العالم ‏«‏لا يدع للإنسان خياراً عملياً إلا أن يلتزم الآيدلوجية الإسلامية التي هي وليدة طبيعية للتصور الإسلامي عن الواقع‏»[6]. ولذلك وبعد أن يستعرض السيد (قدس سره) في إحدى خطبه ثبوتية المشكلة الحقيقية للمقاومة مع النظام العفلقي بوصفها مشكلة الشعب العراقي وأنها مرتبطة بالعقيدة والمبادئ وبالإسلام نفسه، ينتقل ليبين سمات المنهج الذي يستند إليه هذا الموقف، فيقول: ‏«‏.. نحن الآن نخطط بالشكل الذي ينسجم مع الموقف الشرعي، ومع الموقف الواقعي القائم على الأرض من أجل تحقيق هذه الأهداف، ونعتقد بأن حضور الأمة والجماهير والعلماء والمبلغين والكوادر الإسلامية في الساحة شرطٌ ضروري لتحقيق هذا الهدف ولإنجاح هذه الخطة‏»[7].

ولا تكاد تخلو خطبة من تأكيد الولاء وتجديد العهد مع المبادئ والقيم والمثل الحسينية الإسلامية، فهو ‏«‏عهد مع التضحيات والآلام، ومع مسيرة الإسلام عبر التأريخ، عهد مع الوعد الإلهي: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)[8]‏»‏[9].

العلاقة بين الفكر والعاطفة عند السيد محمد باقر الحكيم

لقد حرصت الشريعة الإسلامية على أن تربط التنظير بالعاطفة عبر مسارها الحركي، وإعلامها الرسالي. دون أن يعني اعتمادها العاطفة أنها تستند إلى متغيرٍ هش، بل هي مبنية على فكرٍ ومعرفةٍ منطلقها الرؤية الإسلامية بتكاملها وشمولها، بحيث يكون الإعتقاد مقروناً بالشعور والعاطفة الحية، فلا مخالفة ما بين المنطلقات النظرية للإعتقاد والشعور، فكلاهما يتسمان بالثبات والوضوح.

إن العاطفة هنا عاطفةٌ رساليةٌ عقيدية بعيدة عن الإنفعال السطحي المؤقت، هادفة وعميقة وإيجابية إلى أبعد وأقصى حد[10]. فحينما يقف السيد الحكيم (قدس سره) خطيباً في أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) في 31 /8/1991، أي: بعد الإنتفاضة الشعبانية بأشهر قليلة، يؤكد هذه الصفة التلازمية بين العاطفة والفكر، فإحياء الذكرى الحسينية لا يتم إلا عبر الثبات على العهد والبيعة لدماء التضحية والفداء من أجل الإسلام وعزته[11] ولا يكون استشعار المأساة الكربلائية إلا من خلال الولاء الثابت للخط الحسيني، وتصعيد روح المقاومة وتنظيمها، وتوسيع رقعتها إلى الشكل الذي تكون فيه مؤهلة لتحقيق النصر. ويشدد (قدس سره) على الإستفادة من تجربة الإنتفاضة ودروسها ويعدّها تجربةً «حية وعظيمة» على الصعيدين الداخلي والخارجي للعراق.

ملامح المشروع السياسي للمقاومة الإسلامية في العراق

وفي خطبة أخرى[12] يرسم الشهيد (قدس سره) حدود المنهج الذي تتبناه المقاومة المسلمة في الساحة العراقية، فيؤكد في أول كلمة له على الإنطلاق من المبادئ والقواعد الثابتة في المنهج الإسلامي المتمثل بالموقف الشرعي في مقاومة الطغيان والإستبداد، والمُستلهَم من الثورة الحسينية ومواقف العلماء العظام ودروس الإنتفاضات الإسلامية في العراق. وتتماهى هذه الحدود المنهجية مع الخطوط التي يحددها السيد للمشروع الإسلامي في الإيمان بالله تبارك وتعالى والإرادة المؤمنة القوية والواثقة بقدراتها، وتعبئة الأمة وتوعيتها ثقافياً وسياسياً ووحدة كلمتها وأهدافها وهمومها ثم الإلتزام بالمقاومة المادية والمعنوية بما يتوافق مع الظرف والفرص المتاحة. ويختم خطوط المشروع بالتأكيد على كون الهدف المنشود هو الإصلاح الفعلي و«الحقيقي لا الشكلي والصوري» في الأمة والشعب العراقي.

وهكذا فالقيم والمثل الإسلامية العليا في الخطاب السياسي للسيد الشهيد (قدس سره) لها دور في غاية الفاعلية والحيوية في حياة الإنسان المسلم، فهي الحافز القوي الذي يدفع المسلم لتحويل هذه القيم إلى ممارسة منتجة، ولا بد حينها من حدوث تصادم ٍمع قوى الشر المفسِدة؛ وهذا ما يستلزم تصعيداً نفسياً فائقاً ومستمراً نحو إحداث تحولٍ نوعي في المجتمع بأسره. لذا فإن ركيزتي (الإيمان والحفاظ عليه) هما الإختباران الحقيقيان لمدى عمق الإنتماء للدين الرسالي، وهما المحرك الفاعل نحو التضحية لتحقيق الأهداف الإسلامية السامية.

لم يكن السيد (قدس سره) يغفل في خطبه عن تقييم المسيرة الجهادية للمقاومة الإسلامية والفعاليات القتالية التي ينفذها المجاهدون في أهوار الجنوب وبعض المناطق الشمالية؛ وبشكل مستمر كان يؤكد على ضرورة الحفاظ على القاعدة المعنوية للعمل الجهادي المتمثلة بركيزتين مهمتين:

الأولى: ضرورة الإستعداد النفسي الفائق للمواجهة عن طريق تعميق الإيمان بالله تعالى وبالقضية الإسلامية إلى الحد الذي تصبح فيه آلة التنفيذ (الجماهير) هي ذات القضية والمبادئ.

الثانية: تنظيم العمل الجهادي ونبذ التلقائية والعشوائية التي تجزّء العمل وتشتته إلى الشكل الذي يفقد فيه قيمته وتأثيره.

ولذا كانت ضربات النظام العفلقي تترصد محور الوضع النفسي للذات المسلمة في عملية إضعاف وتفتيت المقومات النفسية للشعب المؤمن.

 إن ثبوت الركيزتين الآنفتي الذكر يفوت الفرصة على نوايا العدو ويغلق بوجهه مجالاً رحباً للإختراق، حيث تصبح الوحدة هي الأداة المستقطِبة والفاعلة في تحقيق الأهداف السامية. وأبرز تجسيد لذلك ما أعلنه السيد في إحدى خطبه الأربعينية من قيامه ‏«‏بخطةٍ واسعةٍ وعلى مختلف الميادين، لتوحيد القيادة السياسية من أجل القضية العامة المركزية، وهي قضية إنقاذ الشعب العراقي‏»‏ وخطة أخرى تهدف إلى القيام بـ«عمل ميداني حقيقي» يكون الإعتماد فيه على أفراد الشعب العراقي في داخل العراق، ويؤكد السيد خطوته هذه قائلاً: ‏«‏نحن نسند وندعو ونؤيد ونخطط ونوجه ونحمي كل عمل من هذا القبيل‏»[13].

وفي قراءته المتفحصة للوضع العام للنظام الصدامي يكشف السيد (قدس سره) عن متابعة دقيقة لحقيقة ما يجري في الساحة الداخلية للعراق، حيث يشخص بعين بالغة الدقة والحساسية الوضع المأساوي لمعاناة الشعب المستضعَف تحت تسلط حكومة ٍهمجيةٍ وحشيةٍ وقامعة[14]. فقد عملت سلطة البعث على إغراق الشعب العراقي المظلوم بطوفان من المعاناة والألم. ومن خلال اختراق الشارع العراقي بكل الإمكانيات والطرق والصور حرص النظام على سلب ومحو أية قدرة على مناقشة أوضاعه، وأصبح التحدث بغير السياسة الرشيدة للقائد (الملهم) أمراً محرماً، فالسلطة الصدامية هي المالك الوحيد لحق التعبير عن الجميع بتفويض ذاتي، والفكر البعثي هو آيديولوجية الجميع شاؤوا أم أبوا.. وبالنتيجة فقد حرص النظام على إشاعة وتكريس ثقافتين لا ثالث لهما: ثقافة السلطة الشمولية، وثقافة التسليم والخضوع. فبلا رأي شخصي أو مشاركة في صياغة ما، كان على الجمهور أن يردد بطريقة ببغاوية ما يقوله النظام، وما مقولتا (النقد والنقد الذاتي) التي تبجح بها النظام إلا خرافة ومصيدة للألسن الشريفة. وقد عملتْ السلطة على تكريس ماكنتها الإعلامية الضخمة لإنتاج وترويج هاتين الثقافتين[15].

إن ثقافة التسلط القمعية هذه مبنية على ما يسميه د. فيصل درّاج في حالات مماثلة بـ(عبادة المثال وعبادة الثبات)[16]، فالنظام البعثي حرص على تكريس الأضواء على مقولاته ورموزه وكلها موحدة وممثلة في شخص الطاغية. فهو مثال وما عداه ناقص الوجود. وعلى العقلية العامة أن تؤمن بثبوت آرائه وصوابها وتسعى بكل طاقتها إلى تطبيقها على أرض الواقع بعبودية مطلقة.

من جانب آخر وبتشخيص دقيق يؤشر السيد (قدس سره) في بيان له وجَّهَه إلى الشعب العراقي بمناسبة حلول شهر محرم الحرام، مشكلةً مهمةً أثارها النظام الصدامي في العراق هي مشكلة التمييزالطائفي، ويوضح أبعاد هذه المؤامرة على الأمة، فغاية النظام من ذلك هي ‏«‏إبقاء الأمة في عزلة من الأحداث السياسية، ولتبقى الطغمة الحاكمة مرتبطة بأهداف المستعمر ومخططاته وهيمنته «…» الأمر الذي أدى الى حرمان الطبقات المستضعَفة من الشعب من تمثيلها في إدارة الحكم والتعبير عن رأيها‏»‏[17] وليس من الغريب على نظام يستمد شرعيته من قوة أجهزة الأمن والإستخبارات القمعية أن يدفع بالنزعات الطائفية والعشائرية والعرقية إلى الأمام ساحقاً كل الولاءات الأخرى كي تسهل السيطرة عليه واستنزاف خيراته ثم يتبج بالأكاذيب من أن المصلحة التي يهدف إلى تحقيقها هي مصلحة الوطن والشعب والأمة وليست مصلحة جزئية أو فئوية[18].

ولحساسية المسألة وخطورتها، كان السيد يوجِّه خطابَه ونداءه إلى كل شرائح المجتمع العراقي لكي تتظافر الجهود «من أجل تعبئة كل الطاقات للجبهة»[19]. وكان (قدس سره) يؤكد على ضرورة أن يتحسس الشعب المسلم الواعي زمنَه الثقيل الذي يمر فيه، والمشبَّع بالتعقيدات والمشاكل والرؤى والأهداف الموبوءة للنظام، وأن يكونوا حذرين متوجسين في تفكيرهم بمستقبل الإسلام المعرض لشتى الإختراقات السياسية والثقافية والإقتصادية. فاستيعاب النموذج الوحشي المتسلط والطارئ على مقدرات الشعب أمر لا بد منه في مهمة تخليص الواقع العراقي الإسلامي من هذه الإجتياحات المهيمنة الظالمة.

دور المنظمات الدولية من تخفيف معاناة الشعب العراقي في فكر السيد محمد باقر الحكيم

 لقد حرص الحكيم (قدس سره) – وعبر تأكيده على القيم الإسلامية مرجعاً كلياً وجماعياً للمجتمع الإسلامي وضمن وعي شامل – على ربط الصراع مع الآخر الكافر المعادي للدين الإسلامي بتفكير المجتمع والتأكيد على جعل الأمة الإسلامية قطباً رئيساً في هذا الصراع، من خلال دعوته المستمرة للشعوب والحكومات الإسلامية الأخرى للوقوف إلى جانب محنة الإنسان العراقي والتخفيف عنه.

وبشكل عملي كانت المبادرات السياسية التي قام بها (قدس سره) جريئةً وكبيرةً؛ كدعوته لتخصيص حصة ٍمن مبالغ النفط العراقية إلى العراقيين المهاجرين والمهجّرين في الخارج ‏«‏وكذلك الدعوة إلى تدخل القوى العربية والإسلامية المعنية بدل من تدخل القوى الأجنبية كالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وغيرهما‏»‏ ويتساءل السيد ‏«‏لماذا تغيب منظمة المؤتمر الإسلامي عن مأساة الشعب العراقي؟ ولماذا تغيب الجامعة العربية، ومنظمة عدم الإنحياز؟.. أليس الشعب العراقي جزءاً من هذه المنظمات، وهو يتعرض إلى عمليات قمع واسعة؟‏»[20]. ثم يؤشر هذه القضية بوضوح أكبر فيقول: ‏«‏نطالب بشدة بحمايةٍ إسلاميةٍ عربيةٍ دوليةٍ إنسانيةٍ للشعب العراقي من عمليات القمع التي يقوم بها النظام ضد أبناء هذا الشعب، وعلى الجميع أن يطالبوا بذلك‏»‏[21]. إن هذه الحماية الدولية هي «واجب حقوقي» وفق القرارات الدولية لمجلس الأمن، وهي كذلك «واجب سياسي» تؤكده البنود الرئيسة للمعاهدات الدولية، ويفرضه الواقع الحركي للشعب العراقي الرافض لتسلط النظام وبطشه[22]. ومن الطبيعي أن يكون لهذا العمل الدؤوب للسيد الحكيم ثمرة كبيرة متوافقة مع جسامة العمل وضخامته، وقد تجسد ذلك في التفاتة الرأي العام الدولي والإقليمي إلى التمييز بين الشعب العراقي المظلوم والمضطهد وبين سلطة النظام، متجلياً هذا التمييز في الدعوة إلى رفع الحصار والعقوبات الإقتصادية، لأنه هو المتضرر الأول والأخير من قساوة الوضع المأساوي الصعب الذي نتج عن هذا الحصار. بينما النظام في منأى عن هذا، بل إنه استغل انهماك الشعب في آلامه وهمومه وراح يسرق خيراته وحقوقه ويوجهها لبناء قصوره وإنشاء مؤسساته الإرهابية العسكرية كـ(فدائيي صدام) و(جيش القدس)، اللذين هما في حقيقتهما تشكيلان غايتهما التلويح بالفتك والقمع للشعب إذا ما حاول التمرد وسعى نحو الخلاص.

ركائز الرؤية السياسية عند السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)

لقد مرّ بنا كيف أن ركائز المنهج الرؤيوي للسيد الحكيم ضاربة في عمق المبادئ الإسلامية السمحاء، فليس غريباً إذاً أن نرى تحققاً واقعياً لرؤية إستشرافية سابقة، تضع بعداً مستقبلياً وتتنبأ بتحققه؛ فمعركة الشعب العراقي التي طالما وضّح السيد أبعادها في خطبه وكتاباته ومواقفه، هي معركة مستعصية على التحديد والحصر. وسياسة الكبت والخنق وغل الأيدي والضمائر للنظام لا تفلح في إبعاد الشعب عن معركته الحقيقية في البقاء والتصريح بحقوقه ومظلوميته. ومن هنا جاء المنهج الذي رسمه السيد للتعامل مع الوضع الداخلي للعراق عملياً وواقعياً بكفاءة عالية، لا تستطيع النظرة الضيقة والتحليل البسيط إدراك أبعاده؛ ذلك أن مقولة مثل‏«‏إطلاق الشعب وتقييد النظام‏»‏ تتطلب رؤية نقدية فاحصة ودراية فائقة بحيثيات العمل السياسي ومكونات خطابه لدى السيد الشهيد.

إن محاصرة النظام وعزله جاءت نتيجة للعمل الجاد في رفع وكشف وتوضيح مظلومية الشعب العراقي الأعزل الواقع تحت همجية نظام وحشي ودموي.. يقول السيد متحدثاً عن هذا المنهج: ‏«‏.. حاول المشككون من هنا وهناك، أن يثيروا حوله الشبهات، ويقولوا عنه: أنه منهج غير واقعي، وهو منهج فك الحصار عن أبناء الشعب العراقي، وإبقاء الحصار على النظام. وقد توفقنا – والحمد لله – حتى الآن في خطوات كبيرة‏»‏[23].

ثم نقرأ بعض تجليات هذا العمل الدؤوب في مكان آخر، وفي خطبة أخرى للسيد، حينما يتناول بالتقييم الوضع الإقتصادي للنظام فيؤشر تدهوره وإخفاقه في معالجة الحالة المأساوية والمعاناة الخطيرة التي تهدد كيانه بالسقوط، إذ يقول: ‏«‏وقد هزم النظام في سياسته الإقتصادية، فعندما كان يعد الشعب العراقي لمدة سنتين بأنه سوف يفك عنه الحصار، ويوما بعد يوم تزداد مأساة شعب العراق جراء سياسات النظام. ثم يحارب أبناء الشعب العراقي في قوتهم اليومي وفي محاصيلهم الزراعية..‏»‏[24]. وتحت شعار الإعتماد على أجهزة الدولة والإقتصاد الإشتراكي أخذ يحث الفلاحين المنهكين على الإنتاج تارة، ويلوح لهم بالهراوة تارة أخرى، في عملية فاشلة قصد من ورائها سد النقص الكبير في إنتاج المحاصيل الإستراتيجية المهمة كالحبوب وغيرها. وإخفاءً لهذا الفشل وتشويهاً للحقائق دأبت وسائل الإعلام الصدامية على تصوير مثل هذه الإنجازات على أنها منافذ قوة واقتدار قد فُتِحَتْ على الشعب العراقي في تجربته الفريدة في (أم المعارك)، وأن هذه المنافذ ستنعكس آثارها الإيجابية على البناء الوطني والقومي المنشود. وقد رأينا اليوم بعين اليقين خواء هذه الإدعاءات وتهافتها السريع أمام صلادة الواقع وأحداثه.

في صورة أخرى من صور القراءة الحركية والفاعلة للحدث السياسي تشخيصاً وتحليلاً ومعالجة، تناول السيد (قدس سره) حدثين بارزين ومهمين في خطبتين منفصلتين[25]، مناقشاً أبعادهما وانعكاسات آثارهما على الأوضاع المختلفة، ومحدداً وراسماً سبل المعالجة وخطوات الموقف المطلوب بصورة واضحة ودقيقة. والحدثان رغم انفصالهما الزماني والمكاني إلا أنهما يشتركان في صفة القوة والتأثير كحدثين كبيرين ترتبط بهما جملة من الأسباب والنتائج:

الحدث الأول: تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي المرقم (598) الذي وضع نهاية لحرب النظام مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث عدّها السيد نقطةَ تحول كبيرة في الأوضاع والمواقف. ووقف عندها متأملاً حقيقتها وما تخفيه خلفها من ملامح مغيَّبة؛ فيكشف في خطبته عن مراوغة النظام وتحايله على القرار من أجل أن يكسب الوقت ويخطط لفرصة قادمة ينقض فيها على الإسلام والثورة الإسلامية ذلك ‏«‏لأن صدام المجرم يقوم بحربه الآن ضد الشعب العراقي المسلم وضد الإسلام في العراق بشكل واضح‏»[26]‏. لذا فلا بد من مواصلة القتال والمقاومة وعلى كافة الأصعدة وبمختلف الأساليب ‏«‏لأن إمام الأمة في الوقت الذي أعلن فيه عن موافقته على قبول قرار 598، أعطى للأمة الإسلامية وللشعوب المستضعَفة والمضطهدة، ولكل المؤمنين، الخط السياسي والجهادي الذي يجب أن يستمروا عليه، خط مقاومة الإستعمار والإستكبار‏»‏[27].

ويشخّص السيد الكيفية التي أخذ بها هذا الحدث مستوى الإنعطافة والتحول في المسيرة الجهادية للمقاومة الإسلامية، فيذكر بإيجاز خلفية الحدث من تآمر الإستكبار العالمي على الثورة الإسلامية واستعانته بالنظام العفلقي وعصابته القمعية، لكي يكون سداً وخطاً مواجهاً للنظام الإسلامي في إيران في الوقت الذي كانت فيه الجمهورية الإسلامية تمر بحالة حرجة على المستويين الإقتصادي والعسكري. ولكن قيادة الإمام الخميني (قدس سره) وصمود الشعب الإيراني المؤمن كان وراء تحقق الإنتصار الكبير للثورة والنظام الإسلامي. ثم يؤكد السيد ضرورة الإلتزام بالأخلاق الإسلامية والصبر والصمود وحسن الظن بالله تعالى في بناء القاعدة القوية للحركة والثورة والدفاع عن الإسلام والشعب العراقي المسلم.

بعد توقف الحرب أخذت المقاومة الإسلامية بالتنوع، ودخلت ميادين لم تدخلها بثقل كبير سابقاً من قبيل ميدان العمل الإعلامي الواسع، وميدان العمل السياسي في الأوساط الدولية وأوساط الشعوب الإسلامية، وقد عكست هذه التحولات النظرة الشمولية للسيد (قدس سره) وعمق إدراكه للصلة التلازمية والتكاملية ما بين العمل الجهادي العسكري والعمل السياسي، يقول: ‏«‏.. لابد أن نعبيء طاقاتنا من أجل أن ندعم أولئك المجاهدين في داخل العراق، وندعم التحرك السياسي الإسلامي في داخل العراق، وهذه قضية مهمة جداً لابد أن نفهمها ونستوعبها بشكل كامل‏»‏[28].

أما الحدث الثاني: فهو «تفجير برجي مركز التجارة العالمي في أمريكا» في الحادي عشر من أيلول 2001، حيث ألقى هذا الحدث بظلاله على متغيرات خطيرة في المنطقة العربية بعد أن أطاحت قوى الإستكبار بحكومة الطالبان في أفغانستان. فقد أصبح النظام البعثي هدفاً للحرب ضد الإرهاب حيث أخذت الإدارة الأمريكية وحليفاتها من القوى الأخرى، تخطط لعمل ٍتغييري في العراق، ووضعتْ لذلك تصورات وأشكالاً ‏«‏وهي أشكال خطيرة تتراوح بين تغيير رأس النظام والإتيان ببديل عنه، أو الإنقلاب العسكري في الداخل، أو الغزو البري… أو الإستعانة بقوى المعارضة العراقية.. وكل ذلك يكون مصحوباً بضربة جوية قوية على الطريقة التي تمت في أفغانستان‏»‏[29].

وبثمانية نقاط، وضّح السيد بعد استعراضه وقراءته لهذا الحدث، الموقفَ الإسلامي تجاه الأهداف الأمريكية، وأشار في أولى هذه النقاط إلى أن مسؤولية التغيير في العراق هي مسؤولية الشعب العراقي، وأن على جميع الدول العربية والإسلامية ممارسة الضغط على نظام صدام كي يتخلى عن السلطة، وأكد في مضامين باقي النقاط رفع شعار «أوقفوا الإضطهاد والدمار في العراق» قائلاً: «هذا هو شعارنا»[30]، وطالب المجتمع الدولي بحماية أرض العراق من التجزئة وشعبه من الفتك وإرهاب صدام وبطشه.

وفي نهاية خطبته، طرح مسألةً في غاية الضرورة والأهمية والحساسية؛ حيث دعا إلى عقد اجتماع سريع لقوى المعارضة العراقية دون تدخل ٍمن أية قوة خارجية، واصفاً إياه بـ«الإجتماع العراقي الأصيل» ‏«‏من أجل أن تقرر الموقف الواحد تجاه الأوضاع التي يخوضها ويترقبها العراق‏»‏[31].

إن هذا التحليل لا ينقل تصوراً حذراً بشأن مستقبل الأحداث الجارية فقط، وإنما يتضمن إشارات أولية تضيء الإحتمالات العكسية تشخيصاً ومعالجة، وبشكل ٍينبئ عن استشراف رؤيوي عميق يستنطق وعي المخاطب، ويحافظ على انتباهته والتصاقه بأهمية الحدث وخطورته واستيعابه بشكلٍ جيد.

بعد هذا الرصد السريع لملامح وسمات القراءة الفاعلة للحدث السياسي في (خطب الأربعين وبيانات محرم)، يمكن لنا أن نؤشر ملاحظات (أولية) لا تختتم البحث والإستنتاج بقدر ما تفتح باباً آخر – إن لم تكن أبواباً – للتأمل والدراسة في هذا الكتاب المهم:

1 – تؤكد الخطب في قراءتها للواقع عبر معطياته، الإهتمام المكثف للسيد بمتابعة مستجدات الساحة العراقية والعالمية، إنطلاقاً من وضع الأحداث في إطارها النَسَقي العام لتحقيق التشخيص السياسي الدقيق، ووضع الآليات المناسبة للتعامل مع الحدث الجديد، أو اتخاذ الموقف المناسب منه أي: أن هذه المواقف تنطوي على إدراك موضوعي لطبيعة العلاقة بين (المقام والمقال) فهي غير مشروطة بديمومة التطابق المستمر في المواقف المختلفة. وكانت قراءته (قدس سره) شمولية بشكل كبيرٍ، يؤكد قوتها الفاعلة، فهو حين ينطلق من الواقع والحدث المعاصر في قراءته لا يغفل قراءة التأريخ، والإستعانة بشواهده الكبيرة، قراءةً متتبعةً لكل أبعاده وسننه.

إن الرؤية هنا تستمد قوامها وشرائط تحققها في ساحة الحدث، من وعيها بعضوية المسار التأريخي للوجود؛ فحركة الماضي وتحولاته مرتبطة ارتباطاً عضوياً وثيقاً بالحاضر وخطواته الحثيثة نحو المستقبل. وهو في هذا كله يؤكد، من خلال تشخيصه للواقع المعاصر وقراءته للماضي، على البصيرة الواثقة بإدراك ما تراه وتشخيصه، والمتفائلة بما تقترحه من صورةٍ للمستقبل.

إن الجانب المدروس في الخطب والبيانات يكشف عن جزء من نظام فكري شامل يضم جملةً من التصورات والمفاهيم والرؤى عن الواقع الإقتصادي والسياسي والديني في العراق.

واستطاع السيد (قدس سره) أن يؤشّر بوضوح قوة نقاط الضعف والخلل في النظام البعثي المتسلط، بشكل دال على عمق تجربته ودقة تشخيصه وتحليله.

2 – لقد اتخذت القراءة الفاعلة في هذه الخطب والبيانات نمط
(الخطاب المباشر) الذي يعتمد في بنيته على الحوارية مع المخاطَب

مبتعداً عن الكثير من التقنيات البلاغية. وعلى الرغم من ذلك لا تخفى بعض مظاهر فنية التعبير في خطب السيد (قدس سره) وبياناته، ولكن هذا الأمر غير مقصود لذاته، فالمنهج الإسلامي الذي يتبناه السيد والذي تنتظم بنية رؤاه وفق حدوده، يدفع بخطابه إلى الإرتفاع عن الذات والقيم التي لا يحتاجها الحاضر الإسلامي بشكل ملح وضروري، فيؤكد في مفرداته بما تحمل من قلق مصيري ومعرفة منفتحة على التجربة، والعمل على بنية المعنى والموضوع في الخطبة والبيان لا على شكله وبنيته الظاهرية، رغم أنه لا يهملها تماماً.

3 – إن خصيصة هذه الرؤى تكمن في انفلاتها من حدود المعطى الآني إلى الدرجة التي تبقى بها حية تفيد القارئ والباحث في استكمال صورةِ ما كان يحدث عبر اشتمال هذه الرؤى على انطباع متوازن، يسهم في التوجيه الصحيح لذهن القارئ، وهي رؤى جاءت من شخصية جمعت بين الإيمان الصادق ورهافة الحس وصدق التجربة والمعاناة واتساع الثقافة.

 وأخيراً

   البحث ورقة موجزة من دراسة موسعة تتناول «الخطاب السياسي وبلاغة الرؤية عند السيد الشهيد (قدس سره)» يأمل الكاتب إنجازها في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى.

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطيبين الطاهرين.

الإحالات

كتاب خطب الاربعين وبيانات محرم الحرام، صدر عن دار الحكمة – القسم الثقافي، قم المقدسة، الطبعة الأولى – 1424ﻫ. ضم إحدى وعشرين خطبة وعشرة بيانات توزعت على مساحة زمنية ما بين عام 1981 و2003 حيث تاريخ آخر بيان ضمه الكتاب.



[1] ينظر: الشعب العراقي وملحمة كربلاء: السيد محمد باقر الحكيم، ‏منشورات دار الحكمة  – قم المقدسة، د ت، ص: 9.‏

[2] خطب الأربعين: 54. ‏

[3] الكافي للكليني: ج1، ص27، كتاب العقل والجهل، ح29. ‏

[4] بحار الأنوار للمجلسي: ج72، ص38، ب 35 ضمن ح36. ‏

[5] الكافي للكليني: ج1، ص44، كتاب العقل والجهل، ح2.

[6] الدولة الإسلامية دراسات في وظائفها السياسية والإقتصادية: ‏الشيخ محمد علي التسخيري، إصدار مجلة التوحيد، ط1  – 199، ‏ص: 134. ‏

[7] خطب الأربعين: 58. ‏

[8] الأنبياء: 105

[9] خطب الأربعين: 58. ‏

[10] ينظر: فصول رسالية: آية الله أحمد البغدادي، ط1، مؤسسة ‏الباقر – بيروت، 1995: 70 – 73.

[11] ينظر خطب الأربعين: 61 وما بعدها. ‏

[12] المصدر السابق: 123 – 124. ‏

[13] خطب الأربعين: 88. ‏

[14] المصدر السابق: 44، وينظر منه كذلك ص: 67، 79، 85، 115.‏

[15] لغرض الإستزادة يمكن الرجوع إلى: تشريح الإستبداد، النظام ‏العراقي نموذجاً: إسماعيل شاكر الرفاعي، دار الكنوز الأدبية – ‏بيروت، ط 1، 1999: 44 وما بعدها.‏

[16] ثقافة القمع وثقافة الثورة: د. فيصل دراج.

[17] الديمقراطية والثقافة: مجموعة مقالات، ص: 7.

[18] ينظر خطب الأربعين: 172. ‏

[19] في خطبة أخرى يوجه فيها السيد (قدس سره) نداءً للجيش، يشير الى ‏إثارة النظام لمشكلة الطائفية الدينية، وينبه الأخوة من أبناء السنة أن ‏«لا يوجد بيننا وبينكم خلاف، فلم يعرف العراق في يوم من الأيام ‏صراعاً بين الشيعة والسنة، وإنما جاء النظام ليفرقنا… لأن النظام ‏عدو لنا جميعاً، وعلينا أن نكون يداً واحدة في مواجهة هذا الطغيان». ينظر الخطبة ص: 64. ‏

[20] خطب الأربعين: 24. ‏

[21] المصدر السابق: 117. ‏

[22] المصدر السابق: 119. ‏

[23] خطب الأربعين: 123.

[24] المصدر السابق: 104. ‏

[25] الأولى بتاريخ 1/10/1988 و2/10/1988، والثانية بتاريخ 3/5/2002.

[26] خطب الأربعين: 79. ‏

[27] المصدر السابق: 47. ‏

[28] خطب الأربعين: 42. ‏

[29] خطب الأربعين: 52. ‏

[30] المصدر السابق: 130. ‏

[31] المصدر السابق: 131 – 132. ‏

اكتب تعليق

كافة الحقوق محفوظة لمؤسسة تراث الشهيد الحكيم، ولا يجوز الاستفادة من المحتويات دون إذن خطي.

الصعود لأعلى